ولا يخاف عقباها

بسم الله الرحمن الرحيم….
عندما تأملت في سورة الشمس توقفت عند قول الله تعالى حين أهلك قوم ثمود ودمدم عليهم بالعذاب بعدما تعدوا على محارم الله وأبوا أن ينصاعوا الى دعوة نبيهم صالح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، نعم فقد حذرهم نبيهم بأمرٍ من الله الذي أرسله اليهم لأَن الله تعالى يقول :- (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) . استحبوا العمى على الهدى واختاروا الغواية على الرشد والضلال على الرشد والعماية على الهدى ، ولأن الله سبحانه وتعالى لا يهلك قرية الا وأهلها ظالمون هذا لعدله ورحمته فقد كتب العدل على نفسه وسمى نفسه الحكم العدل فقد أقام عليهم الحجة والبينة لكي لا يقولوا أهلكنا الله بدون سابق إنذار ، فقد بعث الله اليهم عبده ورسوله صالح ليبين لهم ما هم عليه من الباطل ولكن القوم تمادوا في غيهم وباطلهم فأرسل لهم الناقة فتشاورا على عقرها لشقائهم وما اعتادوا عليه من العصيان والتمرد على تعاليم الله (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا) أي سوى الدمدمة عليهم أجمعين بالتساوي لأنهم جميعهم اشتركوا في الإثم والباطل وتعاونوا على عقر الناقة { وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } ، نعم فهو القاهر لكل شيء وعلى كل شيء وفوق كل شيء لا يخاف عاقبة العذاب الذي أنزل بثمود لأنه كان جزاءً وفاقا ولأن الله العادل لا يظلم أحداً مثقال ذرة فالعذاب الذي أنزله بهم هو جزائهم العادل ولم يظلهم الله فلا يخاف سبحانه عاقبة الظلم لأنه العدل الذي يقول ( ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا.)…..

نعم إنه العدل والعادل في كل أموره جل جلاله ولنرى من الذي يخاف عاقبة أمره ولله المثل الأعلى، إن الذي يخاف من عاقبة أمره وجبروته وطغيانه هم البشر والظالم منهم يخاف عاقبة ظلمه فلنضرب بعض الامثله لهذا الخوف فحين قتل ستالين أربعة آلاف من الظباط البولنديين ودفنهم في مقبرة جماعية وحين سُئل عنهم أنكر لأنه خاف عاقبة ظلمه أنكر قتلهم لكي لا يحاسب ، وكذلك هتلر النازي عندما أوغل في دماء البشر بحربه العالمية الثانية التي مات بسببها ٥٠ مليون إنسان ولم تسلم من تلك الحرب حتى الدواب عوضاً عن المدن التي دمرت وأُحْرَق الأخضر واليابس فعندما شعر بهزيمته وأن الحلفاء يتقدمون خاف من عاقبة ما فعل فقد رأى حليفه في الباطل الدوتشي موسليني وقد علق راساً على عقب بعدما شنق جراء ما فعل بالبشرية وكم من الظلمة في التاريخ ظلموا وبغوا وتجبروا فلما حانت ساعة الحساب خافوا عاقبة ما صنعوا لأن الظلم يقض مضجع الظالم بعكس العدل فإنه يريح قلب من اتخذه منهاجاً لحياته نعم عندما رأى هتلر ما رأى وعلم أن الحلفاء لن يتركوه هنا أقدم على الإنتحار وقد صدق أمير الشعراء حين وصف الحرب قائلاً :-
الحرب من شرف الشعوب فإن بغوا فالمجد مما يدعون براء

نعم خاف هتلر من عاقبة فعله لأنه اعتدى على النفس البشرية غروراً وصلفاً وتجنياً وأمثاله في طول التاريخ وعرضه كثير ، ولكن الله سبحانه وتعالى ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لا يخاف عاقبة تدمير الظالمين والباغين نعم لا يخاف لأنه عادل وأنه اقتص منهم بسبب كفرهم وعنادهم وتلاعب الشيطان بهم فأوردهم موارد الهلاك وقد حذرهم الله اتباع خطوات الشيطان كي لا يقع عليهم ما وقع وصدق الله ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15).

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “ولا يخاف عقباها

د. سالم بن رزيق بن عوض

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …مساكم الله تعالى بالخيرات والبركات والمسرات …ما شاء الله تبارك الله أحسنت وأجملت ووفقت أستاذ إبراهيم يحي أبا ليلى .
لذا على المؤمن الكيس الفطن أن يحذر من عواقب ما يقترف في حق الله تعالى ، وفي حق الناس ، وفي حق النفس ، فالله تعالى فرض فرائض وحد حدوداً وأمر ونهى ، وأخبر وتوعد فالعاقل اللبيب عليه أن يعظم هذه كله بالتصديق والتنفيذ والعمل الصالح، وأن يعرف للناس حقهم صغاراً وكباراً نساء ورجالاً ، وعليه أن يعرف قدر نفسه فيأخذها على الحق الواجب
ولا يظلم نفسه في إهمال حق الله تعالى أو حق الناس فإن الله تعالى خلق النار لمن بغا وطغا في أهمال حق الله وحق الناس.
وفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *