صناعة الفساد وهدم القيم !

تمر مناسبة سنوية (التاسع من ديسمبر من كل عام)هي اليوم العالمي لمكافحة الفساد، لكن هل يكفي يوماً واحداً؟ لا شك أنه لا يكفي وهو من باب التذكير ونشر الوعي بمخاطر الفساد المتعددة والمتشعبة ، وهو لا يقتصر على بلد أو دين أو شعب دون آخر!

     ما يهمنا في ذلك أن نتحدث عن الفساد الذي استشرى بيننا كأمة لها رسالة سماوية ومنهج رباني صحيح لم يحرف ولم يشوه ، لكن العجيب أننا نأتي دائماً في مقدمة الترتيب كأكثر المجتمعات التي تعاني ويلات الفساد!

     عندنا منهج صريح يبين لنا فيه أن الراشي والمرتشي والرائش يدخلون في دائرة اللعن والطرد من الله عز وجل ،ومع ذلك تمتليء صحفنا بأخبار هؤلاء ومغامراتهم الجامحة نحو الاثراء السريع غير المشروع! 

      ولدينا  نص صريح يبين أن المعيار الوظيفي الصحيح هو القوة والأمانة وليس سواهما ، وتنتشر الواسطة عندنا كانتشار النار في الهشيم ، حتى يخيل لك أن (لولا إيمانك بمقسم الأرزاق) لا سبيل ولا منجى منها إلا بممارستها (الموت مع الجماعة رحمة) ، فيقدم غير الكفؤ مقدمة الصفوف لأنه من ذوي الحظوة عند بعض المتنفذين !

     عندنا نص آخر ينير جانباً مهماً في التوظيف ، فوضع الإسلام أساساً للولاية (المناصب) وهو الأصلح ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله(من استعمل رجلاً على عصابة ، وفيهم من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) ويقصد بكلمة أرضى: أي أصلح.

     لا نشك أنه من الغرائز التي فطر الله الناس عليها “حب الذات والاستجابة لشهوات ورغبات النفس، ومنها السمعة والجاه والسلطة والمنصب، وهذه الغرائز منها ما يجب ترشيده ، ومنها ما يجب كبحه حتى لا تقود المرء إلى الطغيان والهلاك” ، وذلك بإتباع المنهج الصحيح في التعامل مع معطيات النجاح التي وصفها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم وطبقها أصحابه رضي الله عنهم فسادوا الدنيا بأسرها ولن يفلح من جاء بعدهم إلا بإتباع نفس المنهج ، أما غيره فهو رد ، ولن يجف للفساد منبع إلا إذا ضربت هامته بسيف الحق والعدل ، وقدم أصحاب الأمانة والقوة ، وهو أمر لا يستطيعه إلا من تجرد من الهوى والحظوظ الشخصية، وتيقن أنه خليفة الله في أرضه استعمره فيها بما أمر ونهى سبحانه وتعالى.

      الخلاصة أننا في كثير من الأحيان نساهم في صناعة هذا الفساد ونهدم القيم ونساهم في تسويغ اللامبالاة ، والسلبية بين الأفراد نتيجة الإحباط وعدم تكافؤ الفرص ، فننظر تنظيراً سلبياً بمعنى أن لدينا نصوصاً ترتكز في بنائها على الوحيين (القرآن الكريم والسنة الصحيحة) ، ولكنها تبقى نصوصاً تقرأ أو تحفظ بعيداً عن العمل والتطبيق في الحياة العملية إلا من رحم ربك. والله أعلم وأحكم.

أبو عمر محمد سعيد الصحفي – محاضر بالكلية التقنية بجدة

 

مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “صناعة الفساد وهدم القيم !

ابوملاك

بورك فيك ابا عمر .. ووجود الفساد في السعوديه لم ينفه نائب رئيس هيئه الفساد عندما أستضيف في مؤتمر اقامته كلية الاداره والاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجده وقد طالب بتحديث التنظيمات وإعطاء صلاحيات أكبر كما طالب أيضا بأن تكون المعاقبه من قبل الهيئه نظرا لبطأ إجراءات المحاكم .. وقال في مجمل حديثه أن قضايا الفساد في السعوديه تتلخص في الواسطه والرشوه والتستر التجاري .
وضمن التقرير السنوي لمنظمة الشفافيه فالسعوديه تحتل المرتبه 55 مابين 175 دوله

عبدالرحيم الطياري

من أصعب الأمراض التي إذا استفحلت يصعب علاجها مرض الفساد
سكتنا سنوات عديدة على الفساد ونحن نعلم عنه ونغض عنه الطرف
حتى أغتنت عوائل غناء فاحش جدا من أموال الدولة
وتسربت الميزانية إلى جيبوبهم وجيوب أقاربهم وأحبابهم
والآن نريد أن نحارب مرض أهملناه عشرات السنين
لاشك أن المسألة صعبة جدا
كان الله في عون الشريف

أبوسعود

في وقت من الأوقات كان مستحيل سعودي يأخذ رشوة
وفي الوقت الحالي مافيه معاملة تمشي من غير رشوة إلا القليل
والسبب ضعف الوازع الديني
كما ذكرت أخي أبوعمر الأحتدث صريحة وواضحة لكن ضعف الإيمان يجعل الإنسان يتعدى حدود ماحرم الله
نسأل الله السلامة والعافية

أبو عبدالله

ابو عمر
مقال في غاية الروعة . كالعادة متألق قلما وفكرا
ﻻ جف لك قلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *