وقعت حادثة في المدينة المنورة خلال اليومين الماضيين مؤسفة جداً ، وهي قيام مريض نفسي بنحر طفل لا يتجاوز عمره السبعة أعوام، هناك خفايا كثيرة في هذه القضية أوضحها جد الطفل المنحور، ومني للأسرة الكريمة عظم الله أجركم والهمكم الصبر والسلوان، وأعان الله أمه على فقيدها، ولن أخوض بهذه الحادثة أكثر فقلب أمه ما زال ينزف.
ولكن كالعادة سأتوجه لمجتمعي بالنصح لا بالنقد، الواقعة سوف تستمر ولن تكون الأخيرة لوجود عدة مؤشرات اجتماعية لوجود مثل هذه الحادثة في المستقبل وأيضا ليس فقط في المدينة المنورة بل بكل المدن، وأولى هذه المؤشرات أن المجتمع ما زال لا يعي حقيقة المرض النفسي ومدى خطورته، وكيفية العلاج ومدى تأثيره وهذه المهمة تقع على عاتق الأطباء النفسيين في المقام الأول في مجتمعنا فهم عليهم البحث عن الإعلام وإخراج المعلومات للمجتمع وتكثيف التوعية النفسية للمجتمع كافة، وأن تكون هناك دورات مكثفة يخرج بها الأطباء النفسيون على المجتمع بالمعلومات الصحيحة والنصائح العليمة السليمة، لخلق وعي مجتمعي نفسي رائع وقوي يستطيع حماية المجتمع من مخاطر الجهل بالأمراض النفسية وأضرارها.
وثاني هذه المؤشرات هو الإهمال الأسري في مجتمعنا فلا زالت إلى الآن بعض الأسر تهمل أطفالها وتتركهم في الشوارع دون مراقبة أو مساءلة، فيكون الطفل في الشارع معرضا لكل أنواع المخاطر، من متحرش إلى خاطف إلى قاتل كل ذلك يواجهونه هؤلاء الأطفال الأبرياء، والمسؤول الأول عن ذلك الخطر للأسف هو المسؤول عن حمايتهم وهم أسرهم،وهذا يؤسفني كثيرا أن أقول أن الإهمال الأسري هو أقسى أنواع العنف ضد الطفولة وليس الضرب وما شابهه.
وثالث المؤشرات أن المجتمع لم يتفهم بعد ثقافة التعامل مع الأشخاص أو المؤسسات الموثوقة في خدماتها ومنشآتهاوالمسؤولين عنها أيا كانت تلك الخدمات، فلا زال البعض يتعامل مع أشخاص غير معروفين سواء في خدمات التوصيل أو أي خدمات أخرى، مما يجعلهم معرضين لكل أنواع النصب والاحتيال والجرائم الأخرى كالخطف وغيرها،وهذه ثقافة اعتقد أنها من أهم الثقافات التي يجب أن يتحلى بها مجتمعنا.. وهي أكثر الثقافات للأسف التي تنقص مجتمعنا.
وأخيرا لو كان هناك مسؤول عن هذا الطفل المنحور فهو المجتمع بأكمله، جميعنا مسؤولون عن هذه الحادثة، وعلينا كمجتمع أن نواجهها بقوة وثقافة رائعة وأن نبحث عن مكامن الخلل ونقوم بمعالجتها كل من موقعه ومسؤوليته.
إبراهيم سيدي
مقالات سابقة للكاتب