درويش التاسع عشر

من الطقوس الغريبة التي أمارسها في حياتي ، أني أعقد إجتماعاً بين كل فترة وفترة مع نفسي عن التصرفات أو القرارات التي إتخذتها في الفترة التي سبقت ذلك الإجتماع ، ومعظم النقاشات والتوصيات التي تنبثق عن هذا الإجتماع تعطي نتيجة واحدة إني (درويش) ، وأشهر اجتماع كان لمناقشة كيف تركت الوظيفة في القطاع الخاص والإلتحاق بوظيفة حكومية وخصوصاً كانت في الإرشيف .

كان اعتقاد الدراويش اللي مثلي في السابق أن الوظيفة الحكومية أمان من الفقر ووجاهة اجتماعية ، والحقيقة أنها الفقر بعينه ، حيث يظل الموظف مربوط بمرتبه لمدة تتجاوز العشر سنوات دون أن يزيد راتبه ريالاً واحداً .

نعود للأرشيف وذكرياته ومميزاته ، حيث أنه كان الوحيد من بين الأقسام بدون شباك ولا توجد له هيبة من المراجعين ، رغم أنه ممنوع منعاً باتاً الدخول ، إلا أنك دائماً تجد المراجع واقفاً فوق رأسك .

وبما أن الموظف الإرشيفي لا شئ يخافه تجده أحياناً منسدح ونائم ، وأذكر أحد الزملاء أيقظه المدير العام من النوم ثم دخل إلى قسم اخر و من ثم عاد إليه فوجده مازال نائماً .

في أحد الأيام وجدت السياف “البيشي” فوق رأسي مراجعاً ، و طير النوم الإرشيفي من عيني لمدة شهر خصوصاً عندما سرد لي قصصه في القصاص .

القطاع الخاص مدرسة في الحياة وأثبت الشباب السعودي جدارته فيه ، وأصبحت عبارة أن “الشباب السعودي لا يصلح في القطاع الخاص” من الماضي ، وأنا أستشهد من فترة طويلة بنجاحات أرامكو والمصارف السعودية التي اعتمدت على سواعد أبناء البلد من عشرات السنين فنجحوا نجاحاً باهراً .

و يبقى انتقاء الشركة المناسبة وأفضل الغير عائلية هي البيئة الجيدة في القطاع الخاص ، ومع إحترامي لجميع زملائي الدراويش عليهم التفكير أكثر من مرة عند الإلتحاق بالوظيفة ، فالإستقرار في وظيفة واحدة أفضل من التنقل بين الوظائف التي تقتل الإبداع والتطوير .

عبدالله محمد الصحفي

مقالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “درويش التاسع عشر

Tareq .Abufaisal

مقال اكثر من رائع اخي عبدالله
اصبت ووفقت وامتعت القارئ
بما كتبتة
احيك

محمد الصحفي

روعة قلمك وأسلوبك الطريف الخفيف يطرب القارىء
أبدعت في المقال أيها الدرويش العبقري
لك تقديري واحترامي وإعجابي

عبدالرحيم الطياري

أهنيك علي هذا الأسلوب الجميل
والعنوان بحد ذاته رائع واوافقك الرأي في الوظائف الحكومية
مريت بنفس التجربة

متعب

زمان كانوا يقولون صنعة في اليد أمان من الفقر
الآن صار وظيفة في اليد أمان من الفر :)
طبعا المقصود وظيفة حكومية ههههه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *