كتب أحدهم قائلاً (لمّا غاب عثمان عن البيعة -بعذر- وضع النّبي ﷺ يده اليمنى على يده اليسرى قائلاً :( وَهذه يد عثمان !) …
(ما أجمل أن تثق في صاحبك حاضرًا غائبًا ..) (فابحث عن عثمانك) حقيقة اعجبتني جدًا هذه الجملة فأردت أن أصوغ منها مقالاً للتاريخ وللأخوة والصحبة في الله ولله ولا شيء غير ذلك نعم ما أعظم أن تثق في صاحبك وأي صحبة أفضل من صحبة أولئك النفر العظماء الذين وضعوا كل ثقتهم في رسول الله ﷺ أنها صحبة خالية من المنافع المادية الدنيوية أنها صحبة لم يوجد في التاريخ لها مثيلاً كيف ذلك وقد أفنى الفيلسوف أفلاطون حياته كلها في البحث عن المدينة الفاضلة فأعوزه ذلك حتى يأس ولكن وبكل بساطة وعفوية وجدت هذه المدينة في يثرب حتى سميت المدينة حين قدم إليها أولئك النفر الذين اختارهم الله العليم الحكيم ليعلموا الدنيا مع نبيهم ومعلمهم كيف تكون الصحبة ومن أعظم ما تكون الصحبة حين يقول الرسول ﷺ قاصدا عثمان ذا النورين (إنه رجل تستحي منه الملائكة ) ولشدة ثقته پأصحابه جميعهم وليس عثمان فقط ففي بيعة الصحابة له في الحديبية تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان التي رضي الله عمن كان في تلك البيعة من الصحابة الأجلاء وغياب عثمان رضي الله عنه بأمر رسول لله وتكليفه لعثمان لقضاء بعض شئون الدولة الإسلامية الوليدة وضع الرسولﷺ يده اليمنى على اليسرى وقال (وهذه يد عثمان ).
الله أكبر وبرغم هذا الحب العظيم لسيدنا عثمان من النبي الكريم ﷺ يأتي قوم لم يكتب الله لهم التوفيق وكان الخسران المبين حليفهم يتهمون الصحابي الجليل ذا النورين الذي زوجه الرسول ابنتيه نعم يأتون بكل صلف المتكبرين ويتهمون الرجل الذي تستحي منه الملائكة بتهم يعلم الله أنه برئ منها وهو انقى سريرة واتقى قلباً وأطهر ذات اليد نعم يأتون يوم الدار ويتسلقون على سنن اللصوص والشطار وقطاعي الطرق والفتاكين في فيما يسمى (يوم الدار) ويقتحمون عليه داره وهو الخليفة والحاكم للأمة الإسلامية ويتسورون عليه الدار ويقتلون الرجل الحيي لم يرحموا شيبته وهو في الثالثة والثمانين من عمره وصحبته لرسول ﷺ وهو يقرأ القرآن الكريم الذي لم يفارقه ابدا منذ أن وضع يده في يدي النبي مبايعاً إياه بالإسلام ،.
اتهموه أنه يحابي أهله ولا أدري متى كان حب الأهل والأقرباء تهمة يقتل المرء بسببها لم يكن يحابي اهله في حد من حدود الله إنه أكبر من هذه التهمة الباطلة وأجلّ وإنما أردوها فتنة طائفية بغيضة لحبهم الدنيا وايثارها على الآخرة واتهموه أنه يعطي اهله الأموال والاعطيات وما كانت سوى أمواله فهو تاجر ولديه من الأموال الخاصة به ما يعفه عن أخذ ما ليس له وهو اتقى وأكبر من افترائاتهم وكذبهم ، فويلٌ لهم ثم ويلٌ لهم ثم ويلاً مما اقترفت أيديهم الآثمة وما اجرأهم على الحق بباطلهم وافتراءاتهم ولكن فليترك لهم دنياهم وليقدم إلى جنات النعيم فهناك الحبيب وصاحبيه أبا بكر الصديق والفاروق عمر وكل الصحب الكرام الذين سبقوه إلى جنات الخلد وهو أحد المبشرين بها ، نعم فليترك للناس دنياهم ويقدم إلى رب غفور رحيم كريم.
يقول المؤرخون إنه قد أخذته سنة من نوم وهو محاصر فرأى رسول ﷺ في المنام فقال له ( أفطر معنا اليوم يا عثمان) وكان في ذلك اليوم صائماً فما اعظمها من بشارة وما اجملها وأروعها من دعوة وكيف لا يفطر مع حبيبه وصحبه في جنات الخلد نعم إنه عثمان بن عفان الذي بذل كل ماله في سبيل الله حتى قال عنه الرسول الكريم ﷺ ( ما ضر عثمان ما فعل بعد ذلك ) حين جهز جيش العسرة واشترى بئر رومة فهل هناك صحبة افضل من هذه.
نعم ومن العجيب أن كل الذين اشتركوا في دمه وقُتِلوا شر قِتلة جزاءً وفاقا وقصاصاً دنيوياً نظير إفترائهم وتعديهم على دمه الطاهر لأن الله سبحانه وتعالى يقول( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) سورة الحج.
نعم ما اعظمها من صحبة وما اروعها من رفقة وما أسعد من كان له في حياته مثل ذي النورين أقرأوا جيدًا سيرة الرسول وصحبه لكي لا يخدعكم المغرضون الموتورون فيدلسون عليك التاريخ ويتهمون الأطهار بتهم هم أحق بها وأهلها والصحب الكرام بريئون منها وقد صدق من قال هذه العبارة(فاليبحث كل منا عن عثمانه) .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب