من الطقوس الغريبة التي أمارسها في حياتي ، أني أعقد إجتماعاً بين كل فترة وفترة مع نفسي عن التصرفات أو القرارات التي إتخذتها في الفترة التي سبقت ذلك الإجتماع ، ومعظم النقاشات والتوصيات التي تنبثق عن هذا الإجتماع تعطي نتيجة واحدة إني (درويش) ، وأشهر اجتماع كان لمناقشة كيف تركت الوظيفة في القطاع الخاص والإلتحاق بوظيفة حكومية وخصوصاً كانت في الإرشيف .
كان اعتقاد الدراويش اللي مثلي في السابق أن الوظيفة الحكومية أمان من الفقر ووجاهة اجتماعية ، والحقيقة أنها الفقر بعينه ، حيث يظل الموظف مربوط بمرتبه لمدة تتجاوز العشر سنوات دون أن يزيد راتبه ريالاً واحداً .
نعود للأرشيف وذكرياته ومميزاته ، حيث أنه كان الوحيد من بين الأقسام بدون شباك ولا توجد له هيبة من المراجعين ، رغم أنه ممنوع منعاً باتاً الدخول ، إلا أنك دائماً تجد المراجع واقفاً فوق رأسك .
وبما أن الموظف الإرشيفي لا شئ يخافه تجده أحياناً منسدح ونائم ، وأذكر أحد الزملاء أيقظه المدير العام من النوم ثم دخل إلى قسم اخر و من ثم عاد إليه فوجده مازال نائماً .
في أحد الأيام وجدت السياف “البيشي” فوق رأسي مراجعاً ، و طير النوم الإرشيفي من عيني لمدة شهر خصوصاً عندما سرد لي قصصه في القصاص .
القطاع الخاص مدرسة في الحياة وأثبت الشباب السعودي جدارته فيه ، وأصبحت عبارة أن “الشباب السعودي لا يصلح في القطاع الخاص” من الماضي ، وأنا أستشهد من فترة طويلة بنجاحات أرامكو والمصارف السعودية التي اعتمدت على سواعد أبناء البلد من عشرات السنين فنجحوا نجاحاً باهراً .
و يبقى انتقاء الشركة المناسبة وأفضل الغير عائلية هي البيئة الجيدة في القطاع الخاص ، ومع إحترامي لجميع زملائي الدراويش عليهم التفكير أكثر من مرة عند الإلتحاق بالوظيفة ، فالإستقرار في وظيفة واحدة أفضل من التنقل بين الوظائف التي تقتل الإبداع والتطوير .
عبدالله محمد الصحفي
مقالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب