مصر التي رأيت …

في  10 ديسمبر 2014 وحين عزمت السفر إلى مصر الحبيبة في رحلة أشبه ما تكون برحلة استكشافية استطلاعية سياحية قرأت عن مصر ومدنها ومحافظاتها ونيلها وشعبها ومتاحفها ومعالمها حتى أكون ثقافة كعادتي عندما أريد السفر إلى أي دولة .
صعدت الطائرة شوقا لها وحبا فيها ، وصلنا ليلا ونظرت من نافذة الطائرة ورأيت نور القاهرة يشع بأهلها ، إنها القاهرة نعم إنها القاهرة .
دخلت المطار فتلقاني أهلها بابتسامتهم شعرت بنوع من الارتياح لما أراه من حسن في التعامل واختيار أجمل الألفاظ ( ياباشا – ياسيدي – يامولانا – يافندم ) نزلنا الفندق بشارع جامعة الدول العربية وكان من المتفق أن يكون مطلا على النيل فلما وصلنا وجدناه مطلا على مسبح نادي الزمالك .
فقلنا له بلهجة حادة هذا غير المتفق فقال أنظر إلى المسبح فنظرت إليه فقال ( شايف المية اللي فيه قلت له نعم قال ماهيه أصلا من النيل) مرت على شكل نكته ورضينا بالبقاء، وأعطيناه (بخشيشا على خفة دمه ومساعده بعد أن لمح لنا بذلك ) .
يمتاز أهل مصر بسرعة البديهة والنكتة الظريفة الجميلة، سألت سائق التاكسي رغم حالته الصعبة كيف تستطيعون أن تصنعوا نكته وابتسابة في ظل هذا الجو المليء بالمفاجاءات والفقر والحاجة ؟ أجابني قائلا إذا لم نفعل هكذا كان متنا من زمان والحي فينا مصاب أغلب الأمراض المزمنة لكن بما أن الحياة ماشية ماشية خلينا نضحك ونبسط ياعم وربنا ينتقم من الظالم. 
نمنا إلى اليوم الثاني ثم بدأ تنقلنا في أنحاء القاهرة زرنا فيها جامعة القاهرة حاولنا أخذ صور تذكارية فمنعنا رجل الأمن !!  دخلنا كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعمادة الدراسات العليا قابلنا فيها علماء ودكاترة وطلاب علم .
ذهبنا إلى الأهرام العجيبة الصنع والبنية ترى فيها العجب وترى فيها قدرة الخالق وكيف علم الإنسان مالم يعلم ، تعلمت فيها درسا أن الإنسان يستطيع لو أراد بناء جبل فإنه قادر بعزيمته وتفكيره ومشيه في المسار الصحيح ولكن من يستصغر نفسه ويرى فيها الإحباط لا يستطيع بناء كومة من الطين.

وفي اليوم الثالث ونحن مع صاحب التاكسي علمني شيئا جميلا قال لي تعلم في الحياة أن تنسى كل شيء من الماضي يؤثر على يومك الجديد وتعلم ياباشا أن هناك كثير لا يحبون أن يروك بخير فهم كمن يرميك بالحجار من الخلف وأنت تسير إلى الإمام فإن التفت لهم زادوا الرمي حتى تطيح وإن مضيت ملوا وتوقفوا . 
ذهبنا إلى الأزهر الشريف وصلينا في مسجد الحسين هناك رأيت عجبا حيث رجلا ساجدا يناجي الحسين ويناديه قائلا ياحسين ياحسين ياقبلة مصر أدعوك أن تستجيب لي. تعجبت من فعل هذا الرجل في مسجد !
بعدها ذهبنا إلى القهوة الشهيرة في القاهرة ( قهوة الفيشاوي ) وذقنا فيها طعم الشاي المصري المركز ( شاي في الخمسينة ) .
في اليوم الرابع ذهبت إلى المتحف المصري الذي يظم فراعنة وملوك مصر ، توقفت بجوار رمسيس الثاني فرعون موسى كنت أخاطبه يا مسكين كنت تدعي الإلوهية وتحرق الناس وتقتلهم وظننت أن لن يقدر عليك أحد .. انظر إلى مصيرك حيث جعلك الله للناس أية، ولكن فراعنة هذا العصر لا يعتبرون . 
سألت نفسي لو عرف أهل هذا العصر كيف كان يحنط الفراعنة ملوكهم ترى كم فرعونا من هذا العصر سنراه في هذا المتحف ؟
انتقلنا إلى معلم جديد من أعظم معالم مصر حيث يذكرنا بحقبة من أجمل الحقب التي مرت على مصر هناك تقف قلعة صلاح الدين الأيوبي، بعناصرها الهندسية والمعمارية لتكون معلماً وشاهداً بارزاً مرت به المنطقة في حقبة تميزت بالازدهار والانتشار والتطور الإنساني من خلال الدين الإسلامي الحنيف، وما تركته من قيم للعدالة والمساواة والسلم على أطراف جغرافيا العالم العربي والإسلامي عموماً ، حقا إنها تستحق أن تكون موطن فخر .
وفي جو ورغبة في زيارة ريف مصر والاستمتاع به ذهبنا إلى القناطر ترى القوم فيها يعيشون حياة اقل من البسيطة أهلها طيبون يستقبلونك بالحب وحسن التعامل تتنقل فيها وكأنما تتنقل في فترة يشتاق لها كل من يعيش في أي مدينة أو محافظة.
هي كذالك بعيدة عن الصخب والرسميات .
جميلة هي القاهرة بتاريخها وتراثها وحضاراتها  وبنيلها وأهرامها وجامعاتها وأهلها وبساطتها. 
حفظ الله مصر. 

حسن القحطاني

مقالات سابقة للكاتب

6 تعليق على “مصر التي رأيت …

أبو عبدالله

مصر أرض الكنانة . مصر قلب العرب النابض.
أجدت الوصف أستاذ حسن.
ولمصر وأهلها كل الحب والتقدير

حسن القحطاني

اشكرك ياابا عبدالله

أبوسعود

شكراً أستاذ حسن
استمتعت جداً بقراءة المقال
حسيت أني سافرت معك لمصر :)

محمد آبوفهد

مصر جميلة وتستحق الزيارة لكن اختلال الأمن فيها في الفترة الأخيرة أثر على السياحة
ودي أروحه بس خايف من الأمن هناك
وشكرا علي المقال

سند نهار القحطاني

الحمد لله على سلامة وصولكم يا استاذ حسن.

ما شاء الله عليك اسلوب رائع وشيق حلقت بنا معك في هذه السياحه وكأننا معكم في هذه الرحله.

متعب الصعيدي

مصر أرض مباركة وأهلها طيبين
لكن آفاته في الفساد الذي زلزل كيانها من عصابات الفساد
اللي نهبت خيرات البلاد وتركت أهلها فقراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *