نشرت صحيفة عكاظ في عددها الصادر صباح هذا اليوم تقريراً حول معاناة أهالي محافظة خليص حول شح المياه ونقص الخدمات والاضرار البيئية الواقعة على عدد من المناطق بالمحافظة مثل مخطط غران الذي يعاني من أدخنة مصنع الطوب المجاور له .. وفيما يلي التقرير (كما نشرنه الصحيفة) :
العطش طردهم من خليص
ليست المرة الأولى التي يستقبل فيها أهالي خليص صحفيين لنقل واقع حياتهم، لكنها أيضا ليست المرة الأخيرة التي يتلقون فيها وعودا من المسؤولين بأن الحال سيتغير، فاستمرت المعاناة شهورا وسنوات.
عرفنا أن خليص كانت محطة دائمة لمن يريد أن ينقل معاناة حقيقية للمسؤولين، خاصة أن المسافة التي تفصلها عن جدة لا تزيد على 90 كم، إلا أن العجز في تقديم وعود بالتفاعل والاكتفاء بتسليط الضوء ربما يشكل معاناة من نوع آخر.
على أرض خليص تتسع مساحة الآلام ليمتد جرح المعاناة للأهالي لعشر سنوات، وربما تزيد، وفي كل مرة يكشفون حجم تضررهم من شح المياه والنقل المدرسي، ومعاناتهم الأزلية مع مصنع الطوب الأحمر الملاصق لأحيائهم مخلفا الغبار الأحمر، وروائح الصرف الصحي المنبعثة منه، ورغم مرور قطار التنمية بمنطقتهم ليل نهار، إلا أن مكتسباتهم منه تعد على أصابع اليد.
تحت سحابة حمراء تلف خليص بشكل عام، وحي غران بشكل خاص، التقينا عبدالعالي الصحفي، بصفته النموذج الذي فضل الرحيل من بلدته للعيش في جدة، والمبرر كما يقول إنه فقد الأمل في إزالة مصنع الطوب الأحمر ونقله إلى منطقة خارج المحافظة لا يوجد بها سكان، أو الخيار الأفضل، بانشاء منطقة صناعية لكل المصانع، بعد أن أصبح هذا المصنع على حد قوله كالخلية السرطانية في جسد حي «غران» بما يبثه من الغبار الأحمر الذي يخلفه كل يوم، وروائح الصرف الصحي المنبعثة منه، والتي تسببت في الكثير من الأمراض للأهالي، خصوصا الربو وضيق التنفس، ورغم محاولاتنا المستمرة وشكاوانا المتكررة للجهات المعنية إلا اننا لم نجد سوى اذن من طين وأخرى من عجين، ولا نعلم ما هي القوة الخفية التي تعمل على بقائه مهددا لحياتنا وحياة الأجيال القادمة.
قطرة ماء
وفي شوارع خليص لا يمكن لأحد أن يلحظ تمديدات لمشاريع شبكات المياه التي ربما تدل على تطور ملحوظ في توصيل المياه المحلاة من البحر القريب جدا من المدينة.
سألنا مصطفى الشابحي (أحد الأهالي) عن واقعهم فأكد أن معاناتهم الأكثر أهمية تتمثل في شح المياه في ظل الوعود المتكررة بدخول شبكة المياه المحلاة. ويتساءل الشابحي: لا نعلم ما هي الصعوبات في إيصال المياه لمحافظة تبعد عن البحر 20 كم فقط، للأسف كانت خليص سلة غذاء المنطقة وأصبحت الآن صديقة للتصحر جراء شح المياه وبطء تنفيذ مشروع التحلية الموعودة به، مبينا أنه بالرغم من ذلك لا يزال عدد من الأهالي يثابرون من أجل بقاء خليص زراعية ولكن امكانياتهم تصطدم بالواقع الأليم، حيث اصبحت المحافظة تستجدي قطرات المياه من خلال عدد محدود من الآبار التي أصبحت تميل للملوحة، وكذلك عن طريق سد المرواني. ولكنها مياه غير نقية وتحتاج لتكرير حتى تصلح للاستخدام الآدمي.
الجدب السياحي
ويبدو حال السياحة في خليص، مثل واقع شح المياه، حسب تأكيدات دخيل الغانمي وعبدالرحمن المحلبدي، اللذين أكدا أن خليص موقع يزخر بالكثير من الآثار وخصوصا قلعة خليص الأثرية التي اصبحت عرضة للسقوط بعد أن كانت تحرس المنطقة في الماضي، ورغم تسليمها لهيئة السياحة والآثار من قبل إلا أنها لم تحظ بما حظيت به قلاع وحصون قريبة منا، وعلى سبيل المثال قلعة محافظة عسفان وغيرها ولا نعلم هل العتب والمطالبة توجه لهيئة السياحة والآثار أم لبلدية المحافظة التي تغض الطرف عن مثل هذه المعالم السياحية كما اننا نسمع أن في خليص مسجدا صلى به الرسول صلى الله عليه وسلم وللأسف نسمع مثلنا مثل من هو خارج المنطقة، ونتمنى البحث والتنقيب ومعرفة مثل هذه المعلومات من قبل المختصين والمؤرخين ومن خلال الندوات الثقافية التي تمنح خليص مكانتها التاريخية كمحافظة على طريق الحجاج.
أما معاناة طلاب مدرسة موسى بن نصير الابتدائية فعنها شرح كل من عطية عبدالغني وفايز ناشي وعبدالرحيم شاكر الصحفي أنها مستمرة منذ 3 سنوات حيث صدرت التعليمات بترميمها وبعد عام توقف العمل فيها وبسؤالنا عن ذلك قيل لنا انه سحب المشروع من المقاول وحتى الآن ومعاناة أبنائنا البالغ عددهم 222 طالبا مستمرة كل يوم، فهم يدرسون في مدرسة غران الثانوية والمتوسطة بعد خروج طلاب الثانوية منها أي بعد الظهر وهذه المعاناة للطلاب الصغار لتعرضهم للشمس والحر ونقص ساعات التدريس وهذا يؤثر على تحصيلهم العلمي وخصوصا أنهم في مقتبل العمر.
البنية التحتية
ويعاود الحديث عبدالعالي الصحفي موضحا معاناة جديدة ضمن تلك المطالب وهي نقص سفلتة شوارع المحافظة وخصوصا مخطط غران المعتمد منذ عام 1400 وكذلك الانارة حيث إن الكثير من شوارع الحي لم تسفلت، كما أن هناك حارات تفتقد لشبكة المياة مثل أحياء اليمانية والربوة والنزهة والمقر وأصبح سكانها عرضة لجشع موردي المياه والوايتات التي بلغت قيمة الرد الواحد 300 ريال ويصل بعد معاناة وصبر طويل.
محافظ خليص: المستثمرون لم يتجاوبوا
كما أجرت لقاءً مع سعادة محافظ خليص فيما يلي نصه :
انتقد محافظ خليص سلطان بن ناصر بن معمر، دور رجال أعمال المنطقة وتجاوبهم مع مشاريع تطوير المنطقة، مضيفا لـ«عكاظ»: للأسف دورهم ضعيف جدا أو شبه معدوم حتى من لديه القدرة المالية الكبيرة هجر خليص واصبح مستثمرا في جدة أو مكة، وقد التقيت عددا منهم وتم التنسيق معهم بعد دعوتهم من قبل عضو لجنة الغرفة التجارية في جدة حسن شاكر وتم تزويدهم بإحصائيات عن شريحة السكان وامكانيات المنطقة ولكن للأسف حتى الآن لم يتم شيء ولم يتجاوبوا.
وأكد أن موقع خليص الاستراتيجي عامل جذب لكل مستثمر إذا ما وجد الجدية من رجال الأعمال واذا تنازلوا مبدئيا عن نظرية الربح والخسارة، وقال: بدأنا بالمناطق التي تقع على الخط السريع حيث تم استثمار مساحة كبيرة ستكون نواة لشريحة استثمارية مجدية بعد الانتهاء من كوبري الجامعة الذي بدأ العمل فيه وهو سيساعد على الاستفادة من تلك المناطق لخدمة المحافظة لأنه سيصبح المدخل الرئيسي للمحافظة وسيربط خليص بمحافظة ثول ويختصر المسافة وستقع عليه عدة مشاريع منها المركز الحضاري ومجمع الدوائر الحكومية ومخططات الملك عبدالله الجديدة التي تشتمل على 7 آلاف قطعة، لذلك وضعنا شريحة كبيرة من هذا الموقع للاستثمار، والتي بدورها ستخدم كل تلك المناطق وهناك مشاريع اقتصادية مطلوبة ومرتبطة بمواقع أخرى مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وغيرها كما أن هناك مشاريع قائمة ستكتمل مثل منطقة الاحتفالات الجديدة وتشتمل على كافة التجهيزات من مسرح وخلافة لتكون لليوم الوطني والأعياد مزودة بكافة الخدمات وسيصبح موقعا متكاملا من اسواق وحدائق وفنادق وسيكون موقعا نموذجيا للأهالي والزوار.
وأوضح أن المحافظة والمراكز والقرى التابعة لها مقبلة على نهضة شاملة تشمل الانسان والمكان وبخطى متسارعة مبشرا الأهالي بعدد من المشاريع القادمة مثل تحلية المياة والمركز الحضاري والمنتزه الوطني الطبيعي وكذلك استقطاب رجال الأعمال للمنطقة والنادي الرياضي والأحياء النموذجية الجديدة بإجمالي 7 آلاف قطعة سكنية، مشيرا إلى أن هوية خليص ستتجه إلى السياحة والاقتصاد من خلال مشاريع حيوية جديدة كالمدينة الصناعية بعد أن كانت سلة للغذاء نظرا لشح المياه وندرتها والحل يكمن في ايصال شبكة المياه المحلاة التي وعدنا بوصولها عام 2018 (بعد ثلاثة أعوام) بمشروع رائد يفي بالغرض ويحل مشكلة تؤرق الأهالي. وفي ما يتعلق بالاهتمام بالشباب، أشار إلى أن هناك محاولات من قبل لجان التنمية الاجتماعية وهي تقوم بدورها تجاههم، كما أن مراكز الاحياء أيضا رافد من روافد التنمية كما تم تزويد رعاية الشباب بأرض لإقامة ناد رياضي لشباب المنطقة منذ 4 سنوات وحتى الآن ونحن ننتظر اقامة هذا النادي.