بِسْم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين حبيبنا وشفيعنا يوم الدين ..
وبعد :
إن مرارة الغربة لا تحتمل حين يريد المسلم المؤمن أن يمارس ديانته المحتمة عليه ويزود نفسه بزاد التقوى إستعداداً للرحيل الأبدي ، فيشعر الواحد منا بفظاعة الألم الذي لا مفر منه والكبت النفسي المستمر بالرغم من طلاقة وحرية جسده ، ولكن حين نكتم أشياء نودوا تحقيقها ، نكتشف أننا مسجونون ولم نسجن وراء قضابين الغربة …
أجل أحبتي في الله انها الغربة…
نحن عائلة مكونة من ٦أفراد إثنان من الذكر وإثنان من الأنثى ، فبعد أن من الله علينا من سنين طويلة بالتقوى ، بدأ إمتحان الرب جلا في علاه لنا ، فتساقطت علينا إبتلاءات الواحدة تلو الأخرى والأولى أمر من التي سبقتها ، ونحن نحمد الله ونصبر ونحتسب ونطلب الأجر من عنده ، وكنا دائماً أنا وزوجي نشد إزر بَعضُنَا لبعض ، أملين وراجين الله أن يجعل لنا مخرجاً مما نحن فيه عاجلاً غير أجل.
هبت علينا رياح الماسي بأنواعها ، فأنا كأم كنت أحرص دائماً وأبداً على حسن تربية أولادي ، علمتهم جميع النقاط الأساسية المتعلقة بديننا من الصلاة وغيرها ، وبما أننا نعيش في مجتمع كله فساد وفتن مالت البنت الكبرى حيث مالت رياح الشياطين بها ..
حاولت ردعها بالتي هي أحسن ، دعوت الله لها في سجودي في طوفاني بالكعبة المشرفة ، بالصدقات ، بشتى الطرق .. ولكني لم أفلح حتى ألبستَها الحجاب فنزعته ، لم أستطع إرغامها عليه ، فتركتها لله وحده هو الذي بيده أمرها بعد أن تعبت منها .
بدأت تزداد الطينة بلة ، حيث أنها تريد السهر خارج المنزل فقمنا بمنعها ، فأصبحت تهددنا بالقانون ..
أصرينا على الرفض وعلى موقفنا خوفاً عليها من أولاد السوء ، إلى أن وجدنا في يوم ما أنها قامت بجمع أمتعتها وهربت من المنزل ..
بحثنا عنها وحين علمت بذلك قالت لنا : ” سأقوم برفع قضية عليكم ، وسأتصل بالشرطة إن قام أحدكم بالبحث عني ” .
مرضت وانهارت نفسيتي … ولكن يجب إكمال مسيرتي كأم مع باقي الأطفال الآخرين .
الحمد لله الطفل الثاني الذي يليها ذكر وهو نعم الذكر ولله الحمد ، فما جرى لأخته جعله إمتحان له ، أما الفتاة الثانية فقد جعلتها تتحجب بعد أن لاحظت أنها تأخذ من تصرفات أختها ، ولكن لا أظن أنها ستبقى على الحجاب عندما تكبر…!؟
فهنا كارثة نعيشها إسمها “مرض عدوى الإناث في العري” ، عافانا وعافاكم الله ، فالبنات يصمتون إلى سن ١٨ ، وبعدها يسمع الوالدين التهديد المرير الذي سبب الجلطات لكثير من الأهالي الإسلامية خاصة الجالية العربية …
أما بالنسبة لي ولزوجي ، فهي نفس الماسي المتعلقة بالدين ولكن من نوع أخر..!؟
أنا منتقبة ولله الحمد من سنين وزوجي ملتح ويرتدي لباس السنة ، ولكن الحال أصبح لا يحتمل بالغربة ونحن بلباسنا السني الشرعي ، لقد كنّا نهاجم عند كل خروج من المنزل ما بين نظرات مستفزة إلى كلام سئ يتفوهون به علينا ،..
كنّا نرمي كل شئ وراء ظهورنا صابرين ، حتى أن إمتد الأمر للتفوه علينا بكلام فظيع ، ويجب أن نصمت لأننا إذا تكلمنا لن نأخذ ولو القليل من حقوقنا ، فسيأتي القانون مع عدو الله وعدونا ، ولن نجني شي سوى تضييع الوقت والمتاعب ، إلى أن وصل الأمر بتصويرنا بالفيديو ونحن نتسوق وتم نشرها على اليوتيوب ..
جعلوا منا أضحوكة ، وحين قمنا بتقديم شكوى لحذف الفيديو ، قام المدعي العام بإغلاق القضية والملف، بحجة أنه لم يتوصل إلى ناشر الفيديو ، وحين بحثنا وجدنا أن من قام بتصويرنا ينتمي إلى أحد الجماعات النازية هنا ، وحينها أيضا نحن من أغلقنا الملف يائسين من هذه البلاد راجين الله أن يجعل لنا مخرجاً.
زوجي أتى إلى هنا منذ الصغر مع عائلته ، درس وتخرج بدبلوم مصلح ومرشد إجتماعي قانوني ، وقد تحصل على الشهادة قبل أن يلتحي ، وهو الآن عاطل عن العمل بسبب تمسكه بسنة سيد خلقه ، وقد رُفض في كل مكان ذهب إليه للحصول على عمل ، بسبب زيه الإسلامي حتى تملكه الإحباط ويئس من مجال تخصصه.. لكن كان أملنا كبير في كل مرة ، ونذكر أنفسنا بأن بعد العسر يسر.
وبما أن الله قال “من يتقي الله يجعل له مخرجاً ” ..
بدأ بصيص أمل من الله يظهر لنا ولله الحمد والمنة ، حيث توصلنا إلى رجل أعمال تركي يقوم ببعث عمال إلى مكة المكرمة ، وذلك بعقد عمل مدته ٥ سنوات ، ولكن المطلوب ممن ينتمي لذلك العمل هو أن يتولى بنفسه البحث عن تأشيرة لذلك ، وهذا هو العائق الذي عرقل سفرنا إلى السعودية .
لذا أنا بينكم اليوم أكتب مرارة الحياة وسقمها ، أملين من الله ثم في من يتقيه أن يشعر بحالنا ويرأف علينا وله الأجر العظيم بفضله والله لا يضيع أجر المحسنين .
أستحلفكم بالله الذي لا ينام أن لا تبخلوا على مساعدتنا ، علماً بأن إبني الذي تحدثت عنه سابقاً سيبقى هنا لإكمال الدراسة ، أما من سيسافر أنا وزوجي وطفلي الصغيرين ، فنحن نود إنقاذ أنفسنا مِمَّا نحن فيه ..
“ ملاحظة ” : لا نمتلك جوازاً عربياً وإنما جوازات من البلد الذي نعيش فيه .