كان في مضى لدى عمي سيارة ون ايت غمارتين .. وكان كلما نسي مفتاحها داخل السيارة يصرخ بأعلى صوته أن “سعد الفزعة !! ” وأنا ابن السابعة أتبختر في مشيتي، من يقدر على فعل ما أنا فاعل به؟
فكنت أدخل من بين النوافذ الخلفية المربعة والتي لا أعلم حتى اللحظة لم صممت؟ وأفتح له الباب ..
لا أكذب عليكم إن قلت أني إلى وقت قريب؛ اعتقدت أني قادر على الدخول من تلك النافذة الصغيرة، وأني قادر على الدخول للأماكن الضيقة؛ حتى رأيت تضاريس جسدي في صالة رياضية في مرآتها المقعرة الكبيرة؛ التي تضيف إلى تضاريسك ضخامة حتى تبدو أكبر من ذي قبل ؛ بتمارين الجمّ.
هناك الكثير من المعتقدات منذ عهد الصبا والتي لم تزل عالقة في الذهن كساق البامبو؛ جذورها تبدو أكثر ثباتاً وتشعبًا مما هو ظاهر ، فيأتي التصرف بناءً للمعتقد الأول سواء كان صحيحا أو خاطئا، فيصيب أو يخيب..
إن أي إنسان في هذا العالم لا بد أن يظهر في تصرفاته بعضا مما كان عليه في الصغر ..
قرأت في ما مضى أن الطفل يمكن تشكيله حتى سن العاشرة.. وتنغرس الأسُس في ذات العمر ..
وكل ما يتعلم بعده هو ليس إلا تفرّعٌ من تلك الأسُس التي تشكلت قبل العاشرة ..
كلام غير مفهوم.. إذا خذ هذا المثال :لو أن طفلًا بلغ العاشرة وعاش بين جَلد الأب وتسلط الأم حتى يتفوق دراسيًا ..
الواضح أن الأمر سيؤول إلى تنصيبه مديرًا لبنك “القشطة” الدولي يبلى إداريًّا بلاء حسنا، لكنه إنسان سيء، سليط اللسان، وعديم الثقة، ودكتاتوريٌّ في أغلب الأحيان!
في المقابل.. لو بلغ العاشرة وعاش طفولة طبيعية نسبيًا؛ تراه لو أصبح قائد كتيبة حربية ؛ سيبدو عطوفاً على مرؤوسيه.
الأمر أشبه بِـكُرة الثلج ، سيكبر الإنسان لا محالة ؛ لكن المهم كيف بدأ؟ وبالتالي؛ إلى أين يتجه؟!
يمكن للإنسان أن يراجع معتقداته التي نشأ عليها ويصنفها بين الجيدة والسيئة ، ثم يحاول تعديل مسار كرة الثلج تلك، حتى لا يكرر ما يقوله البعض: أنا هكذا !! لا يمكن أن أتغير..!
الجميع بوسعه تغيير المسار.. القليل من يعرف: ماذا عليه أن يغير؟.
سعد نسيم
مقالات سابقة للكاتب