خلال دراستي في مرحلة الماجستير كنا ندرس مادة تسمى Sustainable Development أو التنمية المستدامة والهدف من المادة هو وإيجاد التقنيات والأدوات المساعدة في تصميم وتصنيع المنتجات لتقليل الأضرار البيئية الناتجة. في أول محاضرة عرض البروفيسور تعريف المادة وهدفها الأول وكان كالتالي:
“ To meet the needs of today’s generation without compromising the ability of future generations to meet their own needs ”
“تلبية احتياجات جيل اليوم بدون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة”
لاحظ أن التعريف ذكر “إحتياجات” وليس “رغبات” فالحاجة في اللغة العربية تعني ما يفتقر إليه الإنسانُ ويطلبه كالماء والطعام, أما الرغبة فهي الأشياء المكملة لراحة الإنسان فعدم توفرها لا يؤثر على بقاءه.
عندما قرأت التعريف تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال ( ما هذا السَّرَف؟ ) فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: ( نعم، وإن كنت على نهر جار) وقول الله تعالى ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ). فالقرآن والسنة الشريفة أوردت الكثير من الآيات الروايات المتعلقة بشكر النعم ومكروهية الإسراف. فالإسلام ليس فقط مكملا لمكارم الإخلاق وإنما منضما ومهذبا لكل أمور حياة الناس صغيرها وكبيرها حتى في علوم الهندسة. ولكن هل من متفكر ؟! قال تعالى (أفلا يتدبرون) (أفلا تتفكرون) (أفلا يعقلون).
ما أثار دهشتي في تلك المادة أن عُمر هذا العلم لا يتجاوز 300 سنة مع أن الثورة الصناعية في أوروبا بدأت منذ قرون ولم يتوصل الإنسان الأوربي إلى هذا التعريف وتطوير هذا العلم إلا بعد أن عانى الكثير, بينما الآيات والسيرة النبوية ومنذ أكثر من 1400 سنة أكدت على شكر النعم وشكرها يكون بالمحافظة عليها.
فعلينا إذا الإستفادة من الموارد الأرضية بقدر الحاجة مع مراعاة احتياج أبناء المستقبل ولا ننسى أبدا أن من شكر النعم علينا أن نحافظ عليها لتدوم.
في المقال القادم سأعرض كيف طبق الإنجليز هذه النظريات ومقارنة واقعنا الحاضر وبعض العادات السيئة من واقع مجتمعنا.
مقالات سابقة للكاتب