قال مختصون : إن تقليص هدر الأرز من جانب المستهلكين قد يوفر للاقتصاد السعودية ما يصل إلى 700 ألف طن سنوياً بقيمه تقدر بنحو 2.5 مليار ريال ، مشيرين أن الأرز على وجه الخصوص يعاني من الهدر والإسراف بمناسبة الولائم والمناسبات والاحتفالات ، وأن 40 % منه يتم في نهاية المطاف التخلص منها عبر النفايات.
وقالوا إن المملكة تعد أكبر الدول المستهلكة للأرز خارج دول شرق آسيا ، بكمية مقدارها 1.4 مليون طن سنويًا ، قيمتها نحو خمسة مليارات ريال ، وتأتي الهند على رأس الدول الموردة للمملكة وتمثل كمية الواردات نحو 68 في المئة من إجمالي واردات المملكة من الأرز.
فيما سجل سعر الأرز خلال العام الحالي ارتفاع بنسبة 5 % بما يعادل 31 هللة للكيلو ، رغم تهاوي أسعاره العام الماضي في الهند.
وحمل رئيس لجنة حماية المستهلك سابقاً ناصر التويم عدة جهات وراء ارتفاع أسعار الأرز ، منها جشع التجار ، وإسراف المستهلك ، والاحتكار ، مشيراً أن محدودية المستوردين والاحتكار أبرز أسباب الارتفاع خلال السنوات الأخيرة.
ويقول الخبير الاقتصادي أسامة فلالي: إن البذخ والمبالغة في التبذير له مردود سلبي على المواطن واقتصاد الدولة ، مشيراً أن ما يشاهد من إسراف في الولائم يحتاج لوقفة جادة وقرارات تلزم أصحاب المطابخ بعدم الاستجابة لمطالب الأشخاص الذين يطلبون كميات كبيرة في غير حاجتهم.
مشيراً أن الأزمة المالية التي تتعرض لها الأسر السعودية ترجع إلى زيادة المصاريف في الولائم والمناسبات وخاصة فترة المواسم ، وبالتالي يلجأون لأخذ القروض وأحيانا الاستدانة من بعض الناس.
ويقول رئيس مجموعة بصمة شباب التطوعية حسن بن أحمد: نظراً لكثرة الفائض المهدر من الطعام في المناسبات قررنا أن نعمل مشروعاً لحفظ النعمة، مضيفاً أن المشروع بدأ بفكرة تحارب الإسراف وتحض على ترشيد الاستهلاك، خاصة بقايا الطعام الذي يرمى رغم وجود فقراء هم في أمس الحاجة إليه ، ومنذ تلك اللحظة قامت المجموعة بتبني هذا المشروع كأحد أقسام أنشطتها ، حيث وضعت لذلك آليات تضمن نجاح هذا القسم وتحقيق أهدافه ، وهي تحديد موعد المناسبات بالتنسيق مع قصور الأفراح ثم يذهب لها مجموعة من الشباب المتطوعون ويجمعون بقايا الأطعمة بواسطة صحون بلاستيك مغلفة بطرق حديثة ، ومن ثم توزع على المحتاجين بما فيهم عمال النظافة والأسر.
ويرى الخبير الاقتصادي فاروق الخطيب ، أن السلوك الاستهلاكي للمجتمع هو وراء ارتفاع حجم الطلب وخاصة على الأرز الذي يعد الوجبة الرئيسية للمجتمع السعودي ، مشيراً أن ارتفاع الطلب يوافقه ارتفاع في الأسعار أيضاً ، والحل يكمن في ترشيد الاستهلاك من خلال رفع ثقافة الوعي عند المواطن ، مؤكداً أهمية الاهتمام بالتخطيط المناسب لميزانية الأسرة بعيداً عن التبذير ، وأن يتم تدريس هذا السلوك في المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع وأن يحظى بتوجيهات الأسرة بدلا من تكرار الشكوى من الغلاء الذي يتسبّب فيه المستهلك ويضع شماعة لأخطائه على أكتاف المسؤولين أو التجار دون أن يحاسب نفسه على تصرفاته الاستهلاكية.
ويقول علي اليافعي «صاحب مطبخ للمندي» نحن نواجه توصيات ومطالبات من قبل صاحب الوليمة بزيادة كميات الأرز بهدف إرضاء معازيمه وتجنب أي انتقادات له بعد المناسبة ، مشيراً أنهم في المطابخ يشاهدون مواقف إيجابية ومنها سلبية فالبعض من الزبائن لديه ثقافة التوفير ، والآخر خلاف ذلك ، من خلال طلب إعداد ذبيحته كاملة مفطح ، مضيفاً أن الذبيحة المفطح تقدم لما بين خمسة إلى 10 أشخاص فقط ، بينما لو تقطع وتوزع على الصحون تكفي ضعف ذلك العدد.
من جانبه أوضح المتحدث الرسمي لأمانة جدة محمد البقمي ، أن الإدارة العامة للنظافة والمرادم قامت بتوزيع نحو 900 حاوية لحفظ النعمة لمنتجات المخابز من بقايا خبز وخلافه موزعة على نطاق 9 عقود لشركات النظافة بمحافظة جدة ، وتشمل 14 بلدية فرعية ، مشيراً أن هذه المبادرة تعتبر استمراراً لجهود الأمانة المبادرة السابقة التي تم من خلالها إلزام المطابخ وقاعات الأفراح بالتعاقد مع جمعيات حفظ النعمة ، مبيناً أن الهدف منها هو حفظ النعمة من الامتهان وإعادة استخدامها ، حيث يتم الاستفادة منها من خلال توزيعها على أسواق النفع العام في محافظة جدة ويساهم في تقليص كمية المواد الغذائية الواردة إلى مردم النفايات، وتنص هذه الآلية على إلزام المطابخ وقاعات المناسبات بالتعاقد مع جمعيات خيرية وشركات متخصصة لتصريف فائض الأطعمة.
وأضاف البقمي أن إجمالي النفايات في محافظة جدة تبلغ نحو 6000 طن يومياً تشكل الأطعمة منها نحو 60% ، مطالباً سكان محافظة جدة بالمساهمة مع جهود الأمانة في تقليصها عن طريق إعادة استخدام هذه الأطعمة أو التعاون مع الجمعيات الخيرية لتوزيعها على المحتاجين بدلا من رميها في النفايات .