كانت نشأتي في القرية البسيطة في مقوماتها قليلة الموارد بدائية الطبيعة وهي إحدى قرى مركز أم الجرم التابع لمحافظة خليص قرية ( أم سدرة ) التي عاش فيها والدي وأعمامي – رحمهم الله – ..
عاشوا على المحبة وتقاسم لقمة العيش والكد وحسن التربية فأنجبوا أبناء فاعلين لخدمة هذا الوطن المعطاء فمنهم المعلم والمهندس والطبيب والضابط فشكراً لهم .. الشيخ عبد الرحيم والشيخ عبد العزيز والشيخ عبد الصمد أبناء عبد القادر – رحمهم الله-.
درست المرحلة الابتدائية وكنت أقطع مسافة ٦ كلم ذهاباً وإياباً مشياً على الأقدام وركوب الدواب – أكرمكم الله – أحياناً ، ودرست المرحلة المتوسطة في مدينة جدة ( مدرسة اليرموك المتوسطة ) نهاية شارع المدارس في البغدادية وأسكن في حي الشرفية مقابل عمائر الاسكان الآن وكنت أقطع يومياً بما يزيد عن ٥ كلم مشياً على الأقدام وذلك لشح المال .
وبعد إنهاء المرحلة المتوسطة كنت في حيرة بين الالتحاق بالثانوية العامة ومعهد إعداد المعلمين ، وكان طموحي في إكمال الدراسة في الثانوية ولكن لمعرفة أحوال والدي المالية ووجود مكافئة قدرها ٣٠٠ ريال في معهد إعداد المعلمين قررت الالتحاق بالمعهد لمساعدة والدي والاكتفاء بمصاريف نفسي ورفع العبء عن كاهل والدي – رحمه الله – ..
تخرجت من معهد إعداد المعلمين عام ١٣٩٨/١٣٩٧ هـ ، وتم تعييني في مركز النخيل شمال شرق البرزة ولم أقتنع بشهادة معهد المعلمين وكان طموحي بالشهادة الجامعية فتقدمت للدراسة انتساباً في جامعة الملك عبد العزيز بجدة ( تخصص علم اجتماع ) لمدة سنتين ، ثم انقطعت عن الدراسة وذلك لظروف عملي خارج مدينة جدة .
ثم انتقلت إلى مدرسة طلحة بن عبيد الله بالبرزة وقد شاركت مع زملائي بكل نشاط وفعالية في الأنشطة الصفية واللاصفية الرياضية منها والمسرحية والصحية مما جعلنا وزملائي نحقق النجاح لأكبر حفل مسرحي في المدرسة حين ذاك بقيادة المدير الناجح الرجل الخلوق أ.صالح عبد الولي الشيخ الذي أكن له كل تقدير .
وبعد ٥ سنوات من العمل انتقلت إلى مدرسة الأنصار الابتدائية فعملت في هذه المدرسة لمدة عام واحد وتهيئت لي الفرصة باالانتقال إلى مدرسة الزبير بن العوام بأم الجرم وهي مدرستي الأم وحين وصولي وأنا أرفع إلى مرجعي أطلب إكمال دراستي الجامعية متفرغ استعدت نشاطي التفكيري وتحفيز طلابي على الابتكار والاختراع بما جعلني أستخدم معظم الوسائل التعليمية المتاحة وابتكار وسائل من (صنع يدي ) والاشتراك في الحفل الختامي لمدارس محافظة خليص بأكبر ابتكارلعمل نموذج لمدينة صناعية تحكي عن تحولات الطاقة الكهربائية مما لفت أنظار مسؤولي مكتب الإشراف بمحافظة خليص مما جعلني أقدم ملف لإنجازات عملي ، وبذلك تم ترشيحي للدراسة متفرغ في كلية إعداد المعلمين بجدة عام ١٤١٩ هـ ، وكانت المغامرة بين أن أبقى في مدرستي القريبة من بيتي وبين أن أذهب مداوماً لإكمال شهادة البكالوريوس .. وقررت بعد الاستخارة أن أكمل دراستي وكانت المرحلة الصعبة بعد هذا العمر والالتزامات مع أولادي وفي اليوم الأول استلمت جدول الدراسة وكنت بين الحيرة والحيرة وانا أرى بعض زملائي المرشحين للدراسة قد تراجع كثير منهم وعاد إلى مدرسته ، وبعد أن ذهبت إلى سكن ( عزبة ) ابني الأكبر كان يدرس في الجامعة – كلية الهندسة – فأخذت أفكر بالرجوع إلى مدرستي لأن الدراسة التي واجهتها في الأسبوع الأول كلها باللغة الإنجليزية تقريباً وتغير كل شيء بعد أن كنت معلماً تحولت إلى طالب وأُعامل كطالب من طلاب الكلية ..
جلست في غرفة ومن هنا بدأ التفكير العميق مما شاهدت !!! (شاهدت مجموعة من النمل تحمل قطعة خبز وتصعد بها الجدار لتخزنها وقت الحاجة وكانت الفتحة التي تريد الدخول معها تحت غطاء الفيش صغيرة تناولت المفك ونزعت الغطاء وسهلت لها الدخول ودعوت الله أن يسهل لي طريق دراستي كما سهلت لهذا النمل الدخول لخزن طعامه ) ..
ومن هنا بدأت مشوار أن أستمر بعون الله وتوفيقه .. ويذكر لأهل الفضل فضلهم ، فقد كان لزميلي أ. أحمد مهنا الصحفي الفضل بعد الله في تشجيعي ومساعدتي في شرح بعض المواد في اللغة العربية حينما كان مشرفاً تربوياً بجدة ، كنت استوقفه للاستشارة وتوضيح بعض النقاط الغامضة ، كما أشكر أ. مراد عبد العزيز الصحفي فقد كان مشجعاً لي على الاستمرار و قام بتذليل جميع العقبات التي واجهتني في اللغة الانجليزية فشكرا لهماً ..
وشكرا لزوجتي التى ساعدتني كثيراً في متابعة أولادي خلال فترة غيابي وانشغالي بدراستي ..
وبتوفيق الله أكملت دراستي وحصلت على الشهادة الجامعية (تخصص علوم ) وعدت إلى مدرستي السابقة مدرس متخصص لمادة العلوم .. أمضيت في التدريس ٣٥ عاماً من العطاء والخبرة مما جعلني أنشأ معملاً خاصاً بمادة العلوم لتدريب طلابي على الاكتشاف والابتكار والاختراع وصقل مواهبهم والاهتمام بمخرجاتهم وأنا أراهم الان ولله الحمد في عدد من التخصصات لخدمة دينهم ووطنهم وتحققت طموحاتهم ، و كان من آخر تلك الاختراعات “العصا الذكية” لخدمة المكفوفين وقد شاركت بها في معرض الابتكار والابداع على مستوى محافظة جدة ، وتوج عملي بشهادة شكر وتقدير من مدير عام التعليم بمحافظة جدة أ.عبد الله الثقفي ، وأثناء عملي حصلت على درع المعلم المتميز في نسخته الأولى لعام ١٤٣٣هـ ، وبعد تقاعدي لم أنقطع عن العطاء وخدمة محافظتي ووطني واتجهت إلى العمل التطوعي فعملت في جمعية البرالخيرية بمحافظة خليص ما يقارب ٥ سنوات مديراً للشؤون الإدارية وشؤون الموظفين حتى نهاية عام ١٤٣٨ هـ وكانت أجمل أيام عمري .. تعلمت منها الكثير وقدمت فيها الكثير لخدمة أبناء المحافظة المستفيدين من الجمعية .
كما تم ترشيحي عضواً مستشاراً في المحافظة لمدة عام إلى نهاية ١٤٣٩ هـ ، و تم ترشيحي بالانتخاب رئيساً لمركز الأحياء بأم الجرم .
ورشحت بانتخاب الأعضاء نائباً لرئيس التنمية الاجتماعية الأهلية بأم الجرم ، وتم ترشيحي عضواً مستشاراً في مركز أم الجرم حالياً .
لم أوضح سيرتي في التطوع تفاخراً وإنما لأبين مدى إصراري وكفاحي لخدمة وطني حتى بعد تقاعدي .. التقاعد لم يكن للركون والكسل وانتظار الموت بل بداية مرحلة جديدة من العطاء.