عند زيارتي لمدينة ينبع وفي الصباح بعد ليلة مجيئنا راجعت مستشفى الهيئة الملكية ،لتعرض ابني لأزمة سعال وشيء من الكتمة، طُبعت لي ورقة دخول من موظف الاستقبال بعدها نودي علي لقياس الحرارة والضغط والوزن وطلب مني الانتظار لحين استدعائي للطبيب العام ،
مكثت في غرفة الانتظار وكل شي حولي يتغير إلا أنا والكرسي محتفظان بثباتنا :(
استدرت بحركة دائرية بهلوانية لتقصي الخبر ووجدت ضالتي بلوحة ارشادية لتعاليم الطوارئ التي تنص ع الأولوية للحالات الطارئة بغض النظر ع موعد الدخول يعني بالعامي ( لو فيك شي خفيف كل شوي تنزل ورقتك لتحت وتطلع اوراق اللي بعدك فوق بقدرة قادر )
جميل جداً وتصنيف دقيق لكن من هو الذي يحدد حالتك ؟!
للأسف إنها الممرضة الموكلة بالفحوصات :(
ارتأت أن حرارة ولدي جيدة وضغطه معتدل لذا فالتشخيص الأولي زكام :(
وبعد ساعتين من الانتظار ،
وبما أننا في عهد الثورات !!
اقتحمت غرفة الطبيب لأستفسر عن ورقتي فإذا هو يشير للممرضة التي أشارت هي كذلك لي : متبقي ع دورك أربعة أشخاص ،
لم أتمالك نفسي أم هي نفسي لم تمتلكني وخاطبت الطبيب بسؤالي الذي أطلقه صوتي الذي لم يتعدى مداه الغرفة ،
من المسؤول عن التشخيص المبدئي ، هل هي الممرضة ؟
لم أترك له مساحة للإجابة ركضت لآتي بإبني فما إن رآه حتى أفرغ الغرفة من المرضى ،
وانكفأ ع حالته فحصاً وتطبيباً،
جلست بجواره وفي داخلي براكين الغضب تفور ولكن هيهات من مخرج ،
وهذه منة من الله وفضل روضني على حبسها في تلك المواقف ،
لم تكن مهارة الطبيب في المرض فقط بل كانت حتى في التعامل مع المرضى و في كيفية امتصاص الغضب !
فقد قام مباشرة باستدعاء ممرضة الفحوصات الأولية المختصة بالفرز وكانت قد أنهت فترتها وأعقبتها زميلتها التي حلفت وأقسمت بعدم استلامها لهذه الحالة ،
لم يكتفي الطبيب بهذا ، بل استدعي السوبر فايزر لمخاطبته وفي هذه الأثناء نثر عبارات الأسى والإعتذار التي برد منها ماء غضبي وأنهى إجراءات الطورائ والأشعة اللازمة بوقت وجيز ،
وتابعني بعدها حتى انهيت علاج ابني ،
ونثر ماتبقى من جمل الاعتذار لما بدر منهم تجاهي،
وخرجت من المستشُي في غاية الرضى وفي غاية الاندهاش من أسلوب هذا الطبيب الذى أوتي فناً قل أن يتوفر لدى الكثيرين ألا وهو “فن امتصاص الغضب”
وإذا بزوجتي تقول لي تسلية وتخفيفاً :
كن جميلاً ترى الوجود جميلاً …
وقد استمتعنا بزيارة كل مكان في ينبع بغرض السياحة .. حتى المستشفى :)
إيهاب عمران الصحفي
مقالات سابقة للكاتب:
ازدواجية نحر الضحية
مقالات سابقة للكاتب