الأم والوطن ..

عندما تدخل في محرك البحث قوقل في صفحة الترجمة كلمة الوطن من العربية للإنجليزية ترى ماذا يظهر لك أو ما هي الترجمة الحرفية لكلمة الوطن سوف تظهر لك هذه الكلمة بالإنجليزية ( Motherland) فما معنى هذه الكلمة ؟

أنها تقول أرض الأم ترى لماذا فسرت بهذه الكلمة بغض النظر عن الكلمة أو الترجمة الأخرى وهي (Homeland) أرض الوطن ، فـ النتأمل في الترجمة الأولى (Motherland) وندقق النظر فيها لماذا أرض الأم .. بكل بساطة ندرك معنى هذه الكلمة ، أنها مسقط رأسك ، إنه المكان الذي وضعتك فيه أمك عندما جائها المخاض وأذن الله لها لكي تلدك هذه الأم ، ولقد وقفت كثيراً أتأمل هذه الكلمة ورأيت فيها علامة استفهام كبيرة جداً وفي نفس الوقت وجدت فيها علامة تعجب لا تقل عظمة عن علامة الاستفهام ، نعم إنها ( Motherland) أرض الأم فلماذا الأم بالذات ولماذا ليس للأب ذكر في ترجمة هذه الكلمة ، فبكل بساطة أن الأب قد وضع نطفته في وعاء الأم مرة واحدة ومضى لما خلق له وهو ينتظر نتيجة نطفته والأم هي من تلقت تلك النطفة وظلت ترعاها بإذن خالقها لمدة ٩ أشهر حتى يأذن الله لذلك الذي بدأ يتكون في داخلها وتسعة أشهر مدة ليست بالقصيرة فربما ترحل تلك الأم من الموضع الذي حملت فيه النطفة إلى موضع وأرض أخرى فالقضية ليست في المكان الذي حملت فيه ولكن القضية في المكان الذي تضع فيه ذلك المخلوق الذي يتكون في داخلها ، وهنا نستحضر الآية في سورة مريم عن وضعها لسيدنا عيسى عليه السلام فالنتأمل في الآية يقول الله تعالى ( فَحَمَلَتْهُ فانتبذت بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَآءَهَا المخاض إلى جِذْعِ النخلة) ، فمن وجهة نظري هذا هو التفسير للترجمة الحقيقية لكلمة ( Motherland) ، ففي ذلك الموضع عند جذع النخلة هو مسقط رأس ذلك الطفل النبي عيسى عليه السلام…

إذاً فالوطن هو أرض الأم هو مسقط رأس الطفل ولماذا نقول مسقط رأس لأن الأنسان عندما يولد يخرج برأسه هذه الولادة الطبيعية للإنسان وأيضا نرى الإنسان بل كل المخلوقات تدافع بكل شراسة عن المكان الذي تولد فيه فهناك إنتمائه فلا يقبل أن يسلبه إياه كائناً من كان ، فهو يفضل الموت على أن يضيع هذا المكان الذي ينتمي إليه..

ولنتأمل عندما يولد الطفل نراه يصرخ وكأنها صرخة احتجاج أو ثورة لأنه ألف ذلك المكان الذي كان فيه وهو بطن أمه فقد ظل فيه ٩ أشهر وهو يعتبره وطن حتى وإن كان مظلماً ضيقاً فهو يعتبره وطن ويأبى أن يسلبه إياه أحد ، وأجمل كلام ندلل عليه على هذا الحب والإنتماء للمكان قول الرسول ﷺ فعَنْ عبداللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ.)

فكما يدافع الإنسان عن أمه التي حملته في بطنها ووضعته وأرضعته كذلك يدافع عن المكان الذي وضعته فيه هذه الأم المجاهدة الصابرة على آلام الحمل والوضع فيا للعجب من بعض الأمور التي تحدث في هذا الكون ، فعلى الانسان أن لا يمر ببعض الأحداث مرور الكرام دون أن يقف برهة ليتفكر في عجائب هذا الكون المعجز فنحن لم نخلق سدى ولن نترك للتخبط والإهمال أبدا ، نحن خلقنا لغاية وكلٌ ميسر لما خلق له ، ولو أننا استقبلنا من الأمور ما استدبرنا لوجدنا العجب العجاب في كثير من الأمور التي تحدث في هذا الكون.

 

إبراهيم يحيى أبوليلى

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “الأم والوطن ..

عائشة الزهراني

ماشاء الله المقال جميل بارك الله فيك ابوليلى استمر الله يرفع قدرك في الدارين 🌺

إبراهيم أبوليلى

ويرفع قدرك استاذتنا الفاضلة عائشة الزهراني شكرا لوعيك ولرقيك الثقافي تحياتي وتقديري لشخصك الكريم 🌹

وجهة نظر

عندما يكتب ابوليلى يبدع يتألق يتميز في سماء الكلمه فتصبح كلماته نجوم مضيئه من اهتدى بها اصبحت سعادته لا مثيل لها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *