وإن قالوا عنك مستحيلاً

يقول الله تعالى ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)

أخي المبارك إن جادت عليك الدنيا ومنحتك صديقاً وفياً مخلصاً يعينك بعد الله تعالى على نوائب الدهر فتمسك به أينما تمسك فإن الدنيا والأيام لا تجود دائماً بهكذا صديق وإياك ثم إياك أن تفرقكم التفاصيل الصغيرة أو حتى الكبيرة، فالصداقة شيء مقدس إن اكتملت أركانها وأكثر ما يؤثر في الصداقة الماديات والمصالح الآنية الوقتية، فكم من صديقٍ ظننته سنداً وعضداً قد غيرته المادة كما قال الشاعر الحكيم إيليا ابو ماضي :-

لّما صديقي صار من أهل الغنى          

أيقنت أني قد أضعت صديقي!..

نعم فالمادة ستزول حتماً  أما  الصديق فباقي ما بقيت الصداقة الحقة الخالية من المنافع والفوائد والمصالح وكثير من الناس في زمننا المادي هذا يجهل كنه الصداقة الحقيقية لأن الإنسان تؤثر فيه تقلبات الأيام وشجونها وشؤنها، فمرة في فرح ومرة في ترح وأخرى في سرور وبهجة ويسر حال ومرة العكس والصديق الوفي هو من يتقلب معك وفي كنفك مهما تقلبت بك الايام هو ثابت كالجبال لا يتأثر ولا يتغير تراه معك أن انت اغتنيت ويظل معك ان افتقرت يربت على كتفك إن أصابتك ضراء وهم وإن تعثرت أقلك وشد ساعده بساعدك وقال لك وهو هاشاً باشاً يمد إليك يده انهض عزيزي لم ترع وينفض عنك غبار السقوط ويحملك على عاتقه إن خانتك قدماك لا يبالي بتعبه الجسدي طالما أن نفسه الكبيرة في راحة وسكون لأنه قد أعان صديقه وقت شدته…

 ما فائدة الصداقة والعلاقة إذا كان من تحسبه صديقاً قد تخلى عنك مع أول سقوط لك في حفرة الأيام أي صداقة هذه التي يبدو لها بريقاً كبريق الذهب الإبريز وضوء ساطع والايام مضاءة مقبلة عليك فإذا ما أظلمت عليك وأدبرت فقدت ذلك البريق وبقيت تتعثر في دياجير صداقة زائفة كالسراب الذي يظنه الظمآن ماءً وإذا هو سراب لا يروي عطشاً وظل حائل لا يأوي متعباً انهكته شمس صحراء الايام بقسوتها…

والقول الأجمل ما قاله الشاعر:

إِنَّ اَخاكَ الحَقّ مَن كانَ مَعَك

وَمَن يَضِرُّ نَفسَهُ لِيَنفَعَك

وَمَن إِذا ريبَ الزَمانُ صَدَعَك

شَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمَعَك

فهل هناك صداقة مثل هذه في زمننا المادي هذا أم أنها (كالغول والعنقاء والخل الوفي) كناية عن المستحيلات أما أنا فلست بيائس فقد منحتني الأقدار أصدقاء كالكواكب الدرية جمالاً وروعةً ووفاء ، نعم لدي أصدقاء والحمد لله يعينونني على تقلبات الايام ويمدون لي يد العون والمساندة وأنا في أحلك ظروفي يلتمسون لي العذر إن أخطأت ويقومنني إن حدت عن الجادة…

يقال إن الصديق وقت الضيق نعم هذا صحيح بل هو في كل وقت فما التفت يمياً الا ووجدته يمسك ساعدي ويهزني بعنف جميل لأتنبه انه معي وفي أي جهة من الجهات أبحث عنه فإذا هو يسايرني كالظل الذي لا يفارقني بل أكثر لصوقا بي من الظل لأن الظل إن فُقِدَ النور تخلى عني أما هو فإن فُقِد النور يكون أشد التصاقاً بي كي لا أتعثر واسقط فأتألم ويتألم لألمي، إن بكيت من قسوة ايامي مسح أدمعي وإن أطلقت آهات الهم والحزن مسح على صدري ليخفف عني ما أعاني هذا هو الصديق ونختم بما قال الشافعي رحمه الله تعالى :-

سَــــلامٌ عَلى الدُنـــيا إِذا لَـم يَكن بِـها صَـديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا

وأيضا :-

وَلاَ خَيْرَ فِي وِدّ امْرِئٍ مُتَلَوّنٍ

إِذَا الريحُ مَالَتْ مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ

وَمَا أَكْثَرَ الْإخْوَانَ حِينَ تَعُدُّهُمْ

وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قلِيلُ

إبراهيم يحيى ابوليلى

مقالات سابقة للكاتب

6 تعليق على “وإن قالوا عنك مستحيلاً

ابوباسم.

جزاك الله خير استاذ ابراهيم .
هنا الشاهد …!
( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله بينهما يوم القيامة ، يقول : هذا الذي أحببته في ” .
فكل صداقة أو حب لغير الله نهايتما الفشل و الندم الخسارة.
نسال الله أن يرزقنا الاخلاء الصادقين المخلصين المحتسبين.
تحياتي لك ابا ليلي .

ابوباسم.

جزاك الله خير استاذ ابراهيم .
هنا الشاهد …!
( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله بينهما يوم القيامة ، يقول : هذا الذي أحببته في ” .
فكل صداقة أو حب لغير الله نهايتهما الفشل و الندم الخسارة.
نسال الله أن يرزقنا الاخلاء الصادقين المخلصين المحتسبين.
تحياتي لك ابا ليلي .

زكية الهوساوي

وأنت الذي جئت مختلفاً في زمن طغت عليه الماديات
والمصالح بصديق صدوق صادق الوعد مفتخراً
وكانوا قد أعتبروه من اليأس وخيبات الأمل
مستحيلاً
فإذا هو في سمائك يرتقي
تشيد به مفتخراً
وإن قالوا عنك مستحيلاً
دمت لي صديقاً وفياً وخليلاً
أدام الله بينكم المحبة والمودة والوفاء.

ابوخالد

كل الشكر والثناء للأستاذ ابواحمد على هذه المقاله التى تطرقت لموضوع مهم جدا وهو الأصدقاء وليسمح لنا بمساحه للتعليق فالصديق الحقيقي كنز لا يعوض ولا يقدر بثمن اخا في السراء وعون في الضراء في الحزن تجده كما في الفرح لا يغيب ان اخطئت يحسن بك الظن يلتمس لك العذر يسدي لك النصح لا تغيره المواقف ولا يتبدل ويتلون حسب الحاجه في الخير عطائه لا ينضب ان احتجت اليه سعى في حاجتك ان لجئت اليه لا يخذلك فعلينا ان لا نتسرع في اختيار الأصدقاء فإن فيروس أصدقاء السوء لا يختلف عن فيروس كورونا بل اشد فتكا ،كورونا قد يمن الله بدواء شافي منه وان كان للأجساد هالك اما فيروس أصدقاء السوء فانه دمار للعقول فإذا دمر العقل فهل للجسد قيمه ؟ لذا علينا ان نختار من نصادق بعنايه لان الصديق مرآة لصديقه وان أخفقنا في الاختيار وسوء التقدير علينا ان نلوم أنفسنا لاننا نحن من اختارهم وبمحض ارادتنا وعلينا ان نستفيد من ذالك الإخفاق.

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

الأستاذ إبراهيم يحي أبو ليلى
بارك الله فيك على هذا الطرح الرائع، الصداقة علاقة جميلة وتزداد جمالًا عندما تكون خاليةً من المصالح الوقتية والتي تجعلها تنتهي بعد إنقضاء المصلحة.
لا يزال الخير موجودًا ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى كسب أصدقاء دائمين في مثابة الأخوة.

دي لاور

ليس من المستحيل وان قالوا عنك مستحيلا وان كان عند العرب من الثلاث المستحيلات الغول والعنقاء والخل الوفي لنتحدث عن الخل الوفي لا الدخول من بوابه عالم الأساطير الذي عادة ما تكون بدايته جميله ونهايته مميته فالمواقف تفضح زيف المشاعر وتكشف الأقنعة . من النعم التى احمدلله عليه صديق واحد فقط منذوا الطفولة عين وهدب ومازلت متمسك به لان الفقر له ميزه جميله لا يعرفها الا الفقراء انه يحمي من كثرة الأصدقاء الذين يبعون الوهم جمله وقطاعي وبكل المقاييس والألوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *