اذا أردنا أن نضرب مثلاً يفعله الخلق مشابهًا لأقدار الله وعطاياه ،فيجب علينا أن ننزه الله جل وعلا عن أعمال المخلوقات فنعتذر بقولنا ( ولله المثل الأعلى ) الذي لا يشابهه أو يساويه أو يضاهيه شيء ابداً سبحانه وتعالى، بعد هذه المقدمة الموجزة أحب أن أدخل في صلب الموضوع.
من المعلوم والبديهي أن المرء إذا دخل على اي ملك أو أمير أو مسؤول لحاجة ماسة فانه لو رُد مرة فسوف يكرر الطلب مرات ومرات حتى يقضي المسؤول حاجة هذا الطالب الملحاح ومن يطرق باب الكرام لابد ان يستجاب له يومًا.
لذلك فإن العبد إذا ألح في الطلب من خالقه فبإذن الله سوف يعطى سؤاله من الجواد الكريم والله سبحانه وتعالى ييسر للعبد كلمات تكون على لسانه طوال عمره لأنه سبق في علمه الأزلي أنه سيستجيب لهذا الملح في المطلب ولقد رأيت هذا الامر عيانًا فقبل بضع سنوات توفى زوج اختي أحمد علي الفجاجي رحمه الله ومات ميتة يعلم الله انها تثلج الصدر، فلقد كان هذا الرجل الرقيق القلب والتي كانت عيناه تسيلان بالدموع لأقل موقف.
ومنذ ان عرفته وهو يردد كلمات في كل وقت وفي كل حين في قيامه وقعوده في ركوعه وسجوده كان يقول( اللهم قدر لنا الخير وأكتب لنا الخير اللهم أحسن لنا الخاتمة ) وقد عاش طويلاً ولما حان الأجل أراد المولى سبحانه وتعالى أن يعطيه سؤله وما كان يطلب منه فمات بعد أن صلى الجمعة في شهر رمضان المبارك وهو صائم وشهق شهقة كأنها عطسة خفيفة فإذا به عند أرحم الراحمين الله اكبر ما أكرمك وأرحمك وألطفك بعبادك .
سبحانك ألم يقل ربنا ( أدعوني استجب لكم ) هذا موعود الله فإننا على يقين من ذلك فقط نحتاج إلى الإيمان الكامل واليقين الصادق بموعود ربنا جل جلاله وتقدست اسمائه نعم فقد تعلمت من هذه الحادثة وغيرها أن المؤمن لابد أن يلح في الطلب فإنه يناجي اكرم الأكرمين فقد رأيت كيف دثرت ذلك الرجل رحمة الله لم يرد الله الكريم إلا أن يعطي ذلك الرجل طلبه الذي ظل طوال حياته يلهج لسانه به.
وظفر بمطلبه بسعادة لا تضاهيها كنوز الأرض قاطبة فماذا تساوي رحمة من رحمات الله في ختم العمر بالإحسان وأيضًا لابد أن هناك خبيئة كانت بين الله وبين هذا الرجل لا نعلمها نحن البشر الضعفاء هناك سر أراد الله ان يظهره لنا ويقول لنا أن بيني وبين هذا الرجل سر اظهرت لكم نتاجه في اخر عمره.
فبرغم مرور سنوات عديدة على موت ذلك الرجل الذي كان يظهر الرحمة لكل البشر صغيرهم وكبيرهم نعم برغم مرور هذه السنوات إلا أن منظر موته كما حكت لي اختي وابناؤه لا يفارق مخيلتي هزني الفضول لمعرفة ما كان يفعل فسألت اختي ما الذي كان يفعله وهو من أوائل من اجادوا فن الكهرباء فقالت أنه كان يعمل للفقراء والمعوزين بالمجان أو بمبلغ زهيد لا يكاد يذكر بجانب ما يقوم به من عمل شاق ومرهق واحينا يشتري الأدوات من ماله إذا علم أن أصحاب العمل لا يملكون ثمن الشراء فقلت ربما هذا الذي اوصله لذلك الكرم الألهي الذي لمسناه يوم وفاته فالسعي في حاجة الفقراء أمر عظيم لا يوفق إليه إلا من أراد الله له الخير وقدره ..
فاللهم أحسن لنا الخاتمة يا كريم .
إبراهيم يحيى أبو ليلى .
مقالات سابقة للكاتب