الوجه الآخر للإسراف

أيها القارئ الكريم اعلم أثابك الله وحماك:  أننا عندما نتحدث عن الإسراف في الحفلات والمناسبات لا نتحدث عن وجه واحد منه وهو الإسراف في المأكولات والمشروبات فقط ’ وإنّما نتحدث عن كل ما يحيط بهذه المناسبة من مئونة , كم من الحفلات تسبق حفلة الزواج , وليلة العرس كم من النثريات تصرف على النساء ,وكل ذلك لا يمت بوليمة العرس المشروعة بصلة , وهو ما يكون سببا في الإسراف على النفس بتكليفها فوق طاقتها وهو ظلمها , وهذا هو الوجه الآخر للإسراف الذي أعنيه . فقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن موظف مرتبه ثلاثة آلاف أكرم ضيفه بوليمة كلفته ثلاثة آلف فقال هو مسرف على نفسه أي ظالمها , وربما الوليمة لم بق منها شيء, ومع هذا سماه الشيخ مسرف وهكذا شبابنا من أجل محاكاة الغير يسرفون على أنفسهم بتكلفهم فوق طاقتهم .. ولقد علمنا وربما تعلمون أن من الشباب لا يزال يسدد في الديون وعنده من الأبناء خمسة أو أكثر أو أقل.

 أيها القارئ الكريم حفظك الله : وفي هذا الزمن ،زمن الفتن والشهوات وظهور الفسوق  المنكرات إنه  لتُسَرّ العين وتأنس الأذن وينشرح القلب عندما نرى عشاً للسعادة يبنى ، وبناءً للفضيلة يشاد .. يضع الشاب أولى لبناته ، وتمد الفتاة يدها لمشاركته، ويفزع الأهل والجيران والجماعة لإقامته إنه الزواج المبارك. نعمة من نعم الله العظيمة، وآية من آياته الكريمة، إنّه السكن والمودة والرحمة. قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) نعم انه الزواج المبارك.

والذي يمحق بركته ويذهب ثمرته ويحيل السكن والمودة  إلى كره وفرقة , الإسراف بجميع أشكاله وألوانه, كيف لا وهو مكروه عند الخالق والمخلوق,فالله عز وجل قال في كتابه : ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)معنى ذلك أن الله عز وجل  يكره الإسراف والمسرفين , ومن منا لا يكره الإسراف.  فما ظنك بزواج تحيط به المكاره من جميع أطرافه , إنّه زواج قصير أمده , مقطوع ثمره , مكتوب عليه الطلاق المبكر..

أخي القارئ الكريم  : ولقد علمتم في مقالنا السابق آثار الإسراف الوخيمة والعواقب الأليمة ,على أولادنا وبناتنا, فلذا لابد لنا من تفعيل أقوالنا , واجتماع كلمتنا على علاج ما نحن فيه . كلنا نكره الإسراف وننكره لكنه إنكار لا يتجاوز حناجرنا ما نكرهه اليوم نفعله غدا . التناقض بين الأقوال والأفعال حالة يمقتها الله عز وجل.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) ﴾ وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى من الأقوال والأفعال وصالح الأعمال.

نافع ثابت الصحفي

 

مقالات سابقة للكاتب

7 تعليق على “الوجه الآخر للإسراف

ابوملاك

جزاك الله خيرا أستاذي الفاضل وبارك الله فيك وفيما خطته يداك . ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطل ويرزقنا اجتنابه

سعيد بن خيشان الجلسي

نفع الله بك شيخنا الفاضل ، ونفع ربنا بما كتبت ، والجميع يتفقون معك تماماً ، ولكن المشكلة التي نقع فيها هي الانسياق وراء شهوات النفس ، وكذلك التقليد الأعمى والمفاخرة وخاصة عند النساء ، ولعل هذه الأمور تبدأ بالزوال تدريجياً مع اختصار الدعوة للزواج ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

احمد

المقال ممتاز جدا لاكن الشور ليس بيد الرجال نحتاج تثقيف النساء حتى تتمكن الرجال من فرض سيطرتهم على النساء

ريان

جزاك الله خير على كل ما كتبته فالاسراف منتشر في مجتمعنا بشكل كبير نأمل أن تتغير قناعات الكثيرين بشان هذا ونسال الله الصلاح لي ولكم ..

أبو سعود

بارك الله فيك شيخ نافع
سؤال لو تكرمت
ما العمل ممن يعارض الإجراءات التي تتخذ للحد من الإسراف
عنادآ منه وتشفي ومعارضة لبعض الناس ؟

عبدالله

جزاك الله خير
الاسراف من الشيطان
لكن أبغض الاسراف هو امتهان النعمة
المناظر التي نشاهدها في الزواجات يقشعر لها البدن صحون ترمى في الزبالة
وجيراننا في سوريا يبحثون عن لقمة العيش في النفايات
إن سنة الله لا تحابي أحداً وهو القائل
ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد
والكفر هنا المقصود به كفر النعمة

ايجابي

جميل …
والأجمل أن نكون نحن جزء من الحل ! يعني لابد أن نساهم في طرح الحلول المقترحة فلايكفي أن نشخص المشكلة ونبين خطرها ووو لابد أن نعصف أذهاننا لنطرح للمجتمع حلولا عملية لهذه الظاهرة . ولعل صحيفتنا المباركة تفتح بابا مناسبا ليشارك الجميع رجالا ونساء في طرح حلولا ابداعية وعملية لهذه الظاهرة . وانا لمنتظرون .
تحياتي للكاتب الرصين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *