كان الفيلسوف اليوناني (ديوجين) يحمل مصباحاً في وضح النهار ….
فلما سألوه عما يبحث ؟ ..
أجابهم قائلاً :
أبحث عن الرجل ….
فعن أي رجل يبحث !! إنه يبحث عن الرجل الذي يملأ العين …
تصوروا معي هو في ذلك الزمان يبحث عن الرجل …
فعن أي شيء يبحث لو حضر زماننا هذا ؟!!
هذا الزمن الذي ( تشابهت فيه الأنوثة والذكورة في وظائفها ) هذا الزمن الذي لاتستطيع أن تفرق بين الذكر والأنثى في كل شيء في الملبس وفي المشي وفي الكلام …
ترى الشاب يتكسر في مشيته حتى لتتعجب كيف إستطاع أن يفعل ذلك …
إن ذلك بالتأكيد يحتاج إلى جهد عال .. فهل كان يتمرن في البيت ؟! ..
وإذا تكلم ظننت أن فتاة منعمة مدللة تتحدث لتغري السامع بحلو حديثها وترمي له الشباك ليقع أسيراً في حبائلها ….
أبدا ﻻ تظن أن ذلك رجلاً يتكلم بهذه الطريقة وبهذا الغنج الذي ﻻ يليق إلا بربات الحجال ….
وتأمل ودقق النظر وأمعن إلى زمن يلبس الرجل فيه بنطاله ويتعمد إخراج سوأته ويعرضها للناظرين بدون حياء وﻻ خجل ويمشي بفخر واعتزاز ..
بحجة الموضة أمام أنظار المعجبين والساخطين على حد سواء ، بل هو ﻻ يبالي برأي الساخطين بقدر ما تهمه آراء المعجبين من أمثاله الذين يكيلون له الثناء .. كم هو شيك !..
ويحاولون تقليده .. فعجب والله …
زمن ينافس فيه الفتى الفتاة في أنواع المكياج والمساحيق والكريمات وأدوات التجميل والعطور وﻻ أكون مغالياً إذا قلت والملابس …
وأتسائل : لمن يفعلون ذلك ؟
ولأي غرض يفعلون ذلك .. أم علي أن أخاطبهم بنون النسوة ؟!
وأخشى أن يلمنني أخواتي النساء …
فإن كان ما يفعلونه لتعجب النساء بهم فلا أظن أن هناك فتاة عاقلة رزينة تميل إلى شاب رخو هو أشبه بها من الرجال …
ومن المعروف بل من طبيعة البشر منذ أن خلق الله الخلق من ذكر وأنثى ..
أن المرأة تميل بطبيعتها إلى الرجل الذي تظهر عليه علامات الرجولة .. أي بمعنى أوضح تحتاج إلى رجل ﻻ إلى (ذكر) فحسب ففي كل المخلوقات ذكور ..
كما أن الرجل يحتاج إلى إمرأة ناعمة حنونة ..
وإذا كان ما يفعلونه ليعجب بهم الرجال فهذا لعمرو الحق شذوذ ممقوت ، حتى وأن قنن هذا الشذوذ فهو يظل شذوذاً ممقوتاً تشمئز منه الفطر السليمة ….
زمن يرتفع فيه أشباه الرجال وأنصاف الرجال وينظر إليهم على أنهم هم الناس ..
ووالله لو رأى ديوجين ما نراه الآن لتمنى أن يكون أعمى وأصم حتى ﻻ يرى ويسمع ما يخدش الحياء .. ولحطم مصباحه واعتكف في غار ناءٍ حتى يدركه الموت ..
زمن يرفع الواحد عقيرته وينادي بأعلى صوته قائلاً : ( أنا كافر بما يسمى العيب) .
حقاً لقد صدق شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال :
نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه .. وعثرة الرأي تردي .
إبراهيم يحيى .. (أبو ليلى)
مقالات سابقة للكاتب