ماهو إلا خِرقةٌ حمراء وضعت على رأس ثور

كل يخطط له ، بل أن التخطيط له يبدأ مبكراً من سن الطفولة ، بالأبوان أول من يرسمان طريقه لأبنائهم ، ويحفزونهم لبلوغه ، عبر محطات مراحل أعمارهم  المختلفة ، فكل مرحلة من هذه المراحل  تمثل محطة من محطاته اللامحدودة، فوصول أي منها  تعتبر منصة جديدة للإنطلاق نحو المحطة التي تليها ، .. ..وهكذا  إلى أن  يحين الأجل المحتوم ” الموت ” في أي محطة من محطات عمر الإنسان .

وبهذا تنقطع وتسد كل الطرق المؤدية إليه ، فلا رجوع للوراء  ولا تقدم للأمام  ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .

إنه المستقبل وما أدراك ما المستقبل، ذلك المصطلح الذي أشغل البشر وأعجزهم فلم ولن يتمكنوا من  الوصول إلى  نقطته النهائية ،  فنقطة نهايته هي عينها نقطته البداية .

إنه كسراب بقيعة يحسبه الضمان  ماءً حتى جاءه لم يجده شيئا ً .

المستقبل الحقيقي هو العمل للآخرة أولاً ، وللدنيا بعد ذلك، قال تعالى :” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا ”  .

يقول الشيخ العلامة علي  الطنطاوي -رحمه الله -وهو يصف معركته في التفكير بالمستقبل :
” درست الابتدائي لأجل المستقبل ثم قالوا لي : أدرس المتوسط لأجل المستقبل ثم قالوا لي : أدرس الثانوي لأجل المستقبل ثم قالوا لي :  أدرس (البكالوريوس) لأجل المستقبل ثم قالوا لي : توظف لأجل المستقبل     ثم قالوا لي :تزوج لأجل المستقبل ثم قالوا لي :           أنجب ذرية لأجل المستقبل    وها أنا اليوم أكتب هذا المقال وعمري 77 عاماً ولازلت أنتظر هذا المستقبل !!

المستقبل ما هو إلا خرقة حمراء وضعت على رأس ثور يلحق بها ولن يصلها لأن المستقبل إذا وصلت إليه أصبح حاضراً والحاضر يصبح ماضياً ثم تستقبل مستقبلاً جديداً .

إن المستقبل الحقيقي هو أن ترضي الله وأن تنجو من ناره وتدخل جنته .
 ”  ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ “

عمر المصلحي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “ماهو إلا خِرقةٌ حمراء وضعت على رأس ثور

أبوعابد

مقال في الصميم
لا فض فوك
جزاك الله خير وكثر من الناصحين أمثالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *