الرّغام أو الرغامة: هي التراب اللين الدقيق ، وجاء في لسان العرب الرَّغْم والرُّغْمُ الكَرْهُ والمغرمة قال ياقوت الحموي: ( الرغام بفتح أوله وهو دقاق التراب، ومنه أرغمته أي أهنته وألزقته بالتراب، وقال الأصمعي: الرغام من الرمل الذي لايسيل في اليد، وقال الفرزدق في جرير:
تبكي المراغة بالرغام على ابنها
والناهقات بصحن بالإعوال
ويقول عبدالله بن خميس :( الرغام دقاق الرمل ،ومنه أرغمته إذا ألصقت خده بالرغام التراب الدقيق ).
وجاء في الحديث: ((إذا صلى أحدكم فليلزم جبهته وأنفه الأرض حتى يخرج منه الرغم ))معناه حتى يخضع ويذل ويخرج منه كبر الشيطان .
وتقول :فعلت ذلك على الرغم من أنفه ورغم فلان بالفتح إذا لم يقدر على الانتصاف ..
وجاء في لسان العرب ((الرَّغْم والرِّغْم والرُّغْمُ الكَرْهُ والمَرْغَمَةُ مثله قال النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثْتُ مَرْغَمَةً المَرْغَمَة الرُّغْمُ أي بُعِثْتُ هواناً وذُلاًّ للمشركين وقد رَغِمَهُ ورَغَمَهُ يَرْغَمُ ورَغِمَتِ السائمة المَرْعَى تَرْغَمُه وأنِفَتْه تأنَفُهُ كرهَته قال أبو ذؤيب الهذلي:
وكُنَّ بالرَّوْضِ لا يَرْغَمْنَ واحدةً
من عَيْشهنّ ولا يَدْرِين كيف غدُ
ويقال :ما أَرْغَمُ من ذلك شيئاً أي ما أَنْقِمُه! وما أَكرهه!
ومَراغُ الإِبلِ: مُتَمَرَّغُها؛ قال الشاعر:
يَجْفِلُهَا كُلُّ سَنَامٍ مُجَفَّلِ
لَأْيًا بِلَأْيٍ فِي الْمَرَاغِ الْمُسْهِلِ
وقيل تمرَّغ على التُّراب أو تمرَّغ في التُّراب: تقلّب عليه أو فيه فيقال : تمرّغتِ الدابّةُ، وتمرّغ الطِّفلُ!!
والتمَرُّغُ: التَّقَلُّبُ في التراب!
وفي حديث عَمّار قوله : أَجْنَبْنا في سفر وليس عندنا ماء فتمَرَّغْنا في التراب؛ ظَنَّ أَنَّ الجُنُبَ يحتاج أَن يُوَصِّلَ الترابَ إِلى جميع جسَده كالماء.
وجاء في بعض المعاجم الرغام بمعنى (البَوْغاء) وهي دقاقُ التُّراب الهاِفى فى الهواء ; ومنهَ تَبوُّغُ الدّمِ وهو ثورَانُه وارتفعت بَوْغاءُ الطّيب ; إذا سطعت سوَاطعُ فَوْحه وقيل:
لعُمْرُك لولا هاشمٌ
ما تَعَفَّرتْ بِبَغْدَانَ فى بَوْغائها القَدمَان
وقد يأتي التمرغ بمعنى التعفر وقيل :تعفَّر في التُّراب تمرَّغ فيه، وغطَّى نفسَه بالغُبار!!
والمراغة في لهجتنا المحلية وأغلب مناطق الجزيرة العربية تطلق على التربة الطينية المستوية أو المنخفضة من الأرض وغالباً ما تتكون بعد تجمع مياه السيول في منخفض من الأرض فيتبقى الطين الذي يصبح مع مرور الوقت رملاً خفيفاً دقيقاً يتطاير منه الغبار مع أول ريح ، وإذا أصابه مطر صار وحلاً .
يقول الشاعر عبدالله المسعودي الهذلي – رحمة الله -:
اللي يمر المراغه ما سلم ثوبه من الطين
والمعترض للبلاوي لايقول الله بلاني
وقد شاهدت -قبل أيام -في قرية مهايع بوادي ساية ذود من الأبل لرجل من قبيلة سليم وهي تتهادى في طريقها للصعود لمصيفها في حرة بني سليم وذلك بعد عودتها من المشتا في أودية تهامة الحرمين.
وقد توقف الذود عند مراغة طينية تتمرغ بها، وقد ودهشت بفعل أحد الجمال حيث قام يشم هذه المراغة ثم تذوقها قبل أن يستلقي بها ، ويتبعه بعد ذلك أغلب قطيع الأبل !!
فذهبت وسألت أحد كبار السن من ملاك الأبل -الخبيرين والعارفين بأحوالها -عن هذا العمل فرحب بي بعد أن ضيفني بحليب حلو المذاق من أحد الخلفات من نياقة فقال: أن الجمل يفعل ذلك للأختبار هذه الأرض بحاسة شمة القوية هل هي أرض نظيفة وخالية من الطفيليات حتى يتمرغ بها !!
وعندما سألت هذا ( البدوي ) لماذا تتمرغ الأبل بهذه الطريقة قال أنها تعتبر طريقة لتنظيف للإبل وتعقيمها وقتل للحشرات والديدان والجراثيم الضارة العالقة بجلودها ،كالقراد ،والحلم والخملة وغيرها من الطفيليات والجرب الذي يصيب الأبل عادة!!
فذكرت قول الشاعر ممدوح العطياني العتيبي وهو ما يوافق حديث هذا الشايب فيقول:
مراغة الجرُب مالي في طرفها مكان
تلقى من الجرُب ما يملى مساحاتها
االله جعلهااا مكان ً خصب للهيملان
تضوي عليها قبل تضوي على أمّاتها
واستمر هذا المسن في حديثه بقوله أنه ليس بالضرورة أن تكون الأبل مصابة بمرض جلدي أوغيره عندما تتمرغ فهي بعض الأحيان تتمرغ من أجل التنظيف العام وحك ومداعبة جلودها بالأرض وأكثر من يفعل ذلك منها صغار الأبل ( الحشو ) وغالباً ماتفعل ذلك في هذه الأماكن الطينية التي تناسبها عن غيرها من الأراضي الصلبة والقاسية !
وأردف حديثه قوله أن التمرغ ليس مقصور على الأبل بل يتعداها إلى غيرها من الحيوانات ، وقولة هذا يتوافق مع الشاعر والفلكي راشد الخلاوي وهو يصف مراغة الارنب عند باب جحره ويشبها بنجوم الثريا :
اول نجوم القيظ غرا لكنها
مراغة بزوا عن باب المجحرا
والمقصود بالبزوى هنا في بيت الخلاوي الأرنب!!
وقد أنكر عليًّ هذا البدوي الخبير بشؤون الأبل عندما نقلت له قول البعض أن المراغة تسمى ( المعطن ) وأوردت له قول الشاعر فيصل الرياحي البقمي -رحمة الله –
أطراف ثوبك لا تنوش المعاطين
ينشب بها طينٍ نثره ماه غيرك
تنشب وتبلش بين ناس خسيسين
لو كان ما مر المراغة بعيرك
فقال لي مبتسماً ومنكرًا هذا المعنى : أن المعاطن هي مبارك الأبل الدائم لها بعد ورودها من المرعى والماء وهي ليست كالمراغة التي تتمرغ بها ثم تنهض منها وتتركها!!
وبعد أن ركبت سيارتي وأردت مغادرة مراح نياق هذا البدوي زهمني بعد أن نهض من مجلسه وأقبل علي وهو يودعني قائلاً أبشرو بالخير والمطر والسيل يا أهل وادي ساية ، فقلت لما : فقال أن تمرغ الأبل بكثره في أي مكان نتفاءل ونستبشر به بسقوط الأمطار وحلول الخير البركة!
قرية مهايع – وادي ساية / محافظة الكامل / مكة المكرمة