كانت الحياة رغم بساطتها وقلة موارد أهلها واعتمادهم على محاصيل الزراعة القليل والثروة الحيوانية المحدود واعتمادهم على أنفسهم وأبناءهم في العمل ولا توجدعمالة تساعدهم بهذا الحال ، ولكن كان يوجد التكافل الاجتماعي بين الأسرة والقبيلة ، تعامل يسوده الصدق والمحبة الصادقة في هذه الديار وتلك؛ حتى نحس أن بيت الجارنا هو بيتنا الثاني وجارنا هو والد لنا جميعاً ، تشعر منه الحنية والحرص على صلاح الأبناء مع انشغالهم بالسعي للحصول على لقمة العيش ..
هذه هي الحياة في الحقبة السابقة .. وفي هذا الزمن هناك مفارقات كبيرة بينها وبين سالفتها ..
لقد منَّ الله علينا بالخير الوفير من أرزاق وصحة في الأبدان وأمن وأمان في الوطن وهذا بفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة والتوجيه السليم من ولاة الأمر ولكن يبدو أننا لا نشعر بهذه النعمة والتي حبانا الله بها ومن خلال تصرفاتنا وتبذيرنا وبعدنا عن تفقد إخواننا وجيراننا وأقربائنا والسؤال عن أحوالهم ومساعدتهم لمن أنعم الله عليه بالمال وزيارتهم لمن وفقه الله لكسب الأجر.
إخواني نرى كثير من التبذير في مناسباتنا وعزائمنا التي ننفق فيها كثير من الأموال دون حاجة إلى هذا الأمر ، فتكريم الفقراء بالسؤال عن أحوالهم وتكريم الآباء والأمهات بزيارتهم والدعاء لهم ، وتكريم الأبناء بالتوجيه السليم وبما يرضي الله ورسوله ، فلو تم تكريم الأبناء من أهلهم وجماعتهم بالاجتهاد في مساعدته للزواج لإكمال دينه أجدى من الهدايا والدروع والسيوف والذبائح التي يحصل فيها الإسراف ورمي النعمة في الحاويات أكرمكم الله.
والله ما يصرف في معظم المناسبات وأغلبها يكفي لبناء منزل لأسرة محتاجة أو سكن لأيتام أو مساعدة أسرة فقيرة .
إن زيارات الأقارب والجيران والسؤال عنهم تكشف لك مدى احتياجهم علماً بأن قلة منا يقوم بهذه الزيارة في وقتنا الحاضر إن لم تكن معدومة حتى أن بعض الناس يستغرب هذه الزيارة ويتساءل لو لم يكن له حاجة في فلان لما جاء لمنزله .. سبحان الله ما كان مألوف بيننا سابقاً الان مستغرب ، ماذا حصل في هذه الدنيا ؟! والله لو طلب منا المشاركة في حفلة شيخٍ يُنَصَّبْ أو تكريم ابن تخرج أو احتفال هنا أو هناك كلنا يهب للمشاركة حتى الفقراء يطلب منهم المشاركة دون مراعاة لأحوالهم .. كيف هذا ؟ ولو طلب منا رعاية مساكين أو فقراء أو أيتام لبناء منزل أو مساعدتهم بإكمال احتياجاتهم ونحن نعلم أحوالهم ترى منا الكثير يتكاسل عن هذا الأمر بحثاً عن الشُهرة ولايعلم بأن ما عند الله أبقى ..
خلاصة كلامي .. التفتوا إلى تفقد الجيران والفقراء والمساكين وسبل الوصول إليهم ميسرة لأن الشهرة في الدنيا لا تدوم .
قال تعالى : ( وما تقدّموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خير وأعظم اجرا) الآية .
هذا ما أتمنى الوصول اليه .. والله من وراء القصد.
عبدالمحسن عبدالرحيم الشيخ
مقالات سابقة للكاتب