«الشيخ» أول طبيب سعودي زرع قوقعة سمعية قبل 28 عامًا.. ماذا يقول؟

في الوقت الذي احتفى فيه العالم أمس الأول (الثلاثاء)، باليوم العالمي لزراعة القوقعة، التي تعد أحد أهم الإنجازات الطبية المتحققة في العقود الأخيرة، لا يزال فاقدو السمع يعانون من عدم توافر العدد الكافي من أخصائيي الزراعة والتخاطب والتأهيل في جميع المستشفيات الحكومية ما دفعهم إلى خوض غمار المستشفيات الخاصة. وتزيد تكلفة إجراء الزراعة على 150 ألف ريال بحسب نوعية الجهاز المستخدم، الذي يتكون من جزءين؛ داخلي، عبارة عن سلك صغير مصنوع من التيتانيوم يوصل بالأذن الداخلية وينتهي بجزء مغناطيسي يوضع تحت الجلد لربطه بالجزء الخارجي وهو معالج صوتي يلتقط الأصوات عن طريق المايكروفون الصغير ثم يعالجها حتى يستطيع الزارع سماعها وفهمها.



أجرت «صحيفة عكاظ» لقاءً مع عدد من الأطباء المتخصصين في زراعة القوقعة، وتحدث رئيس الجمعية السعودية للأنف والأذن والحنجرة ورئيس الأكاديمية العربية للأذن وزراعة القوقعة الدكتور عبدالرحمن حجر، عن درجة أمان الزراعة فقال إن الجراحة آمنة بشكل عام، وآثارها الجانبية نادرة للغاية، فمن خلال أكثر من ألف عملية زراعة قوقعة أجراها منذ عام 2004، لا يذكر غير ثلاث حالات لم يتمكن من زراعتها. ويضيف أن عمليات زراعة القوقعة من العمليات الآمنة وخاصة إذا تمت تحت أيادي أطباء متمكنين ومتمرسين، وكما هو الحال في جميع العمليات فهناك عدة مخاطر محتملة وإن كانت بنسبة ضعيفة؛ منها مخاطر الالتهابات أو النزيف أو الدوار أو ضعف عصب الوجه.



وأضاف حجر أن مركز الملك عبدالله التخصصي للأذن، يؤهل الكوادر الوطنية في هذا المجال، وهو المركز الوحيد المعتمد في الشرق الأوسط لزمالة جراحه الأذن، ومن أهم أسباب انتشار المرض في مجتمعاتنا زواج الأقارب الذي قد ينتج من خلاله أطفال فاقدون لحاسة السمع دون أن تعلم العائلة.



من المواقف المؤثرة مع المرضى بعد زراعة القوقعة وعودتهم للحياة الطبيعية التي تذكرها الدكتورة ليلى التلمساني قصة الطفلة «لمار» التي ولدت بفقد سمعي عصبي عميق في الأذنين وتمت زراعة الأذنين، وبعد مرور أربع سنوات وحصولها على شهادة تفوق في المدرسة جاءت والدتها إلى العيادة وعانقتها معبرة عن حبها وامتنانها.



ومن الحكايات قصة الشاب الذي فقد سمعه بسبب إصابة في العمل أدت إلى فقد تام للسمع في الأذنين، حضر المريض للعيادة بعد تسعة أشهر وقد فقد سمعه ووظيفته مصابا باكتئاب شديد، وبعد إجراء عملية زراعة القوقعة وفترة تأهيل قصيرة استعاد سمعه، وظيفته، وسمع صوت ابنه الذي ولد أثناء فترة فقده لسمعه.



ماذا يقول رائد الزراعة ؟



رائد زراعة القوقعة الإلكترونية في السعودية الدكتور عبدالمنعم الشيخ، ورئيس برنامج زراعة القوقعة في مستشفي الملك فهد بجدة سابقاً، بدأ في عام 1993م كأول سعودي في إجراء زراعة القوقعة ويشير إلى أن أكثر فئة عمرية تجرى لها الزراعة هي فئة الأطفال خصوصا المصابين منذ الولادة، مشيرا إلى أن أفضل عمر لإجراء العملية هو في السنة الأولى لعمر الطفل، إذ تيسر له عملية التأهيل للنطق، ويفضل إجراؤها قبل السنة الخامسة لمن ليس لديه حصيلة لغوية. أما فئة الكبار فيقسمها الدكتورعبدالمنعم إلى اثنتين؛ الأولى من فقد السمع منذ الولادة ولم يجر لهم أي إجراء طبي حتى سن البلوغ والعملية هنا لاتصلح ولو أجريت فلن يستفيد منها بما يرضي تطلعات الأهل والمجتمع. أما الثانية فهم من فقدوا السمع بعدما تكونت عندهم حصيلة لغوية كاملة، فالعملية مناسبة، ولا يحتاجون إلى تأهيل تخاطبي مكثف فهذه العملية يمكن إجراؤها حتى لو بلغ المصاب السبعين عاما من العمر أو أكثر.



80 % : المخزون اللغوي



من شرق المملكة، ترى رئيسة ومؤسسة وحدة زراعة القوقعة الإلكترونية في مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر البروفيسورة الدكتورة ليلى التلمساني، أن أهم مرحلة لعمليات زراعة القوقعة هي مرحلة التأهيل التي تتبع العملية والتي قد تصل لدى الأطفال لمدة ثلاثة أعوام. وأوضحت أن الفرق بسيط في خطوات العملية الجراحية بين الأطفال والبالغين وهناك فرق أساسي في التأهيل، إذ إن البالغ يفقد السمع بعد اكتساب اللغة، بينما الطفل الأصم لم يتعلم الكلام وليس لديه لغة تعبيرية. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن زراعة القوقعة تعطي نتائج تتجاوز 80% من المخزون اللغوي للطفل في حال تمت الزراعة خلال سنوات العمر الأربع الأولى بينما قد لا تتجاوز20% لو تمت الزراعة في عمر متأخر، أما إذا فقد الطفل سمعه بعد اكتساب اللغة فإن النتائج تكاد تكون طبيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *