حصن خليص التاريخي

قامت اللجنة الثقافية بمحافظة خليص إبان فعاليات برنامج “خليص تاريخ وأدب”  على أنتاج فيلما وثائقيا تم عرضه في رحاب كلية الآداب والعلوم بجامعة جدة – فرع خليص ، ومع كامل شكري وتقديري لما بذل في هذا الفيلم من جهد توثيقي لمعالم المحافظة سواء منها الآثار التاريخية أو الدينية حين تشرفت خليص بمرور خير البرية والبشرية سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

غير أنه استوقفني ماتضمنه الفيلم من معلومات عن ( حصن خليص التاريخي ) والمعلم البارز بها ، حيث نسب بناؤه إلى العهد العثماني (الدولة العثمانية استمرت لما يقرب من 600 سنة، أسسها عثمان الأول بن أرطغرل عام 1299 ميلادي الموافق عام 699 للهجرة ، وأنتهت عام 1923 ميلادي الموافق تقريبا عام 1326 للهجرة ) ، بينما هذا الحصن تم بناؤه في العصر العباسي ( الدولة العباسية استمرت تقريبا 770 سنة ، أسسها أبي العباس السفاح عام 749 ميلادي الموافق 132 للهجرة وأنتهت في القاهرة عام 1519ميلادي الموافق تقريبا 902 للهجرة ).

و بالبحث والتقصي في الكتب والمراجع التي تناولت هذا الحصن بشيءٍ من التفصيل .. سأورد هنا ما جاء ذكره عن ( حصن خليص التاريخي ) في بعض المصادر والمراجع التاريخية ، حيث يقول ابن جبير في كتابه -( تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار ) الصفحة ١٣٦ ” ثم أقلعنا أثر صلاة الظهر إلى خليص فوصلناها عشي النهار وهى في بسيط من الأرض كثيرة حدائق النخيل لها جبل فيه حصن مشيد في قنته وفي البسيط حصن آخر قد أثر فيه الخراب وبها عين فواره قد أحدثت لها أخاديد في الأرض مسربة يستقي منها على أفواه كالآبار يتزود الناس بها الماء لقلته في الطريق بسبب القحط المتصل ” وكان نزولهم بخليص عشي – عصر – الأحد الموافق ٢٥ / ١٢ / ٥٧٩ هجرية وقد أصبح الناس مقيمين يوم الاثنين لإرواء الإبل وتزود بالماء. 

وكذلك ماذكره ياقوت الحموي – في كتابه معجم البلدان في المجلد الثاني صفحة ٣٨٧ – ” حصن خليص بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ” وياقوت الحموي يرحمه الله توفى عام ٦٢٦ هجرية.

وجاء ذكر حصن خليص عند ابن بطوطة في رحلته – ( تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأمصار ) صفحة ٨٩ – ” وسرنا من رابغ ثلاثا إلى خليص ومررنا بعقبة السويق وهي على مسافة نصف يوم من خليص ثم نزلنا بركة خليص وهي في بسيط من الأرض كثيرة حدائق النخل لها حصن مشيد في قنة جبل وفى البسيط حصن خرب وبها عين فواره قد صنعت لها أخاديد في الأرض وسربت إلى الضياع وصاحب خليص شريف حسني النسب وعرب تلك الناحية يقيمون هنالك سوقا عظيمة يجلبون إليها الغنم والتمر والآدام ” و ابن بطوطة ولد في ٧٠٣ هـجرية و قام برحلته إلى الحجاز والحج وعمره اثنتان وعشرين عاما مما يجعله أن مر في عام ٧٢٦ هـجرية . 

فيما ذكر المقدسي ٣٣٦ – ٣٨٠ هجرية في كتابه – ( أحسن التقاسيم ) صفحة ٨٨ – ” أمج صغيرة بها خمسة حصون اثنان حجرية وثلاثة مدر والجامع على متن الطريق وخليص متصلة بها وبها بركة ماء وقناة وتمور وخضر ومزارع .

ومنا هنا من المؤكد أنه جاء ذكر حصن خليص التاريخي عند المؤرخين المتقدمين قبل قيام الدولة العثمانية التي لم ترى النور الا عام 699 للهجرة تقريبا وهو ما يؤكد أن هذا الحصن كان بناؤه في العصر العباسي وسابقا للعهد العثماني بسنوات طويلة .

بقي أن أشير إلى أن هذه المراجعة التاريخية كلفتني وقتًا أمضيته بين مكتبتي الخاصة و المتواضعة أو عن طريق شراء بعض الكتب أو بالبحث عن طريق الشبكة العنكبوتية سعياً لتقصي المعلومة الصحيحة الموثقة و رغبةً في توثيق معلم مهم أجدهمن معالم محافظتي الغالية خليص، ولعل ذلك سيقودني لاحقاً للكتابة عن معالم وآثار أخرى سوف أتناولها في سلسلة مقالات قادمة .

 

2 تعليق على “حصن خليص التاريخي

د. حمزة المغربي

جهد مبارك من الشيخ عبد الغالب الغانمي أحد أعضاء اللجنة التأسيسية للّجنة الثقافية بمحافظة خليص و هو مهتم و له مشاركات سابقة في نشاطات اللجنة الثقافية حول موروث المحافظة و ألوان تراثها الشعبي، و قد تضمّن مقاله معلومات قيمة عن حصن خليص موثقة بمصادر تاريخية يستند إليها، آمل من ذوي الاختصاص تمحيص القول في هذا الأمر لتستنير به اللجنة الثقافية كيما يتمّ استدراك ما قد يحصل من التباس فيما ذكر عنه من معلومات وردت في الفيلم الوثائقي المشار إليه، و غني عن القول أنّنا نطمح و نرغب جميعاً في أن تتحقّق فيما نكتب و ندلي به من معلومات أربعة أمور هي:
الوضوح فيما يذكر و أن لا يحدث أي لبس،
و التسلسل المنطقي في الطرح
و الإقناع من خلال التوثيق أو البرهان لتصل إلى الحقيقة
و القيمة المضافة لما يتم طرحه
و نجد ذلك بارزاً فيما أمدّنا به الشيخ عبد الغالب جزاه الله عنّا خيراً

عذب السجايا

1.العثمانيون لم يعرفوا طريق الحجاز إلا بعد قرون من تأسيس دولتهم ( بالنظر لتاريخ مرج دابق ) ، ففي “الأغلب” بني الحص وغيره في عهد العباسيين وربما في زمن الاخشيد! ، ترجيحاً لا تأكيداً ؛ لأنه قد يكون قبل ذلك، ما المانع ؟ . لكن قطعاً ليس في دولة بني عثمان كما وضحته بارك الله فيك

2. أرى أن العصر العباسي الثاني ( عصر الضغف ) قد يكون مسبب منطقي لتوجه الثوار لبناء هذه الحصون ، وهي المرحلة الجديرة بتركيز البحث فيها

3. نص ابن بطوطة يثير لدي الشكوك حول مصداقيته، واضح أنه ينقل بالنص من ابن جبير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *