أكل لحوم البشر بالأنجليزية cannibalism وترجمتها (أكل لحم الجنس ذاته) وهي مشتقة من كلمة كاريب الأسبانية التي تصف قبائل (كاريب) الهندية التي تحدث عنها المستكشف كريستوفر كولومبس .
و قد مورس أكل لحوم البشر عبر التاريخ في عدة مواضع وحالات منها :
أثناء المجاعات ، وفي المحاصرة ، ومن بعض القبائل البدائية ، وكنوع من المبالغة في إيذاء الأعداء والتمثيل بهم ، والأعتقاد أن أكل لحوم الأعداء ينقل بعض قدراتهم ، وأحياناً تكون طقوساً دينية ، وقد يكون مرضاً سلوكياً – نسأل الله العافية- .
و أيضاً قد يكون أكل لحوم البشر نوع من التكريم للميت ، مثلما تفعل بعض القبائل في نيوزيلندا ، فهي تمجد ذكرى الميت بأن تأكل مخه، فبعد أن يموت شخص له مكانة عندهم تجتمع القبيلة حول جثته وينشدون بعض الأناشيد الدينية ثم يستخرجون مخ الميت ويوزعونه بالتساوي بين المشيعين ليأكلوا منه.
خلال الحرب العالمية الثانية تواترت الأخبار عن أكل الجنود اليابانيين لحوم بعضهم ، وأكل لحوم أعدائهم ، وذلك بعد محاصرتهم من قبل الأمريكيين وقطع المؤونة عنهم في إحدى الجزر.
أكل لحوم البشر سلوك مقزز لاتقبله النفس ، وتشمئز من مجرد ذكره ، ولو نطلق هذه الجملة على شخص ما لثار واستشاط غضباً ، بل أنه يقيم الدنيا ولايقعدها، ويأخذ منا موقفا يسجله ويؤكده في تاريخه وسيرة حياته بمداد من لوم وأوراق من سياط انتقادات لاذعة ومرة، يورثها لعائلته وقبيلته.
ولم يعلم المسكين أنه قد يكون واحداً ممن يمارسون هذا السلوك المشين ” أكل لحوم البشر ” وهو لايدري ، بل يأكل لحوماً منته ذوات روائح كريهة لأجساد أناس موتى منذ زمن تعفت أجسادهم ، ومشى الدود
فيها يالها من وجبة قذرة منتنة ، يتجرعها ولا يكاد يصيغها و من كل مكان تأتيه الذنوب والآثام !
إنها الغيبة وما أدراك ما الغيبة ، وهي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته، وقد ذمها الله سبحانه وتعالى ، ونفّر منها ، حيث وصفها في أقبح وأبشع صورة حين شبهها بأكل لحم إنسان ميت ، فمن أغتاب أخاه فقد انضم بإرادته إلى فئة آكلي لحوم البشر ، شاء من شاء ، وأبى من أبى .
قال تعالى :«يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه
واتقوا الله إن الله تواب رحيم»، (الحجرات 12).
عمر المصلحي
مقالات سابقة للكاتب