بسم الله الرحمن الرحيم
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَأَنَا جَارِيَةٌ، لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ، وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: “تَقَدَّمُوا”، فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي:” تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ”. فسابقته ، فسبقته ، فسكت عني ، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، وخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس: تقدموا، ثم قال لي: تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: ((هذه بتلك)).
في هذا الموقف يتبين الخلق النبوي الكريم في توطيد العلاقة الزوجية ، والروح المرحة الهينة اللينة التي ينبغي أن تكون مع الأهل فإنه صلى الله عليه وسلم لم تمنعه مكانته وعظيم منزلته من الإحسان إلى أهل بيته بالتلطف معهن ودعابتهن مع صعوبة السفر ومشقته وما فيه من عناء وتعب ، وفي هذا درس للأزواج بتحمل الزوجات وتخفيف آلامهن وأعبائهن بالتبسم والدعابة والملاطفة والتودد إليهن ، وكذلك مع سائر الأهل ذكوراً وإناثاً ، ها هو صلى الله عليه وسلم يسابق زوجته ويضاحكها ويلاطفها بقوله ((هذه بتلك)) يعني : “تقدٌمي عليك في هذه النوبة في مقابلة تقدٌمك في النوبة الأولى ” فهو تلطف رقيق جميل ، وفيه درس للجميع بأن يقتدوا بهذا المنهج النبوي قدر استطاعتهم في ملاطفة أهلهم وصبيانهم ومن يخالطون حتى لا ينفضوا عنهم وينفروا منهم ، ولكن بما أباح الله ، قال تعالى : “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ”.