شواهد ومآثر من حياة الخال “أبي عماد”

يقول المولى عز وجل: { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي } .

بقلوب يعتصرها الحزن والأسى والألم ضج البقيع لتشييع الشيخ حميدان بن عائش بن عبدالكريم بن عمار بن عائش الطياري ، الذي اختاره الله ليكون بجواره فجر الخميس أثر سكتة قلبية وهو في أحد فنادق المدينة المنورة التي كان يزورها للصلاة في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم .

الخال حميدان رحمه الله كان يحظى بتقدير ومحبة الجميع ولا غرو من ذلك ، فقد كان الفقيد صاحب قلب نقي وتقي يتسع للجميع حباً ومودة ، قلب لا يعرف الكراهية والضغينة والأحقاد والحسد ، بل كان صاحب قلب سليم منصرفاً للخير والعمل الصالح والحرص على التزود بالعبادة والطاعة ، فقد كان الخال حميدان “أبا عماد” يحضر لصلاة الفجر قبل ساعة وأكثر من الآذان ثم يؤذن ويتلو القرآن حتى الإقامة وكان يعمل ذلك كل ليلة .. كان رحمه الله يحج كل عام حتى أنه قبل وفاته بأيام كان في مكة لآداء العمرة .. كان رحمه الله واصل للرحم فقد زار أختيه قبل أن يسافر إلى المدينة المنورة صباح يوم الأربعاء 13 صفر للصلاة في مسجد المصطفى عليه السلام ، حيث صلى الظهر في مسجد قباء والعصر والمغرب والعشاء في الحرم النبوي ، وأخبر زوجه أنه سيستيقظ الساعة الثالثة صباحاً ليصلي الوتر في الروضة ، واستيقظ في ذلك الوقت ليودعهم ، قبضت تلك الروح الطاهرة بجوار الحرم الشريف وكُتب له أجر الوتر إن شاء الله ، ونال أجر عمرة بصلاته في مسجد قباء لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء ، فصلى فيه كان له كأجر عمرة) ، ونال أجر عظيم لا يعلمه إلا الله لقوله تعالى في سورة النساء : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً ) (100) .

لقد كانت من أسمى أماني “الخال” الموت بالمدينة مع أن المدينة تبعد عن خليص بأكثر من 300 كيلو متر ، لكن “الخال” صادق مع الله فصدقه الله سبحانه وتعالى ونال الأمنية وتوفاه الله بجوار الحرم النبوي بعد أقل من يوم من وصوله للمدينة ، سافر لها ليموت فيها ويوارى جسده البقيع ويحقق أمنيته ، حقاً إنه توفيق الله ولا نزكيه على الله لكن الناس شهداء الله في أرضه ، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيب في الموت بالمدينة ، وأنه يشفع لمن يموت بها ، فقد روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها .. ورواية ابن ماجه : من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل ، فإني أشهد لمن مات بها .. (صححه الألباني) .

للخـال حميدان بن عائش “أبا عماد” -رحمه الله- مآثر عديدة يصعب حصرها بين زوايا مقال، فهو من أبرز رجالات أسرة الطيار بخليص وأحد أشد أركانها الذين تربوا على الدين والعزة والمرجلة والوفاء والعفو والصفح ، فطيبة قلبه وحسن عشرته وحديثه وقلبه المفتوح وحبه للخير والعمل الصالح والتواضع والابتسامة والكرم واحترام الصغير قبل الكبير وقول الحق والصدع به مع عفة فاللسان وإنزال الناس منازلهم وحسن الخلق وصفاء السريرة ونقاوة القلب ، ومراقبة الله في السر والعلانية ، وحرصة الدائم على جمع شمل الأسرة والسعي لإصلاحها والإرتقاء بها وإصلاح ذات البين ، والاهتمام الدائم بالشباب ودعوتهم وحثهم على الخير ، والحضور الدائم المبكر للأفراح والمناسبات واللقاءات ومجالس العزاء تجعل منه مثالاً يحتذى به .. سنفتقد “الخال” كثيراً وسنبكيه دهراً .. سنفتقده فالطريق وفي مجلسه أيام العيد .. سنفتقده في المسجد .. سنفتقده كأبناء كأقارب كجيران كأصدقاء وزملاء .. سنفتقده في كل مكان فالكل سوف يفتقدك .. القرآن وصفحاته ، المساجد والمآذن ، رمضان وتراويحه ، الحج والعمرة ، الكعبة والصحن والمطاف ، الصفا والمروة ، الركن والمقام ، عرفة ومزدلفة ، منى والحصى والجمرات ، الطرقات ، والمزرعة ، الإبل ، خليص ، الطلعة ، كل تلك الأماكن والأزمان لن تنساك وستشهد لك عند رب رحوم غفور ، ونحن والله لن ننساك وسنعمل ونجتهد ليكون الملتقى الجنة بإذن الله ، والحمدلله بأننا مؤمنين بأن الموت سنة الله في الحياة وتلك أمانته التي عادت إليه سبحانه وتعالى ، وكل نفس ذائقة الموت لا مناص ، وليس للإنسان إلا ما يترك من سيرة عطرة مليئة بأعمال الخير ومحبة الناس ، ومن يترك أبناء مخلصين يسيرون على درب والدهم فلا يكون موته سوى رحيل للجسد وبقاء للروح .

رحم الله الخـال حميدان “أبا عماد” وغفر له وتجاوز عنه وأسكنه فسيح جناته ، وجعله في الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

خالص العزاء لأبنائه وبناته وزوجه وأختيه ولنا نحن أقاربه وأبناء عمومته ولكل آل عمار ولأسرة الطيار عامة بمصابهم الجلل ، وجزى الله جميع من دعا وعزى كل خير وضاعف له الأجر والمثوبة فقد كنتم أوفى المودعين للحبيب أبا عماد والمعينين والمواسين لنا ، شكر الله سعيكم وغفر لنا ولكم وجمعنا بأبي عماد في الفردوس الأعلى من الجنة وجميع آبائنا وأبنائنا وأمهاتنا وبناتنا وأخواننا وأخوتنا وأزواجنا وأحبابنا وأجاره وأجارنا جميعاً من النار ..

مصابنا عظيم عزاؤنا فيكم أهلنا وأحبابنا وشهادتكم له وظاهر أعماله ونقاء سريرته وجواره للمصطفى صلى الله عليه وسلم وتعهده للحج والعمرة وخواتيم اعماله ، حقه علينا أن نسامحه وندعو له ونتذكره دائماً وأبداً وأمواتنا بالدعاء والثناء والذكرى الطيبة.

حاتم محمود الطياري

مقالات سابقة للكاتب

9 تعليق على “شواهد ومآثر من حياة الخال “أبي عماد”

ابو سجى

رحمك الله ياوالدي
لله ما أخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده بأجل مسمّى
أسال الله ان يجعله من اهل رحمته ويثبته تحت الأرض ويوم العرض
ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة
ويربط على قلوبكم ويلهمكم الصبر والسلوان
جزاكم الله خيرا

ابو سجى

رحمك الله يا والدي
وغفر له
لله ما أخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده بأجل مسمّى
أسال الله ان يجعله من اهل رحمته ويثبته تحت الأرض ويوم العرض
ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة
ويربط على قلوبكم ويلهمكم الصبر والسلوان
جزاكم الله خيرا

عماد بن حميدان الطياري

جزاك الله خيراً على ما كتبت واسأل الله الكريم أن يجمعنا بآبائنا وأمهاتنا وجميع أهلنا في مستقر رحمته..
كما اسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا البر بوالدينا أحياءا وأمواتا…
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

أبو بشار

رحمة الله عليه
أسأل الله العظيم أن يجعل منزلته الفردوس الأعلى من الجنة

عظم الله اجركم ورحم الله ميتكم

محبك وصديقك وزميلك / مسعود سعيد البلادي

محب

اولا جزاك الله الف خير على ماكتبت ..وعظم الله اجركم وغفر لميتكم ان شاء الله

وللتأكيد وكما قال الكاتب القدير .. الشيخ حميدان الطياري من الأشخاص الذين نادرا ماتشاهدهم في حياتك في محافظتهم على الصلاة والحج والعمر وكل عملا حسن

من المواقف مع الشيخ يرحمه الله وقبل وفاته بأقل من اسبوع انتظرني في مكان وسلم عليا كثير السلام
و أوصاني بالسلام الكثير للوالد ودعا له..

أسال الله لنا ولك العافيه وان يجعلك مع الصديقين والشهداء يارب.

عبداللطيف الطياري

جزاك الله خير على م كتبت
رحمك الله ي أبا عماد . أسال الله العلي القدير أن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة
إن لله وإن اليه راجعون.

ناهر الطياري

مواقف مع المرحوم بإذن الله …
في صباح يوم عرفة لهذا العام قابلته عند باب المخيم وقد ظهر عليه التعب يسأل عن مرافقيه فاتصلت بأحدهم وانطلقنا إلى مكان جلوسه فوجدتهم وقد أصابهم ما أصابه من الإعياء والتعب فأحضرت لهم الماء وشي من الإفطار …فناموا. ..ونام أبو عماد …ثم نهض يدعو ويبحث عن القرآن فلم يجد..فطلب جوالي ليقرأ منه …فلبيت طلبه. .ولم أره إلا داعيا وقارئا. …وهكذا عرفناه …رحمه الله …أنا جاره كلما خرجت من بيتي كنت أراه واسمعه. ..كان يملأ السمع والبصر …دوما يخرج إلى الصلاة مبكرا مشمرا في الطريق إلى المسجد

ألم الحزن

رحمك الله ي خالي رحمة واسعة وجعل الله مقالك الفردوس الأعلى من الجنة وجمعنا بك ف جنات الخلد ما أصعب الفراق والم الحزن عندما تفقد غالي عليك فجأة وبدون مقدمات للموت أنها الفجيعة فيك ي خالي ولكن نقول كما قال نبي عليه الصلاة والسلام أن القلب ليحزن وان العين لتدمع وان لفرقك ي خال لمحزونون خيم الحزن على حارة الطلعة لس6ماع نبأ وفاة خالي نعم فقيد المآذن وظلمات الليل فقيد تلك الوقفه التي كانت بعد صلاة كل مغرب وعشاء لمناقشة بعض الأمور والمصالح التي تخص الحي ذلك الصوت التي له رنة خاصه فقدنا.
من المأثر التي لم تعرف عن خالي انه كان يقوم بزيارتنا ف كل رمضان والعيد قبل أن نزوره نحن وهو الذي يكبرنا سنا فلا ينتظر زيارتنا ليردها ما أجمل صلة الرحم التي كان يتحلى بها والصدق والإخلاص لله في ذلك لم ي قابلني إلا وهو مبتسما

خالد المرامحي

اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واجعل قبره روضة من رياض الجنة وانزل علي قبره الضياء والنور والفسحة والحبور وجازه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا وابدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله .اللهم آمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *