الاستدامة .. شكر النعم (١)

خلال دراستي في مرحلة الماجستير كنا ندرس مادة تسمى Sustainable Development أو التنمية المستدامة والهدف من المادة هو وإيجاد التقنيات والأدوات المساعدة في تصميم وتصنيع المنتجات لتقليل الأضرار البيئية الناتجة. في أول محاضرة عرض البروفيسور تعريف المادة وهدفها الأول وكان كالتالي:

“ To meet the needs of today’s generation without compromising the ability of future generations to meet their own needs ”

“تلبية احتياجات جيل اليوم بدون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة”

لاحظ أن التعريف ذكر “إحتياجات” وليس “رغبات” فالحاجة في اللغة العربية تعني ما يفتقر إليه الإنسانُ ويطلبه كالماء والطعام, أما الرغبة فهي الأشياء المكملة لراحة الإنسان فعدم توفرها لا يؤثر على بقاءه.

عندما قرأت التعريف تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال ( ما هذا السَّرَف؟ ) فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: ( نعم، وإن كنت على نهر جار) وقول الله تعالى ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ). فالقرآن والسنة الشريفة أوردت الكثير من الآيات الروايات المتعلقة بشكر النعم ومكروهية الإسراف. فالإسلام ليس فقط مكملا لمكارم الإخلاق وإنما منضما ومهذبا لكل أمور حياة الناس صغيرها وكبيرها حتى في علوم الهندسة. ولكن هل من متفكر ؟! قال تعالى (أفلا يتدبرون) (أفلا تتفكرون) (أفلا يعقلون).

ما أثار دهشتي في تلك المادة أن عُمر هذا العلم لا يتجاوز 300 سنة مع أن الثورة الصناعية في أوروبا بدأت منذ قرون ولم يتوصل الإنسان الأوربي إلى هذا التعريف وتطوير هذا العلم إلا بعد أن عانى الكثير, بينما الآيات والسيرة النبوية ومنذ أكثر من 1400 سنة أكدت على شكر النعم وشكرها يكون بالمحافظة عليها.

فعلينا إذا الإستفادة من الموارد الأرضية بقدر الحاجة مع مراعاة احتياج أبناء المستقبل ولا ننسى أبدا أن من شكر النعم علينا أن نحافظ عليها لتدوم.

في المقال القادم سأعرض كيف طبق الإنجليز هذه النظريات ومقارنة واقعنا الحاضر وبعض العادات السيئة من واقع مجتمعنا.

مقالات سابقة للكاتب

9 تعليق على “الاستدامة .. شكر النعم (١)

السحاب

م حسام
انت شاب واعد نفتخر فيك وبامثالك من شبابنا الطموحين
معظم مصادر العلوم لها عندنا مصدر من قبل لكننا قوم لا نقرأ
نتطلع لجديدك القادم استمر

ابو يوسف

بارك الله فيك مقال رائع يدل على فكر راقي

وليف الروح

اولا احب اشكر المهندس حسام على هذا الطرح المميز جداً الذي ينموا عن أدركه لما تعلمه ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان ينفع بعلمه وبما تعلمه
عن ابي موسى رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أوضاعها فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا…….)
في الأدوات في تصميم وتصنيع المنتجات والتقليل من الإصرار. ع البيئية
١- إعادة التدوير كأداة لحماية البيئة
٢-استخدام تقنيات انتاج نظيفة
٣-التخلص الملائم بيئيا من النفايات والمخلفات
يعلم الله ان الموضوع قد شدني للكتابة
استمر م/ حساااام

أبو سعود

شكراً حسام على الموضوع الجميل
اعجبني ربط الموضوع بالسيرة والاستشهاد بالحديث
وفقك الله
الموضوع مهم فعلاً وبانتظار ماوعدتنا به (كيف طبق الإنجليز هذه النظريات ومقارنة واقعنا الحاضر وبعض العادات السيئة من واقع مجتمعنا.)

بورك فيك

عبدالرحيم الطياري

أحسنت مهندس حسام
ومن أجل ذلك أنشأت ثير من الدول ما يسمى بالصناديق السيادية
تقتطع من ميزانيتها كل سنة وتضع فيه مبالغ للأجيال القادمة
وهذا ما نتمنى وجود مثله في بلادنا من أجل أجيالنا القادمة خاصة في حالة نضوب البترول

اركد

نحن بحاجة لمثل هذا الطرح القيم الذي يستحق منا القراءة والتأمل والذي يعرفنا عى تعامل المجتمعات المتقدمةفي مختلف المشكلات ع العموم هذا هو المطلوب من شبابنا خريجو برنامج الابتعاث بارك الله فيك مهندس حسام ومنتظرين دررك القادمة

محمد الصحفي

أحسنت يا أخ حسام
نحن ما نتنبه لكنوز السنة النبوية إلا بعد أن يأتي بها الغرب ثم نعود ونقول وردت في ديننا قبل ١٤٠٠ عام
أليس من المفروض وجود مركز إسلامي عالمي ينقب في السنة النبوية ويستخرج كنوزها وينشرها للعالم؟

شجن

مقال رائع
استفدت منه كثرا وبانتظار تكملة الموضوع

م.اسامه

اشكرك مهندس حسام على هذا الطرح الأكثر من رائع والذي يحتوى على معاني كثير وقيمة سلمت أناملك الذهبيه وننتظر منك المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *