عندما ضرب الله مثلاً للذين اتخذوا من دون الله آلهةً واتخذوهم أولياء يرجعون إليهم في حال حاجتهم بدلاً من الرجوع إلى الله الذي بيده الأمر والنهي والحول والطول والقوة بأن أمرهم ضعيف وواهن كضعف بيت العنكبوت ووهنه فقال تعالى في محكم التنزيل ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
وعندما تأملت وأمعنت النظر في هذه الآية وهذا المثل العجيب فيها ، حقيقة استحضرت قصة الملأ من قريش لما نفرت بقديها وقديدها وصلفها وجبروتها ضد رسول ﷺ عندما جاءهم بما لم يكونوا مستعدين لقبوله فقد أوغلوا في الجاهلية وانغمسوا فيها الى آذانهم وأُشْرِبت قلوبهم حب اللات والعزى ومناة وهبل وإساف ونائلة وكل تلك الأصنام التي صنعوها بأنفسهم وأيدهم والتي كان ميلادهم أقدم من ميلاد آلهتهم التي زعموا تنفعهم منها وقد ظلموا أنفسهم وحادوا عن طريق الحق والصواب وضلوا ضلالاً بعيدا.
نعم عندها ابت قريش ان تتقبل صوت العقل إما عناداً وكبرياء وبطر الحق وإما جهلاً وضلالاً ، خرجوا يلحقون برسول الله ﷺ إلى غار ثور بمكة وهنا تتجلى عظمة الله القادر على كل شيء نعم جاءوا بقصّاصِ الأثر فأوصلهم أثر رسول الله ﷺ وصاحبه إلى الغار ولكن فوجئوا بأن هناك على باب الغار خيوط عنكبوت فدارت الأرض برؤوسهم الثملة ، والعقل لا يمكن ان يدرك أو يصدق أبداً أن إنساناً يدخل إلى الغار دون أن تتمزق خيوط العنكبوت على وهنها وضعفها العقل يقول ذلك ولكن امر الله يفوق عقل المتصورين ذلك امر الله ولطفه برسوله جعل العنكبوت التي تنسج خيوطها في وقت أطول من الوقت الذي علموا ان محمداً ﷺ وصاحبه الصِديق ابا بكر رضي الله عنه كانوا دخلوا إلى الغار لا يمكن ان تكون هذه العناكب من السرعة بحيث استطاعت ان تنسج البيت بعد دخولهما الى الغار ومتى صنعت الحمامة عشها وباضت ومن المعلوم أنهم أهل الفراسة والقيافة والعرافة فتحيروا لبرهة من زمن ثم ادركوا انهم قد اوغلوا بعيداً وفاتهم ما طلبوا.
وهذه القصة تخبرنا بما لا مجال للشك أو الريب عن ضعف الإنسان ان تخلت عنه القوة الإلهية واسلمته إلى قوته الواهنة الضعيفة التي لا توصله إلى أكثر من بضع أمتار وأذرع في سيره أو لحظات من وقته حتى يسقط أسير ضعفه مهما ادعى القوة والجبروت فستبقى قوة الله وحوله هي المهيمنة التي لا يغلبها غالب … يقول أحمد شوقي :-
(فأدبروا ووجوه الارض تلعنهم … كباطلٍ من جلالِ الحقِ منهزمِ) بسبب صدهم عن سبيل الله ، ولم يدركوا كنه القوة التي تظلل رسول الله ﷺ وصاحبه .
ومن هنا يتضح ضعف ما يُعبدُ من دون الله وهشاشته أمام قدرة الله عز وجل وحفظه لنبيه ﷺ وان على المرء ان لا يعتد كثيراً بما حباه الله من قوةٍ فهي مهما بلغت تكون بلا فائدة وضعيفة مالم تدعمه وتسعفه قوة الله المطلقة التي لا تضاهيها قوة لذلك علّمنا رسولنا الكريم ﷺ ان نلجأ دائما ونلظ بلا حول ولا قوة الا بالله ويقول عنها إنها كنز من تحت العرش
فاللهم أنر بصائرنا لرؤية الحق والقبول به وبصّرنا بعيوبنا وتولى كل أمورنا يا كريم .
إبراهيم يحيى أبوليلى
مقالات سابقة للكاتب