أولاها : مشروعية مظاهر الفرح بالعيد .
أخي القارئ الكريم إعلم يحفظك الله أن العيد يوم جمال وإجلال ، غداً سترون إخوانكم في المصلى في أبهى صورة وجمال، كيف لا وهذا شأن رسولنا عليه الصلاة والسلام في مثل هذه المناسبة كل عام ، فقدكان لرسولنا صلى الله عليه وسلم- جبَّة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة [رواه الترمذي 2621 والنسائي 463 وصححه الألباني في صحيح الترمذي] .
والتجمل أخي القارئ الكريم أصل في الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله جميل يحب الجمال) صححه الألباني.
نعم إن العيد يوم جمال وجلال وتواصل واتصال وأكل وشرب وذكر لله على كل حال ، فينبغي أن تظهر فيه مظاهر الفرح والسرور، وإن كانت بعض المآسي والأحزان مما يضيق به الصدر في بعض بلاد السلم و الإسلام ، فلا ننسى الدعاء للشهداء من أمة الإسلام بالرحمة والغفران ، وللمرضى بشفاء الأرواح والأبدان.
رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يسمح بإقامة الأفراح في يوم العيد ، وربما عاد وأصحابه من معركة ، منهم من قضى فيها نحبه ومنهم من ينتظر.
ومن شواهد هذا الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم [والحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد ] [ في يوم عيد ] [ فقال لي : يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم ؟ فقلت : نعم ] [فأقامني وراءه أنظر إليهم] ، وفي رواية ذكرها الألباني في السلسلة الصحيحة قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأحباش وهم يلعبون ، خذوا يا بني أرفدت ، أي إستمروا في لعبكم حتى تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة.
وفي حديث آخر في هذا الباب ، أعني إظهار مظاهر الفرح بالعيد ، ما أخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان ، فاضطجع على الفراش ، وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أبا بكر ، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا“ .. متفق عليه .
أخي القارئ الكريم ففرحنا يوم عيدنا عبادة ، وإظهارنا للسرور فيه قربة وزيادة ، يقول الحافظ إبن حجر في الفتح: “ إن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين“ ، فهل يليق بنا أن نتقرب إلى الله بمعصيته ؟! أي لا نظهر الفرح فيه.
ثاني تلك المقاصد : صلة وزيارة.
أخي القارئ الكريم – تقبل الله منا ومنك العمل الصالح – فالعيد صلة وزيارة ، زوروا وصلوا من هم في ضيافة الله ولزيارتكم وصلتكم ينتظرون ..
فقد جاء في الحديث القدسي : “يا ابن آدم ! إستطعمت فلم تطعمني ، قال : فيقول : يا رب ، وكيف إستطعمتني ولم أطعمك، وأنت رب العالمين ؟ فقال : أما علمت أن عبدي فلانا أستطعمك فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ، يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني ، فقال : يا رب ، وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فقال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض ، فلو كنت عدته لوجدت ذلك عندي ، أو وجدتني عنده“… مسلم
أخي القارئ الكريم ومن خلال قراتنا للحديث السابق يتبين لنا أن لا ننسى أصحاب الحاجة من جيراننا وأقاربنا بإدخال البهجة والسرور عليهم ، وذلك بسد حاجتهم ، فآتوهم من مال الله الذي آتاكم.
كما يتبين لنا أيضا عيادة المرضى أن لا ننساهم من عيادتنا وإدخال السرور عليهم ، نعم ففرحة العيد ليست موقوفة على الأصحاء دون المرضى ، بل للمرضى فيها نصيب ، فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم) .. الحديث ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة .
ثالث المقاصد : العيد سننه وآدابه.
فمن سننه وآدابه ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترا. [ صحيح البخاري، 953 ].
عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد ماشياً ، ويرجع ماشياً . [حسن / صحيح سنن ابن ماجه للألباني ، 1078(1311) ].
التهنئة بيوم العيد .
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 24/138 ) : أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحاله الله عليك ، ونحو ذلك ، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره.
رابع تلك المقاصد وآخرها : معرفة بعض أحكام صلاة العيد .
فحكم صلاة العيد عند الجمهور سنة مؤكدة وهو أرجح الأقوال .
– قضاء من فاتته الصلاة مع الإمام : أرجح الأقوال وأقربها للصواب : ذهب ابن رشد إلى أن أقرب الأقوال : هما قول الشافعي وقول مالك ( أي في المشهور عنه ، وهو أنه لا قضاء عليه أصلاً ) ، وقالوا أما سائر الأقاويل في ذلك فضعيف لا معنى له .. (بداية المجتهد (1/220) .
– ما يقال يبن التكبيرات أرجح الأقوال : يحمد الله ويثني عليه و يُصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين ، ودليل ذلك ما رواه الأثرم واحتج به أحمد ، عن عقبة بن عامر قال : سألت ابن مسعود عما يقول بعد تكبيرات العيد ، قال : (يحمد الله ويثني عليه ، ويُصلى على النبي صلى الله عليه وسلم) … (صحيح الإرواء ح (632) ) .
– إجتماع العيد والجمعة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد إجتمع في يومكم عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون… صححه الألباني ، قلت وهذا لا يعني ترك الجمعة لما لها من الفضل العظيم فهي وإن سقطت فرضيتها عمّن صلى العيد وأصبحت نافلة في حقه لم يسقط فضلها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
مقالات سابقة للكاتب