بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى في سورة يوسف (فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ على وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة يوسف
أن التقنية الحديثة والمتمثلة في قنوات التواصل وهذه الثورة المعلوماتية مكنت أصحاب الفكر المنحرف من إظهار انحرافهم إلى العلن والوصول إلى مبتغاهم بالسرعة التي ظفروا بها بعد ظهور هذه التقنية وقد يتساءل البعض ما الرابط بين الآية سالفة الذكر وبين الثورة المعلوماتية وقنوات التواصل.
أقول في بعض الرسائل التي تبث في قنوات التواصل وما أكثرها في هذا العصر قرأت ما تشبه الفتوى أو فلنكن أكثر دقة قرأت نقاشاً مفاده أن سيدنا يوسف عليه السلام عندما قال لأخوته (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) وما حدث بعد ذلك من رجوع بصر يعقوب عليه السلام إليه بعد أن ألقي على وجهه قميص يوسف عليه السلام كان الفكر الذي يناقش هذه القضية فكر أظنه غير مؤمن بالمعجزات التي كانت تصدق نبوءة كل نبي مرسل إلى قومه فقد قال الذين يحملون هذا الفكر أن الذي رد إلى يعقوب بصره إنما كان العرق العالق في قميص يوسف وعمل كقطرة العين للعلاج ولم تشأ عقولهم التي تأبى إلا مناقشة كل ما يحدث في هذا الكون حتى الأمور التي تفوق عقول البشر تلك العقول القاصرة التي تحاول أن تناقش الأمور الكبيرة التي تحتاج إلى الإيمان والتسليم المطلق.
أن هذا القول لم يأتي به نبي مرسل وإنما جاءوا به من عند انفسهم وأفكارهم التي يغذيها الشيطان والنفس المغرورة والإمارة بالسوء التي ترى أنها وصلت في العلم إلى درجة مناقشة حتي معجزات الأنبياء بطرق مادية بحته إنما هو الغرور والكبر وبطر الحق وإلا كان أمامهم كثير من النظريات التي يؤمنون بها كل الإيمان برغم ما فيها من ثغرات يجب عليهم سدها بالعلم والمعرفة ومناقشتها وتفنيد مغالطاتها ولكن تركوا نظريات البشر القابلة للنقاش واخذوا يخوضون في معجزات الانبياء التي تحتاج الى الإيمان بها وهذا هو الخذلان بعينه.
نسال الله السلامة والعفو وكم رأينا من نقاشات في هذا الزمن الذي يدّعي أهله أنهم قد بلغوا فيه من العلم بحيث يستطيعون أن يناقشوا حتى الأمور التي لا تدركها عقولهم ولن يستطيعوا سبر اغوارها بعقولهم لان العقل محدود وتلك الأمور التي يخوضون فيها تحتاج إلى الإيمان واليقين والاستعانة بالله وهم يصيبهم الخجل جراء رد تلك الأمور إلى الغيبيات التي تكون من شرط الإيمان بها لقد تركوا ما أمر الله التفكر فيه.
هذا الكون الفسيح بسماوته والفضاء الواسع والمجرات الهائلة التي تحوي مليارات النجوم والكواكب وأرضه وبحاره ومحيطاته والتي لم يكتشف العلم الحديث بكل ما أوتي إلا ٥٪ مما يعيش في البحار والمحيطات وما فيها من اعجاز عوضاً عن الفضاء الواسع الشاسع فعلى المرء أن يعرف شأنه ويحترم عقله وما هو بالنسبة لهذه الخلائق التي بثها الله في هذا الكون.
على المرء أن يلزم حدود عقله ذلك العقل الذي يذهب مع أقل طارئ يطرأ عليه من مرض أو آفة فإذا به في عداد المفقودين، إن قميص يوسف الذي ألقي على وجه يعقوب هو معجزة مهما حاولوا أن يخرجوه عن دائرة المعجزات التي ارسل الله رسله بها لكي يؤمن من أراد الله له النجاة من الهلاك .
ولقد حاول أمثالهم منذ فجر الخليقة من الذين ما كانت عقولهم مهيأة لتصديق تلك المعجزات لأسباب كثيرة وأولها تحكم الشيطان بها وحب الحياة وكما قال الله تعالى ( بل يريد الانسان ليفجر أمامه يسأل ايان يوم القيامة) فليتركوا الخوض وتجيير معجزات الأنبياء وإلاّ فأمامهم من المعجزات ما تسكتهم وتجعلهم في جهل لا يخرجون منه وتيهٍ اشد من تيهِ بني اسرائيل عندها لن يجدوا نبياً كيوشع يخرجهم من تيههم وضلالهم طالما رفضوا أن يتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ اللذان فيهما النجاة والخروج إلى النور الذي يهدي إلى الحق المبين.
إبراهيم يحيى أبوليلى
مقالات سابقة للكاتب