قبل أن نحلق في فضاء أي أمر ، علينا أن نسبر أغواره ونعلم كينونته.
وقياساً على هذا الأمر ، علينا قبل أن نتحدث عن الصحوة – أي كان حديثنا معها أو ضدها- علينا قبل ذلك كله أن نتعرف على المقصود بالصحوة ؟
ولنوجه السؤال لأنفسنا :
ما تعريف الصحوة؟
ولتكن الإجابة متجردة دون تصورات مسبقة ، أو أحكام سابقة لها.
فليس بالضرورة أن نتحدث عن كل شيء، ولا ننقل أي شيء ،لكن علينا إذا تحدثنا عنه، نكون على دراية به وفهم لمكوناته، وليس مطلوب منا أن ننقل أي شيء إلا بعد أن نتبين صحته، وكذلك دلالات محتواه.
والمُلاحِظُ للمشهد الفكري؛ يجد أنَّ من الناس من يحمل على كل ملتزم بدينه- لاسيما من أهل الخير والحسبة والإصلاح -ويصفهم بالتَّزَمُّت والغلو، فمن يلتزم بالسنة- باطناً وظاهراً- فهو عندهم متحجِّر متشدِّد، ومن يدعو إلى الإسلام غالٍ متنطِّع، والغُيَّر عليه :رجْعِيُّون متأخرون.
أما المنهزمون المتفلِّتون من المُثُل،المفرطون في القيم، المتلاعبون بالثوابت والمبادئ، فهؤلاء عندهم :متمتعون بسعة الأفق، متحرِّرون متنوِّرون ،منفتحون على الآفاق المعاصرة، واقعيون في النظر والسلوك.
إنَّ هذا نوع من التطرف المحموم ، والتطرف المسموم ،في مقابل التطرف المذموم، مما يحمل طلَّاب الوسطية على تحقيق الاعتدال بين هذين الطرفين.
ولهذا فإنَّ مرحلة ما بعد الاعتذار الشهير للدكتور عايض القرني حول الصحوة تتطلب :
– توضيح مفهوم مرحلة الصحوة وإجلاء دلالاتها.
– نشر مفهوم الاعتدال والوسطية بالصورة الصحيحة.
– توضيح أن الوسطية في الإسلام لا تخضع للأهواء والرغبات، وليست تنصُّلاً من الثوابت والمقومات ،ولا تمرداً على المبادئ والغايات، وإنما تُضْبطُ هذه الوسطية بضوابط الشريعة وأحكامها.
– إدراك أنَّ خطأ الفرد في تطبيق نظامٍ ما، ليس عيباً في النظام نفسه، وعليه فمن وصم الإسلام بأخطاء هذا وتقصير ذاك؛ فقد جانَبَ المصداقية والموضوعية والواقعية.
– على الكُتاب والمفكرين ألّا ينتصروا لإيدولوجية محددة، وأنْ يضعوا مصلحة بلادنا الغالية أولاً في التناول والطرح لهذه المرحلة.
سليمان البلادي
مستشار الوعي الإنساني
٣رمضان١٤٤٠هـ
مقالات سابقة للكاتب