الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.
تمر الحياة بنا سريعا تنقلنا من حال إلى حال حتى وصلت مرحلة التقاعد وفي خاطري ذكريات مرت وانتهت وبقي في الوجدان منها إضاءات تنير الطريق فهل من قاريء أو مستمع ؟
وقفت في زاوية الغرفة انظر إلى أخويَّ وهما يفرغان مكتبة أبي ونفسي تتشوق إلى الاحتفاظ بها ليس لأني اعرف القراءة فقد كنت أصغر من سن القراءة ولكن لأنها مكتبة أبي رحمه الله وعلى حين غفلة منهما امتدت يدي إلى أحد الكتب وأخفيته ؛ بعد سنوات أدركت أن هذا الكتاب هو القرآن الكريم كنت أحبه لأنه من ريحة أبي وأحببته أكثر حين عرفت أنه القرآن كلام الله العزيز مما زاد حرصي عليه والاحتفاظ به حيثما أكون إلى يومنا هذا .
- كتاب الله رزق وفضل من الله يسره لي رب العالمين فلم تمتد يدي إلا إليه وكأنه بشارة فرح قال تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) جعلني الله وإياكم من أهل القرآن وخاصته.
رزقني الله أمًا أشبه بالجبل في قوتها وثباتها على مبادئها وكالشجرة المثمرة في حبها وحنانها ودفئها فكانت نعم الأم القدوة جمعت بين حزم الأب وحنان الأم وبذلت كل جهد ووقت وطاقة لتربيتنا على طاعة الله وتقواه.
جئت إليها يومًا باكية حيث رسبت في الدور الثاني للصف الرابع وهذا يعني إعادة السنة فنظرت إلي قائلة: لم تبكين ؟ عجبت من سؤالها وعيناي تقول كيف لا أبكي ؟ فأردفت قائلة: أن تبكي فذلك يعني أن لك قلبا يشعر فأريني من نفسك خيرا ؛ شعرت أن دموعي جفت وعاهدت نفسي أن أكون أنا أنا التي تريد أمي ، تمنيت حينها أن يبدأ عام دراسي جديد لأثبت لأمي أني على قدر ذلك العهد ؛ كانت نقطة تحول في حياتي فقد بدأ عام دراسي جديد وحققت المركز الثاني وفي الصف الخامس المركز الأول وهكذا استمر بي الحال من نجاح إلى آخر حتى وصلت درجة الماجستير وحققت المركز الأول في السنة التحضيرية على البنين والبنات وكان ذلك عام 1424هـ وحصلت اطروحتي على 98 درجة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
- خرجت من هذه الحادثة بأمور عدة أهمها دور الأم في التربية ، أهمية الكلمة وأثرها، التحفيز المعنوي أقوى أثرا وأكثر ثباتا ، الفشل بوابة النجاح إذا تم توجيهه واستثماره .
تزوجت بعد الثانوية العامة كما هي عادة المجتمع في ذلك الحين وانتقلت من مسقط رأسي الطائف إلى جده والتحقت بالجامعة ولكن بعد سنة ونصف جاء نقل زوجي إلى منفذ الحديثة على حدود الأردن ونسكن القريات وحاولت إكمال الدراسة انتساب إلا أن نظام جامعة الملك عبدالعزيز يُلزم الطالبة بالحضور مرة واحدة أسبوعيا وكان ذلك صعبا جدا مما اضطرني لسحب ملفي ولعدم وجود جامعة في القريات ذلك الوقت عام 1402هـ قدمت على مسابقة وظيفة كاتبة في القريات وتم التواصل مع زوجي في عمله أني نجحت ويجب أن أباشر العمل ؛ تزامن ذلك مع مرض ابنتي مرض خطير استدعى بقائي معها في المستشفى لأكثر من شهرين وبالتالي اعتذرت عن الوظيفة وبفضل الله تماثلت ابنتي للشفاء التام وانتهى العام الدراسي .
- قال عبدالرحمن عشماوي ( لاتجزعن من ظلمة الليل فإنها تحمل في أحشائها بذرة الفجر ) هذا ماحدث معي من مرض ابنتي الذي حال بيني وبين وظيفة الكاتبة فكم لله من أسرار ، وكل مايحدث لنا هو خير وإن كان ظاهره خلاف ذلك .
مع مطلع عام جديد تشوقت نفسي لدراسة البكالوريوس فما العمل ؟ شاورت زوجي في موضوع دراستي فشد على يدي وشجعني وكان لي نعم العون ماديا ومعنويا وبحثنا سويا فكانت عاصمتنا الحبيبة الرياض هي أكثر مدينة مناسبة لي حسب ظروفي وتم قبولي في كلية الآداب (اسمها آنذاك) بدون إلزام بالحضور أسبوعيا أو شهريا مع تحمل بعض الصعوبات مثل عدم معادلة المواد التي تم دراستها في جده وبعد المسافة التي تصل إلى ساعتين وربع بالطائرة ، وغيابي عن بيتي وزوجي شهر كامل تقريبا ورعاية طفلتين معي إلا أن وجود أختي الكبرى هناك هون علي كثير من المعوقات فقد ساندتني قلبا وقالبا وكانت اسما على مسمى مصباحا يضيء لي الطريق وتدفعني للأمام وتعوض طفلتي عبير وإيمان عن وجودي أثناء الاختبار أو المذاكرة وتوفر لي كل أسباب الراحة فجزاها الله وزوجها عني خير الجزاء . واستمر البناء وكذلك العطاء حتى حققت مرادي بعد أربع سنوات وحصدت شهادة البكالويوس بفضل الله ومنه وكرمه ثم بفضل زوجي ومساعدته ومشاركته مسيرتي .
- بقدر مايكون للإنسان من ذكاء وطموح وهمة ودافعية للعلم والعمل إلا أن وجود الأيادي البيضاء معه وحوله هي التي تدفعه للنجاح ولن أقول الجنود المجهولين بل هم الجنود الحاضرون في الوجدان والمشاركون في نجاحي وأعظم المكاسب هو حب الناس ودعم الأحبة ومنافسة الأقران.
واستمر عطاء زوجي حفظه الله ورعاه حين طلبت منه أن أقدم على وظيفة وسافر إلى مدينة الجوف لتقديم أوراقي وبالفعل تم تعييني وباشرت في المتوسطة الأولى بالقريات عام 1409هـ وكانت تجربة ممتعة عدت فيها بذاكرتي إلى صفوف الدراسة واسترجع كيف كنا نرى المعلمات ؟ كيف كانت شخصياتهن ؟ لماذا كنا نخاف من هذه ونحترم تلك ؟ أسئلة تدور في ذهني في محاولة للوصول إلى الشخصية المطلوبة وفي نفس الوقت أريد أن أكون أنا .
- الأجمل والأكمل أن تكون أنت ؛ على سجيتك على طبيعتك بدون تكلف وتصنع فالكلفة تدفع الألفة فكن أنت .
كانت المدرسة تجمع ثقافات مختلفة خاصة من المعلمات فالمعظم منهن غير سعوديات ولكن استطعت بفضل الله أن اتواصل مع الجميع وبكفاءة عالية ، سألتني مديرة المدرسة هل سبق لك التدريس ؟ وهل أنت تربوية أم لا ؟ فأجبتها بالنفي فأرشدتني إلى حضور مشاهدة للمعلمات وكان عددهن تسعة وأنا العاشرة وبالفعل حضرت لمدة أسبوع تقريبا وتم الاطلاع على سجلات إعداد الدروس ثم أخبرتها أني متحمسة لخوض التجربة وبالفعل تم ذلك بنجاح ، بعدها بأسبوع تقريبا وجدت سيدة تقف عند باب فصل 1/9 وكان الدرس تفسير سورة الفجر الجزء الأول والثاني بادرتني بابتسامة لطيفة وتحققت من شخصي واستأذنت في زيارتي صفيا دخلنا سويا وقدمت الدرس بكل بساطة مثل كل يوم وانتهت الحصة فابتسمت وخرجت وطلبت مني اللحاق بها في الإدارة وأشادت بي أمام المديرة وناقشت معي الزيارة الصفية وعلقت على نقاط هامشية وكتبتها بالقلم الرصاص في ورقة خارجية قلت لها أنا غير تربوية لذا قد تقع مني بعض الأخطاء فأرشديني فقالت كلمة ظلت في ذاكرتي (أنت تربوية بالفطرة ) تأملت هذه العبارة كثيرا وبدأت في تقييم نفسي ثم تقويمها وتطويرها مهنيا ابحث وأقرأ وأجرب لدرجة أني مارست البحث الإجرائي قبل أن أتدرب عليه بنحو 15عاما حيث كنت أحل المشكلات التي تواجهني بالبحث الإجرائي دون أن أعرف اسمه وخطواته حينها .
- الحاجة أم الاختراع ؛ لاتنتظر من يرسم لك الطريق ابحث اقرأ جرب اخترع ابتكر اصنع خطا جديدا لاليسير عليه من بعدك فنحن لسنا بحاجة لنسخ مكررة ولكن اجعله نقطة انطلاق لمن تتوسم فيهم أنهم أفضل منك .
في عام 1410هـ تم ترشيحي للإشراف وتم رفض الطلب نظرا لقلة خبرتي وسنوات خدمتي واستثمرت المشرفة جهودي في إعداد وتنفيذ دروس تطبيقية على مستوى المنطقة وبرامج تدريبية ومع مطلع عام 1411هـ تم ترشيحي لإدارة أول مدرسة لتحفيظ القرآن بالقريات وتم ذلك حيث عمدت المشرفة الإدارية إلى تعليمي كل التعاميم والأنظمة لسنوات ماضية عديدة ووو أمور كثيرة انتهى بي الأمر في عام 1412هـ ترشيحي مشرفة للعلوم الشرعية بالقريات وكنت أول سعودية في هذا العمل وحين تسلمت مهام هذه المَهمة المُهمة شعرت بأن هذا هو عملي ووجدت نفسي فيه وقدمت كل ما أستطيع لخدمة هذا البلد الكريم الذي احتضني بكل حب فالناس هناك على درجة عالية من الطيبة والأخلاق العالية وشاء الله أن ينقل عمل زوجي إلى جدة التي خرجت منها طالبة وعدت إليها مشرفة وكان ذلك عام 1413هـ
- حين تمتد الأيدي لترعاك وتمهد لك الطريق فاعلم أن هناك رب عظيم يدبر أمورك ويسخر لك خلقه فكن كما قال ابن القيم في نونيته :
فلواحد كن واحدا في واحدا … أعني سبيل الحق والإيمان .
هنا في جده بدأت مرحلة العمل مع الكبار حيث الخبرات والكفاءات وزميلات كثر يتجاوز عددهن السبعين مشرفة مما تطلب الاجتهاد للحاق بهذا الركب المبارك وتعويض السنوات بالخبرات فالتحقت ببرنامج تدريبي للمشرفات المستجدات وكنت احرص على الالتحاق بكل برنامج تدريبي للتنمية المهنية بالإضافة إلى حضور الدروس العلمية والمحاضرات في التخصص وتوجت ذلك كله بأهم شيء في حياتي وهو كتاب الله فالتحقت بدار الهدى المسائية لتحفيظ القرآن وكان ذلك بفضل الله ثم بفضل الأستاذة رابعة أبو السمح التي حرصت على التحاق المشرفات بالتحفيظ لرفع كفاءتهن في تدريس القرآن وبالفعل تم ذلك عام 1414هـ واستمريت حتى عام 1424هـ اجتزت فيها جميع مستويات التجويد والانخراط في فصول الحفظة ، أما المعلمات فلم تكن المشكلة بالنسبة لي في العدد ولكن في الخبرات حيث يتجاوز بعضهن العشرين سنة في الخدمة وكان البعض يحاول إحراجي بسؤالي عن سنوات خبرتي كما أن معظمهن تربويات مما جعلني احرص على الحصول على دبلوم تربوي وكان ذلك عام 1416هـ وبمجرد عودتي من الدبلوم أُسند إلي الإشراف على أكبر مدارس التحفيظ في جده لاسيما أني أتممت ثلاثة أعوام في دراسة القرآن وتجويده وكان أبرزها التحفيظ الأولى التي تضم أكثر من 25 معلمة من خيرة المعلمات علميا ومهنيا ، وحرصت على الالتحاق بالبرامج التدريبية والدورات العلمية والورش التربوية سواء تحت مظلة إدارة التعليم وخارجها ومنها برنامج تدريب المدربين وكنت ضمن أول نواة تدريب في جده وبالفعل وجدت نفسي في التدريب حيث نفذت وشاركت في أكثر من (33) برنامجا تدريبا وورش تربوية وحصلت على أكثر من (35) شهادة شكر ، والتحقت بأكثر من (62) برنامجا تدريبيا وحصلت على ألقاب محببة إلى نفسي مثل مهندسة التوحيد وحاملة المسك ومائدة القرآن ومائدة العلم ولم أتوقف يوما عن تطوير قدراتي حتى لحظة كتابتي هذه الكلمات .
كل هذا صقل شخصيتي وشحذ همتي للوصول إلى إشراف متميز فكان لي أسلوبي الخاص في الإشراف لا يشاركني فيه أحد ، كنت أرى في كل معلمة مشروعا ناجحا لابد من استثماره لتحقيق غاية التربية والتعليم وفق ميولهن ورغباتهن وقدراتهن وبحمد الله كان من هؤلاء المعلمات مدربات ومؤلفات وداعيات .
كما كان لي تجاربي الميدانية مثل الطريقة الأفقية في التفسير ونموذج مقنن لذلك ، والرسم الكروكي للصف أثناء الزيارة الصفية ، وبطاقة الزيارة الصفية وفق الكفايات قبل أن تصدر رسميا، وبطاقة خاصة لكل مادة مستقلة تحمل شخصية المادة وخطواتها ومراجعها وكل مايتصل بها ، كما اقترحت إعداد برنامج تحت اسم (رعاية المشرفة المستجدة ) شاركت فيه مع مجموعة من الزميلات .
شاركت في معرض ( كـن داعيـًا ) على مستوى المملكة المقام في جـدة عام 1422هـ بتكليف من وزير الشؤون الإسلامية الشيخ د. صالح آل الشيخ…محاضـرة ( صفات الـدَّاعيـة إلى الله )
وعملت على العديد من المنتجات مثل بطاقات ملاحظة للمهارات والكفايات وتحليل المحتوى وإجراءات تنفيذ العلوم الشرعية وغير ذلك كثير مما لايتسع له المساحة هنا والتي كان لها أثرها في إثراء الميدان وتأليف كتابين في علم التوحيد .
- خريطة النجاح تبدأ من تحديد الهدف و الرسالة ، أركانها الهمة والصبر والعزيمة وسواعدها التنظيم والالتزام وجناحها الدعاء ؛ فاصنع خريطتك ولا تكن في مهب الريح.
رحلة الماجستير / في عام 1424هـ حصلت على إجازة دراسية بدون راتب لدراسة السنة التحضيرية للماجستير تخصص عقيدة كلية الدعوة وأصول الدين -جامعة أم القرى بمكة المكرمة وكنت يوميا أقوم بتوصيل بناتي للمدارس ثم اتوكل على الله إلى مكة وانتهي من يومي الدراسي ثم أعود إلى جده وأجمع بناتي إلى المنزل وهكذا مضى عام دراسي كامل انتهى ولله الحمد بحصولي على المركز الأول بنين وبنات وقضيت تقريبا أربعة أعوام في إعداد الرسالة وأنا على رأس العمل وكانت فرصة طيبة أن أتعرف على أساتذة كبار يحملون مشعل العلم بجدارة ، وتعاونت معي المشرفة على الرسالة د. لولوه القويفلي وقدرت ارتباطي بالعمل حيث تطلع على ما أنجزه من الرسالة على البريد الالكتروني وحين قاربت على إتمام الرسالة وكنت أول من يأخذ موعد للمناقشة فاجأني حادث مروري قاسي أثناء ذهابي للعمل صباحا أدى إلى تأجيل المناقشة سنة تقريبا بسبب ظروفي الصحية ومن تقدير العزيز العليم أن الحادث كان بتاريخ 4/6/1428هـ والمناقشة صارت بتاريخ 4/6/1429هـ حينها قالت أمي الحبيبة هذا قدر الله لئلا يرتبط هذا التاريخ في ذهنك بالفقد أو الفشل أو الإعاقة بل هو يوم فوز ونصر وفلاح والله يعطي ويمنع ولله الحمد على كل حال .
كانت مناقشة ممتعة صادقة قوية ومميزة تم بعدها إعلان حصولي على درجة الماجستير بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف وقد تبرعت بالأطروحة للجامعة وهي متوفرة في الجامعات والمكتبات العلمية وصفحات الانترنت تحت اسم ( العزلة بين السنة والبدعة)
- قال ابن تيمية: ( إن حاجتنا للعلم أشد من حاجتنا للطعام والشراب ) ابذل كل مالديك من مال ووقت وصحة للعلم فهو يستحق ذلك وأعطي العلم كلك ليعطيك بعضه .
في عام 1432هـ تم ترشيحي للعمل خبيرة تدريب ضمن فريق المشروع الشامل للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة تحت إشراف مباشر من مدير عام التدريب بالمملكة العربية السعودية الأستاذ محمد المقبل وكان العمل عبارة عن تصميم حقائب تدريبية على مدى ثلاثة أعوام ثم يتم التدريب عليها في الرياض لمجوعتين أو ثلاث مجموعات من مشرفين ومشرفات ومدربين ومدربات من جميع مناطق مملكتنا الحبيبة ثم يتم قياس أثر التدريب من خلال زيارتنا لهن في مناطقهم لقياس مستوى التدريب وأثر ذلك في الميدان من خلال زيارات صفية للمعلمات اللاتي تم تدريبهن من قبل المدربات المركزيات وقد زرت عدة مناطق منها الرياض والطائف وعسير وتبوك والخبر والدمام وكانت تجربة فريدة بالنسبة لي اكتشف فيها قدرات ومهارات جديدة في نفسي حيث أن هذا العمل بكل مافيه حقق لي عدة أمور منها البحث والاطلاع على موضوعات جديدة حسب الكفايات المطلوبة في الحقائب التدريبية من معلومات ومهارات ونمو معرفي ومهني والاستفادة من خبرة الإخوة الخبراء والأخوات الخبيرات .
أثناء تنفيذ البرنامج التدريبي الأخير للمشروع الشامل تم تبليغي بترشيحي لمشروع آخر وهو النظام الفصلي للمرحلة الثانوية على أن أكون مسؤولة عن انتقاء فريق السيدات من المدربات المركزيات وبالفعل بذلت جهدي في ذلك ونفذنا المطلوب من تصميم للحقائب وتدريب وقياس الأثر خلال ثلاثة أعوام آخرى بكل كفاءة والتزام ولله الحمد والمنة وتزامن ذلك مع العمل على تسكين حقائب المشروع الشامل في مراكز التدريب في مناطق المملكة من خلال تجزئة الحقائب وصناعتها وتحويلها الكترونيا بحيث يصبح التدريب عليها غير متزامن لكل من يحتاجه وللمعلمين والمعلمات في المناطق النائية والبعيدة تيسيرا لهم وللمدربين والمدربات وتم ترشيحي رئيسة لفريق السيدات وتم تكليفي بترشيح خبيرات لهذا المشروع وتم ذلك بالرغم من شدة الضغط علي حيث اجمع بين عملين من هذا النوع ولكن الاستعانة بالله وتنظيم الوقت جعلت من العمل متعة كما أن معظم اللقاءات كانت في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما جعل العمل راحة نفسية ورحلة تعبدية تؤنس الروح وتسعد القلب في رحاب الحرم الشريف .
- كن في معية الله ولا يلتفت قلبك إلى غيره ففي السماء رب يدبر لك أمورك ففي ذلك اليوم الذي تم ترشحي فيه لمقعد الخبيرة كنت صباحا مديرة لبرنامج تدريبي للمواريث وفي المساء تحفيظ القرآن ولم يخطر ببالي شيئا من هذا ولم أبذل لذلك جهدا .
شاركت عام 1434هـ في فعاليات منتدى الشرقية الأول للجودة تحت عنوان “البيئة الإيجابية للجودة والتميز” .
وصلنا إلى عام 1437هـ وقررت من بدايته تقديم التقاعد ومع ذلك شاركت في ملتقى مشرفي ومشرفات التربية الإسلامية تحت مسمى “التحديات التي تواجه مادة التربية الإسلامية ومعلميها في مجالي الإشراف والتدريس والمقام بمحافظة ينبع .
كما شاركت فريقي في المشروع للنظام الفصلي إلا أن الإدارة رفضت تفرغي على الرغم من وجود تعميم صريح بذلك ولكن انتمائي للمشروع جعلني وزميلتي فوزية شعراوي نستمر في إعداد الحقيبة مع القيام بعملنا الإشرافي حيث أُسند إلى كل منا أكثر من (70) معلمة وتطبيق المنظومة وحرصنا على تنفيذ حلقات تنشيطة وورش تربوية في معظم فروع العلوم الشرعية حسب الاحتياج من واقع الاستبانات في قياس أثر التدريب .
وفي تاريخ 17/12/1437هـ وضعت القافلة رحالها وتقاعدت بعد 29 عاما قضيتها في خدمة العلم الشرعي راجية من الله القبول وأن يجعل ماقدمت خالصا لوجهه الكريم لا ابتغي بذلك جزاء ولا شكورا .
تقاعدت بالفعل رسميا ولكن المعلم والمشرف والمدرب مازال مستيقظا في داخلي وبدأت العمل التطوعي حيث أقمت برنامجا تدريبيا لمشرفات البراعم في جماعة خيركم لتحفيظ القرآن ومازلت أقدم دروس في العقيدة في المساجد ودور التحفيظ ولدي فصل لتدريس تجويد القرآن وتلاوته على قراءة حفص عن عاصم بواقع يومين أسبوعيا وهكذا استمتع بالأنس بالله وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولله الحمد والمنة .
- وأحمد الله الذي تتم بنعمته الصالحات ، ثم أهدي كل نجاح وتوفيق في حياتي العلمية والعملية إلى أبي وأمي اللذين كانا سببا في وجودي وذاكرتي تحتفظ بلحظات يقرأ فيها أبي القرآن بعد عودته من صلاة الفجر بصوت ندي لاأكاد أنساه ، وأمي مظلة الحب والاحتواء والخير والتي وهبت نفسها لي وإخوتي في عمر حافل بالتضحيات أما زوجي الحبيب فهو من يشاركني كل شهادة حصلت عليها واسمه عند الله قبل اسمي شكرا ووفاء لكل ماقدمه لي من تسهيلات مادية أو معنوية ومشاركة وجدانية .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين الحمد لله رب العالمين.
مائدة أديب العباسي
المشرفة وخبيرة التدريب التربوية