يقاس النجاح في كل المؤسسات بحجم الإنجاز وهناك فرق بين من يقضي عشرات السنين ليحصد إنجازا وحيدًا وبين من استطاع في فترة وجيزة أن يحقق إنجازات متعددة وبصورة مشرقة.
جاء الدكتور فيصل الحازمي محافظا لمحافظة خليص وهو على قدر كبير من الأكاديمية والخبرة العريضة؛ غير أن المحافظة كبيرة ومترامية الأطراف ومهلهلة إداريًا وتعاني من تدني مستوى الخدمة التي ينشدها كل مواطنيها ، جاء للمحافظة في ظروف اقتصادية ومالية صعبة وفي وقت تأثرت فيه التدفقات الاستثمارية بعوامل متعددة في أكبر المدن فما بالك في محافظة لا يعرف الكثير ما فيها من مقومات .
جاء الدكتور فيصل والحال على هذا الأمر فما الذي صنع ؟!
هل ركن لزوايا التعذر بالظروف ؟!
هل حدث نفسه بأنه على وشك التقاعد وسوف تمضي هذه السنوات سريعا ؟!
هل حدث نفسه بأنه لن يفعل أكثر مما فعل سابقوه سيما وأن الخرق اتسع على الراقع كما يقولون ؟!
ولأن الفكر هو من يقود التنمية ولأن صاحب هذا الفكر رجل عركته السنون وعجمت كنانته التجارب واستعان بعد الله بخبرته العريضة إدارة وقانونا قال والحال كذلك : نحن نستطيع .
نعم قالها بكل ثقة ثم بدأ العمل فشكل المجالس المتعددة والمختصة ووزع المهام ورحب بكل صاحب فكر وناقشه في فكرته وأعطاه المساحة الكافية للتنفيذ والإبداع ، لمَّ أطراف المحافظة وضمها على قلبها مناديا : اللحمة الوطنية ثم اللحمة الوطنية .
استفاد من النخب الفكرية والعلمية التي انتهى ارتباطها الوظيفي وقطف ثمرة فكرهم وخبرتهم الكبيرة .
مد يده لشباب المحافظة واستمع إليهم بآذان صاغية وبصدر رحب ففجر طاقاتهم وشكل من مواهبهم وقدراتهم لوحة جميلة لفتت الانتباه ولوت الأعناق .
أيد وبارك وشارك في العمل التطوعي وشجع الكل على الانخراط فيه وبمبادرات لاقت صدى عالميا ووهجا داخليا مثل مبادرة درب الأنبياء على سبيل المثال لا الحصر .
نادى بخليص السياحية ذات الآثار المتعددة والمشهورة مطالبا بالاستفادة القصوى من موقع المحافظة الاستراتيجي على طريق الحرمين فبدأت الوفود والسياح والمهتمون بالتوافد على المحافظة من كل حدب وصوب .
كل هذا ونجاحه في افتتاح أقسام للدوائر الحكومية التي تهم المواطن حكاية أخرى من التصميم والإرادة والمتابعة.
ثلاث سنوات ونصف قضاها الدكتور فيصل الحازمي محافظا لخليص لكنها كانت عن عشرات السنين إذا ما قيس الإنجاز المتحقق فيها .
ثلاث سنوات ونصف رسم فيها المثال الأجمل للقيادة التشاركية والعمل بروح الفريق الواحد .
حول الصعوبات إلى مدارج إنجاز وجعل من التحديات منصات تتويج وخلق من المستحيل وقودا للانطلاق والاستمرار والإبداع .
ثلاث سنوات ونصف شهدت فيها خليص حراكًا ثقافيًا واجتماعيًا سياحيًا لم تشهده طيلة السنوات السابقة وعلى اختلاف محافظيها.
ثلاث سنوات انقضت ولم ينقضِ الإنجاز المتحقق ولن تنسى ذاكرة خليص هذا الرجل .
لم يزره زائر في مكتبه يوما ولم يجده ، لم يطرق بابه مواطن فتعذر بالانشغال عنه ، لم يقصده صاحب فكرة أو رأي وتعلل بالظروف والإمكانات والتعقيدات الإدارية .
يدهشك بحسن الاستقبال والإنصات ويشعرك بأنك أمام رجل يبني من كل فكرة منجزا ومن كل فرصة طموحا يشار إليه .
انتقل من خليص عفيف النفس نظيف الجيب .
انتقل من خليص وأخذ معه حب الناس وتقدير الجميع .
لا أنسى كلماته عندما زرته في آخر يوم له في المحافظة قائلا : ( أحببت خليص ورغم ما تحقق إلا أنني مقصر في حقها ، من اختلف معي وكان همه خليص فوالله إنني أضعه على رأسي ومن اختلق الاختلاف معي لحاجة في نفسه فسامحه الله ). انتهي كلامه .
هذا قليل من كثير وغيض من فيض في حق هذا الرجل .
أكتب هذا المقال ويعلم الله أنني لم أزره يوما أو أتصل به لحاجة خاصة لي أو لأي شخص يهمني أمره ؛ فلا هو من يقبل ذلك ولا أنا بالذي يرضى على نفسه هكذا أسلوب ، لكنها كلمة حق في حق رجل خلوق وإداري بارع وقائد محنك.
هنيئا لمحافظة الليث بهذا ( الليْث )
نسأل الله له التوفيق والسداد وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم لخليص الإنسان والمكان.
مفلح الصاطي
مقالات سابقة للكاتب