التقاعد حياة جديدة

تلقيت دعوة كريمة من الأستاذ أحمد عناية الله الصحفي رئيس تحرير صحيفة غران للمشاركة في زاوية يوميات متقاعد، ومع الأستاذ أحمد لا نستطيع إلا أن نقول: ( أنت تامر يا أبو عبد الله ) ..

ولدت ونشأت بقرية البرزة ودرست فيها المرحلة الابتدائية وكانت المدرسة والمرحلة الوحيدة عند تخرجي منها ولكي أكمل دراستي بالمرحلة المتوسطة انتقلت إلى جدة بصحبة والدي يرحمه الله الذي انتقل بكامل أسرته لأجل أن أبقى تحت نظره فجزاه الله عني خير الجزاء، وعند انتهاء المرحلة المتوسطة كان معظم أقراني التحقوا بمعهد المعلمين وخالفتهم لالتحق بثانوية الشاطيء بجدة لرغبتي في إكمال دراستي الجامعية وأيدني والدي يرحمه الله في ذلك وشجعني كيف لا ؟! وهو معلم البرزة.

وبعد تخرجي من الثانوية التحقت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وقبل تخرجي بفصل دراسي تم اختياري مع ١٢ آخرين من قبل شركة أرامكو وأخذونا بطائرتهم الخاصة إلى الظهران وبقينا بضيافتهم لمدة ثلاثة أيام وعرضوا علينا إكمال دراسة الماجستير والالتحاق بالعمل لديهم بالظهران، وعندما عدت من الظهران أخبرت الوالد وقرأت في ملامحه أنه لايريدني أن أبتعد عنه وامتثلت لرغبته التي لم يبديها لي صراحة، (( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان)).

وأكملت الفصل الأخير بالجامعة وتخرجت عام ١٤٠٢هـ، وكنت من أوائل من حصلوا على الشهادة الجامعية بقريتي ويسّر الله لي القبول بالعمل بالشركة السعودية للكهرباء بالمنطقة الغربية بنفس اليوم الذي قدمت فيه طلبي ،، وتدرجت في وظائف الشركة إلى أن وصلت إلى منصب مدير إدارة كهرباء جدة (( محافظة جدة ومحافظة رابغ)).

كانت حياتي الوظيفية بالشركة ممتعة تحلت والحمد لله بالإخلاص والتفاني و فيها الخير الكثير من الدعاء الطيب مِنْ مَنْ وفقنا الله لخدمتهم بالشركة حتى أني أسعد كثيراً متى ما لقيت أحداً منهم ويدعو لي ويذكر لي صنيعاً عملته له وأنا لا أذكره.

وإني أرجو من كل من يوفقه الله بالعمل في خدمة الناس أن يخلص وأن يكون واسطة من لا واسطة له طبعاً في حدود الأنظمة والتعليمات.

وبعد أن تقاعدت مبكراً فإن نظرتي للتقاعد كحياة جديدة بنوعيه النظامي (بلوغ السن النظامية للتقاعد ٦٠ عاماً ) أو المبكر ( بلوغ عدد معين من السنوات من الخدمة والعمر قبل سن الستين ) – هو بمثابة حياة جديدة فيها الخير الكثير إذا أحسن المتقاعد التعامل معها بما حباه الله من خبرة ومعرفة اكتسبها من حياته الوظيفية وحياته بشكل عام وكلما كانت الفرصة فيها مهيأه للتقرب من الله سبحانه وتعالى بالطاعات والعمل الخيري الذي يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه، وفي هذا العصر توفرت ولله الحمد برامج التواصل الاجتماعي التي يمكن استثمارها في الخير والكلمة الطيبة والحرص على نشر الفضيلة وتجنب إشاعة الفاحشة المتنافية مع الآداب والأخلاق الإسلامية وتجنب نشر الإشاعات المغرضة والمضرة بوطننا وولاة أمرنا في كل وسائل التواصل ونستحضر قول الله تعالى: 
﴿إِنَّ الَّذينَ يُحِبّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النور: ١٩]

وما أجمل البذل والعطاء في هذه المرحلة من العمر والفهم الجيد لحقيقة المال فمال الانسان ما قدمه ومال وارثه ما أخره وإذا كان المتقاعد من الذين وسع الله عليهم ورزقهم من فضله فكم هو مفيد أن يُثبّت من ماله جزءًا كصدقة جارية تمتد أثرها بعد موته ولا يجب ان يُمني النفس ويقول سأوصي بكذا وكذا بل يحسُن ان يقدم لنفسه بنفسه.

وعلى الجانب الآخر فإن على المجتمع والجهات الرسمية التذكر دائماً أن المتقاعد قضى زهرة شبابه وسنوات عمره في خدمة دينه ووطنه ومليكه من خلال العمل الذي كان يقوم به أيًا كان هذا العمل فهو يمثل لبنة بناء في النسيج الوطني.

وكل متقاعد يتطلع للاحترام والتقدير والاهتمام من مجتمعه ، ويتمنى أن يجد الرعاية والاهتمام من قبل الجهات الرسمية بتصميم مشاريع وبرامج تتناسب وهذه المرحلة من العمر لقضاء أوقات ممتعة تحافظ على صحته النفسية والبدنية وللإفادة من الإمكانيات والخبرات التي يمتلكها.

عبد القادر حامد الشيخ

13 تعليق على “التقاعد حياة جديدة

عبد المحسن عبد الرحيم الشيخ

اخي ابو ماجد قرأت كتابتك في هذه الزاوية التي أعطت المتقاعد فسحة بالتحدث عن ماضي مجيد وذكرى عطرة
لقد أجدت يا ابا ماجد كيف لا وانت ابن المعلم
الاول في البرزة الشيخ حامد رحمه الله .
وفقك الله وكتب لك الأجر بما قدمته لوطنك
واطال الله عمرك . تقبل تحياتي

علي دخيل الله الأنصاري

الاخ عبدالقادر حامد الشيخ لقد قرأت ماكتبت عن يوميات متقاعد فجزاك الله على مبذلته في خدمة الله والمليك والوطن ومنحك الله الاجر والثواب فيمابذلته في خدمة الوالدين وجزاك اللهخيرا علىماقدمته من اعمال خيريه حسبت اجرها عند الله ولايفوتني اناقدم الشكر للأستاذ احمد عناية الله الصحفي علي استضافتك في الصحيفه ونقول له تقدم للامام والله معك

متعب الصعيدي

سيرة عطرة مليئة بالدروس والعبر
ورسالة مؤطرة بالحب لجيلنا المعاصر
يعطيك الصحة والعافية وطول العمر

ابو سديم / سعود سعد الشيخ

اخي ابو ماجد حفظك الله
اسال الله العلي العظيم لك دوام الصحة والعافيه وطولت العمر وحياة زاهية بعد التقاعد
تستاهل كل خير ابو ماجد وباالتوفيق إن شاء الله

عادل عبدالمحسن الشيخ

قرأت المقال وتذكرت كيف كان الجيل الذي قبلنا وكيف كانت هممهم عالية رغم شُح الإمكانيات
سبحان الله نفس مسيرة اخي محسن رحمة الله
البرزة في السابق كانت تخرج لنا قامات

أ.نويفعة الصحفي

سيرة عطرة جمعت مابين الطموح والتطلعات وتحديد الهدف والعزيمة على تحقيق مرحلة عليا من التعليم .. تطلبت من الدكتور عبدالقادر ان يشق طريقا يختلف عما سلكه بقية اصدقائه فكانت النتيجة تخرجه بالمستوى الذي كان يطمح له .. وهذا بحد ذاته يعد وقفة لمن يقرأ ..لكي يستفيد من هذه التجربة والتي نجح فيها د. عبدالقادر ..
اضافة الى بر الوالدين والذي يعد بعد فضل الله وارادته سبب قوي فيما حققه الدكتور عبدالقادر ..
اسأل الله ان يوفقكم دكتور ويجعلكم خير معين للاجيال والاخذ بأيديهم ..

وائل علي الأنصاري

متعك الله يا أبو ماجد بالصحة و العافية
سيرة مختصرة لكن فيها فوائد جمة لمستها انا شخصيا منذ صغري فقد حباك الله تعالى بأخلاق رفيعة وعلم وثقافة واسعة. عرفتك شخصا جادا وملتزما في العمل وشخصا متواضعا تحب الخير للجميع.

فيصل اللبدي

سيرة ممتعة شدني فيها بر الابن بأبيه وحرص الوالد على مصلحة أبنه .
سيرة مشرفة لصاحبها ماتعة مفيدة لقارئها ، فيها دعوة لمن حباه الله جاهًا أن ينفع به إخوانه المسلمين وللمتقاعدين باستثمار أوقاتهم في نفع أنفسهم وجتمعهم . بارك الله في وقتك وجهدك ومالك أبا ماجد

فيصل بن نامي السلمي

اخونا الاستاذ ابو ماجد .. سلمه الله
أولاً جزاك الله خير على ما قدمت من خلال
عملك بشركة الكهرباء
ِ
وثانياً عطائك لم ينقطع فأعمال الاجتماعية
والتطوعية الحالية خير شاهد على حبك للخير ..
ِ
نتمنى لك دوام الصحة والتوفيق والسداد.

رجاءالله السلمي

اخي ا.عبدالقادر الشيخ
سمعت عنك كثيرا .خلقا ونفعا للناس
ولمارايتك وجالستك
زاد حبي لك في الله
لمحبتك نفع الناس وقضاء حوائجهم
من خلال أطروحاتك في المجلس الإستشاري
زادك الله من فضله.
،رجاءالله السلمي

م/ شرف الصعيدي

اخي ابو ماجد .. جميعنا نفخر بك وبأمثالك الأوفياء الذي خدموا الوطن تحت شعار الإخلاص والوفاء – سيرة عطره تميزت بالجد والاجتهاد والمثابرة والالتزام بالقيم والمباديء فيها دروس لأجيالنا القادمة .
حتى لو تقاعدت مبكرا عن عملك المؤسسي فمازل عطائك مستمرا لمجتمعك ووطنك
بارك الله فيك ونفع بك وكتب لك الأجر والمثوبة

غير معروف

جزاك الله خيراً ياابا ماجد
بارك الله فيك وكتب لك الأجر والثواب

حميد اللبدي

سيرة عطرة وكفاح وجهاد وطاعة للوالدين .
نعم التقاعد حياة جديدة .
يفتح أمامك التفرغ لأسرتك ونافذة مفتوحة للعمل الخيري التطوعي .
نسال الله التوفيق للجميع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *