رقصة الكيكي

من كان يشك في صدق رسالة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وأنه نبي مرسل من عند ربه الذي يعلم السر وأخفى وأنه بأبي هو وأمي لا ينطق عن الهوى بل يتحدث من علم آتاه الله علام الغيوب إياه، نعم فقد أخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ )).

فهاهم شباب الأمة ما أن تأتي بدعة من قبل الغرب ألا يكونوا أول من يطبقها بل أحيانًا قبل الذين ابتدعوها ظنًا منهم أنهم سيرتقون بهذا العمل إلى مصاف تلك الأمم حضاريًا، ولقد تعجبتُ كثيرًا من أمر يحدث في طول العالم الإسلامي وعرضه من شباب لم يحسبوا حسابًا لقيمهم وعاداتهم وعقيدتهم؛ نعم فياشباب الأمة إن “الكيكي” رقصة لا تمت إلى الرجولة بصلة أبدًا، وإنما يرقصها قوم ملأ الفراغ كل وقتهم حتى لم يجدوا وقتًا يملؤونه بما يفيد وينفع، ليس لهم همة أو غاية ينتفع بها مجتمعهم، ينامون ملأ جفونهم ثم يستيقظون بلا هدف ولا غاية ومتى كانت رقصة الكيكي من الأمور التي يفتخر بها الإنسان السوي الذي لم يخالط عقله الهراء والسخافة وحب التقليد الأعمى واهتزاز أن لم يكن عدم ثقة بما لديه من قيم وتقاليد هو يراها بالية لا تشرف من ينتمي إليها، وإذا انحدر شباب الأمة إلى هذا المستنقع من التفكير فقل على الدنيا السلام.

وقد عرف الغرب نفسيات بعض شبابنا الفارغ من الداخل؛ كالطبل أجوف يمتلئ جوفه من هبة أي ريح؛ فأخذوا يسخرون منهم بهذه الترهات التي تعافها كل الأمم التي تنشد التقدم والرقي في شتى مجالات الحياة، وكم تمنيت لو أن هؤلاء الشباب قد قلدوا الغرب فيما ينفع من صناعات وتكنولوجيا ومحاولة فك طلاسم نظريات بقيت عشرات السنوات مبهمة وتحتاج إلى عقول واعية ذكية تبين ما فيها من خلل وثقوب (تكفي لمرور شاحنات) كما قال أحد الذي وصفوا بعض النظريات التي آمن العالم بها إيمانًا مطلقًا لم يؤمن به حتى أصحاب النظريات أنفسهم.

فياشباب أمتنا إن رقصة الكيكي ليست لكم، ولن تظهر للعالم أنكم متحضرون مهما أجدتم وأبدعتم وتفننتم فيها؛ بل تظهركم للعالم كإمعاتٍ تأخذون كل ما يطرأ بدون وعي أو تفكير.

نحن لسنا بحاجة لشباب يرقص الكيكي؛ بل نحن بأمس الحاجة إلى شباب يزاحم العالم في شتى العلوم النافعة التي تخدم أمته ووطنه ومجتمعه والعالم بأسره.

حكّموا عقولكم، بينوا للعالم أنكم تستطيعون أن تصدروا لهم ثقافة يستفيدون منها ولديكم الكثير، فأمتكم ليست فقيرة ثقافيًا كما تظنون، وكما نما إلى عقولكم، والله لقد ضحك العالم منا كثيرًا.

ألم يأن الأوان بعد أن نجعله يقف مشدوها متعجبًا باحترام لنا ومما لدينا من ثقافة؟ فوالله إن العالم ينتظر فقط متى تستيقظون لذا يعمل الخائفون منهم على تخديركم بهذه الترهات التي يرسلها إليكم كل حين كي تظلوا نائمين مغيبين يحدوكم الكسل والبطالة العقلية وتسيطر عليكم الهزيمة الروحية.

ألم تشبوا عن الطوق بعد؟ ألم تُفطَموا من رِضاع التقليد الأعمى غير الواعي؟ والله لقد تعب المصلحون وكاد أن يصيبهم اليأس؛ فاستيقظوا أم أنكم قد صدق فيكم الشاعر معروف الرصافي حين قال:

يـا قـومُ لا تتكلمـوا
إن الكـلامَ محَـرّمُ!

ناموا ولا تستيقظـوا
مـا فـاز إلا النـوّم!

وتأخروا عن كل ما
يقضي بـأن تتقدمـوا

ودعوا التفهم جانبًا
فالخيـرُ أن لا تفهمـوا

وتثّبتوا فـي جهلكـم
فالشـر أن تتعلمـوا

لا، أنتم لستم كذلك؛ فأمتكم تعقد عليكم بعد الله الآمال؛ فاستيقظوا من سباتكم الذي طال حتى جاوز سبات أهل الكهف، نسأل الله أن يردنا إليه ردًا جميلًا .

إبراهيم يحيى أبوليلى

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “رقصة الكيكي

الانصاري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البدايه اتقدم بجزيل الشكر والثناء للاستاذ الفاضل بالكتابه عن كل ما يهم الجميع من متغيرات سلبيه تطرا من وقت الى اخر على المجتمع من باب التقليد والتبعيه التى لا تتفق مع العقل والمنطق للانسان السوى
استاذنا الفاضل ان رقصة الغباء والبلاهه والسخافه (كيكى) التى اجتاحت عاصفتها المدمره مراهقينا لينساقوا خلفها بدون تفكير ووعى في التبعات والعواقب وكانه ليس لدينا ما يكفى من المعانات والمواجع من الحوادث المروريه فاي تحدي ومغامره مجنونه هذه التى نتاجها موت محقق فلماذا هذا الانسياق العدمي خلف كل فعل ومظهر ياتي الينا نحن لسنا امة ضاله تائه امة ببغاوات لا ارادة لها تقلد الامم الاخرى دون وعي وتفكير نحن امة لها رسالة هادفه وساميه ونبيله وهي تحقيق الخير للبشريه في كل المجالات امة تقود الامم ولا تقاد حفظ الله الجميع

متعب الصعيدي

صدقت
التقليد صار هو سمة شباب اليوم
ما أن تظهر في الكفار تقليعة إلا هبوا فيها
وليس آخرها تقليعة قصات القزع المقززززة جداً
ورغم النهي عنها إلا أن أبناءنا كأن هذا النهي لا يعنيهم
وسبحان الله لو كان سنة لما فعلوه.

اوجاع كاتب

سيدي وراء كل ابن فاشل اب فاشل ووراء كل فتاة فاشله ام فاشله فعلينا ان نتوقع الاسواء لا ننكر بان الصلاح والهدايه من الله وكما نعلم بان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضه ولكن هناك تربيه صحيحه وسليمه وهناك قدوه فاذا فقدت القدوه والتوجيه الصحيح فسوف يكون هناك جيل فاشل وهذا الجيل الفاشل سوف يكون نتاجه جيل سيئ وكما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام في ما معناه كل مولود يولد على الفطره فأبواه اما يهودانه او ينصرانه او يمجاسنه وهؤلاء الشباب هم ضحيه تربيه فاشله
سيدي لك منى اجمل التحايا والتقدير على هذا الطرح الرائع والهادف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *