الحمد لله الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على نبينا محمد خير مَنْ مات وبعد:
لا يختلف اثنان على أن فاجعة الموت مصيبة عظيمة، يألم لها القلب ويحزن مصيبة تُبكي النفوس وتُدمع العيون !
وعلى قدر الفقد يكون الألم والحزن، لقد جاءت الرسالة مساء الجمعة الماضية تحمل خبراً حزيناً، ومصاباً عظيماً..
توقفت عند الخبر كثيراً دون حراك، ثم قرأت الرسالة مرة تلو الأخرى راجياً من الله أن يكون هناك لبس عليّ في الاسم أو خطأ.
لكنها كانت الحقيقة المُحزنة، فتذكرت قول الله عز وجل :( كل نفس ذائقة الموت ) وقوله سبحانه مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم :( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون )
فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله على قضائه وقدره فبدأتُ أسترجع صفات الفقيد الغالي (عبدالله )العظيمة ومحاسنه الجميلة التي قد لا يتسع المقال لذكرها ولا يساعد عظم الخطب لسردها، ولكن من باب ما لا يدرك كله لا يترك جله.
أقول كان الفقيد ( عبدالله بن عابد الصحفي ) أخاً عزيزاً غالياً على قلبي حيث جمعتنا أول مرة مقاعد الدراسة في المرحلة المتوسطة فعرفته عن قرب وتيقنتُ من كل صفاته وخصاله.
عرفت (عبدالله ) مدرسة في حُسن الخلق ومازال كذلك حتى توفاه الله، متحلياً بالحياء الجميل، والأدب الرفيع صاحب سمت وبشاشة، ولِين جانب وابتسامة قد حباه الله فطنة وذكاء فكان أكثر أقرانه علماً و معرفة ، فلم يزده ذلك إلا تواضعاً وكرماً وعطاءً.
كان يساعد جميع زملائه في شرح وتبسيط ما صعب عليهم ويجيب على أسئلتهم ، ونقاشاتهم حتى لو كان ذلك على حساب وقته وفُسحته !
فيَا له من كرم وَيَا له من إيثار على النفس، لقد أحب الجميع فأحبه الجميع عرفتُه يحترم الكبير ويرحم الصغير لا يخاصم أحداً ولا يجرحه فإن طاب له الجلوس بقي وإن لم يطب له استأذن في هدوء واحترام ولا أعلم عنه مخاصمة ولا بغضاء، بل المحبة تملأ قلبه والتسامح ديدنه.
أين ومتى قابلته وجدت في محياه فرحة اللقاء وسلام الأشقاء، وحديث البسطاء يهديك من الكلام أعذبه ، ومن الود أصدقه ومن الطيب أعطره.
عرفتُ أبا أحمد يخاف الله ويخشاه ، يسارع في الطاعات وفعل الخيرات ، ويبتعد عن المعاصي والمحرمات، تاركاً كل ما يشين النفس ويعيبها، هذا غيض من فيض مما عرفت عن أبي أحمد رحمه الله تعالى وأعتذر عن كل نقص وخطأ فالحال والزمان لا يسمحان بأكثر مما كان.
فيارب يا عظيم يا كريم يا رحيم ارحم عبدك ( عبدالله ) واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة اللهم عوضه عن متعة أيامه التي أراد أن يعيشها بمتعة دائمة وجنة عالية اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات رحمة وغفراناً يا أكرم الأكرمين وَيَا أرحم الراحمين.
اللهم أحسن العزاء لأهله وعظم لهم الأجر ، واجعلهم من المسترجعين الحامدين، و جملهم بالصبر والسلوان، وعوضهم خيراً يارب العالمين اللهم بارك في عقبه وأحفظهم واصلحهم واصلح بهم واجعلهم من السعداء المباركين.
موسى أحمد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب