مدير مركز السكري: المملكة تنفق 80 مليار ريال لعلاج السكري في العام الواحد

رقم مفزع من الخسائر الاقتصادية والصحية ، تخلفه الإصابات بمرض السكري ومضاعفاته والإعاقات الناتجة من تفاقم معدلاته في المملكة، تصل إلى 80 مليار ريال في العام الواحد. 

وكشف الدكتور خالد الربيعان مدير المركز الجامعي للسكري، في حوار مع صحيفة «اليوم» في افتتاحية الملف الشهري الرابع عشر تحت عنوان «السكري.. القاتل الصامت» ، أن فاتورة علاج السكري تنقسم الى نوعين من التكلفة المباشرة وغير المباشرة. 

ولفت إلى أن التكلفة الأولى تبلغ تسعة مليارات ريال سعودي سنوياً وهي التكلفة المباشرة التي تكون نتيجة الصرف المباشر على العناية الصحية بمرض السكري في المملكة كتكاليف الدواء والمعاينة الطبية وتكاليف الفحوصات المختلفة، معلنا أن التكلفة غير المباشرة تكون ناتجة عن حدوث الإعاقات الجسدية والبصرية وغيرها، إضافة إلى الهدر المالي الناتج عن التوقف أو فقد العمل وغيرها مما يؤثر على الناتج القومي وبالتالي ارتفاع كلفة هذا المرض لتبلغ ما يزيد عن 80 مليار ريال سنوياً.

وأكد الدكتور الربيعان أنه لا توجد خطة وطنية محددة المعالم لمواجهة داء السكري في المملكة إلا أن هناك مبادرات متعددة لمختلف المؤسسات الصحية ونشاطا ملموسا في إنشاء مراكز متخصصة في المناطق للحد من انتشار المضاعفات المزمنة لهذا الداء، لافتا إلى أن الحاجة ماسة لمكافحة السكري على المستوى الوطني وتقليل نسبة الإصابة التي تحتاج إلى تضافر الجهود من مختلف المؤسسات والقطاعات الحكومية والأهلية.

وأشار إلى ارتفاع معدل السعرات الحرارية المستهلكة يومياً من 1200 سعرة حرارية في الستينات من القرن الماضي لتتجاوز 3500 سعرة حرارية حاليا، أي بمعدل ثلاثة أضعاف ما كان يستهلكه الفرد السعودي في الماضي، وقد تزامن ذلك مع تطور وسائل المواصلات والقفزة العمرانية وسهولة تقديم الخدمات والذي ينعكس بشكل كبير على معدلات النشاط البدني للفرد.

وقال الدكتور الربيعان : “يقع عاتق محاربة داء السكري على المجتمع بمختلف مستوياته خصوصاً أن الحد منه يكون عبر ممارسة أنماط معيشية صحية تمتاز بزيادة النشاط البدني، واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن ويبقى على عاتق المسؤولين الصحيين مسؤولية رسم خطط الوقاية المختلفة وإشراك وسائل الإعلام والبرامج الاجتماعية في مكافحة داء السكري”. إلى تفاصيل الحوار:

بداية هلا حدثتمونا عن حجم مشكلة السكري في المملكة؟ وهل هناك أرقام تعكس واقع المرض؟ 

تمر المملكة العربية السعودية بتغيرات حضارية كبيرة فخلال العقود الأربعة الماضية حدث تغير جوهري وكبير في نمط الحياة الذي انعكس بصورة كبيرة على الجوانب الصحية ولعل أهم ما يميز هذا التغير ارتفاع معدل دخل الفرد وما صحبه من زيادة واضحة في معدلات استهلاك الأطعمة، بالإضافة إلى تغير مكوناتها وليس أدل على ذلك من ارتفاع معدل السعرات الحرارية المستهلكة يومياً من ما يقارب 1200 سعرة حرارية في الستينات من القرن الماضي لتتجاوز 3500 سعرة حرارية هذه الأيام، أي بمعدل ثلاثة أضعاف ما كان يستهلكه الفرد السعودي في الماضي، وقد تزامن ذلك مع تطور وسائل المواصلات والقفزة العمرانية وسهولة تقديم الخدمات والذي ينعكس بشكل كبير على معدلات النشاط البدني للفرد بعد أن كان الفرد يحتاج السير لمسافات في الانتقال أو ممارسة الأعمال التي كانت مهنية في الغالب أصبح اليوم ينتقل بوسائل النقل المختلفة والميسرة، وتبدلت المهن ليقضي الفرد أعماله دون الحاجة إلى أي مجهود عضلي وأصبحت المهن تدار من خلال المكاتب وبوسائل اتصالات مختلفة. 

إن اجتماع قلة النشاط البدني وزيادة استهلاك السعرات الحرارية كان نواة ميلاد مشكلة صحية كبيرة في المملكة تمثلت بانتشار البدانة في المجتمع، حتى أن معدلات السمنة تجاوزت 50% من المجتمع خصوصاً لدى السيدات ولم يستثن من ذلك الأطفال الذين انتشرت لديهم ظاهرة السمنة في أكثر من 20% منهم، وتعتبر هذه النسبة في هذه الفئة العمرية من أعلى النسب عالمياً. 

ولقد كان انتشار السمنة وقلة النشاط البدني وما صاحبهما من زيادة في معدلات استهلاك الطعام دور كبير في أن تقفز نسبة الإصابة في المملكة العربية السعودية من 2% إلى ما يزيد عن 25% خلال العقود الأربعة الماضية للفئات العمرية فوق 30 سنة إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل صاحب ذلك ارتفاع كبير في معدلات الإصابة بما يسمى باعتلال استقلاب السكر أو ما يمكن أن يطلق عليه ما قبل الإصابة وهى حالات تنتشر بنفس معدلات الإصابة وتكون مختفية إذا لم يتم الكشف المبكر عنها. 

وإن ما يميز داء السكري أنه من الأمراض المزمنة التي يتعرض المصاب بها لحالات مرضية ناتجة منها تعرف بمضاعفات السكري المزمنة، ولعل من أهمها اعتلالات الأعصاب التي تصيب ما يقارب من 40% من المرضى، يأتي بعد ذلك اعتلالات شبكية العين التي تحدث لـ30% من مرضى السكري يلي ذلك اعتلالات الكُلى في ما يقارب من 20%، وأقل مضاعفات السكري حدوثا وأخطرها ما يعرف باعتلالات الشرايين وما ينتج عن ذلك من أمراض القلب الوعائية أو السكتات الدماغية أو إصابة الأقدام بالغرغرينا وهى أقل حدوثا إلا أنها أشد خطورة على حياة المريض. ويعد داء السكري الآن المسبب الأول لبتر الأطراف والعمى والفشل الكلوي بالمملكة. ولاستكمال الصورة حول هذا الداء في المملكة العربية السعودية فلا بد من الحديث عن نوع مهم ومنتشر في المملكة وهو السكري المصاحب للحمل حيث إن ما يقارب 40% من السيدات الحوامل بالمملكة العربية السعودية مصابات بأحد أنواع السكري كسكري الحمل أو النوع الأول و الثاني منه، وللسكري أثر سلبي على الجنين مما يؤدي إلى مضاعفات قد تصل إلى الإجهاض أو موت الجنين داخل الرحم. 

ما هي نسبة الزيادة السنوية لمرض السكري في المملكة؟ وماهي الشريحة الاكثر عرضة للإصابة بالمرض؟

ترتفع معدلات الإصابة بالسكري بمعدل 1% سنويا وذلك من النوع الثاني للسكري وهو ما يفسر الزيادة المطردة في معدلات الإصابة مع أن معدلات الإصابة بالنوع الأول لم تتغير عبر السنين والتي هي إصابة 30 طفلا من كل 100.000 طفل سنويا، أما الشريحة الأكثر إصابة بهذا الداء فتتمثل فيمن لديهم العامل الوراثي والمتمثل بإصابة أحد أفراد الأسرة. كما أن السمنة من أهم عوامل الخطورة والمرافقة غالبا لقلة النشاط البدني وزيادة السعرات الحرارية المستهلكة. 

ويصاحب داء السكري بعض الأمراض المزمنة الأخرى كارتفاع ضغط الدم أو الدهون وتعتبر كذلك من عوامل الخطورة أما بالنسبة للسيدات فإن ولادة طفل بحجم كبير (يزيد عن 4 كجم) قد تكون الإشارة الأولى لاحتمالية الإصابة بالسكري، بالإضافة إلى أن السيدات اللآتي أصبن بسكري الحمل.

ما أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بالسكري بالمرض؟

إن أهم الأسباب وراء ارتفاع نسبة الإصابة بالسكري في المملكة العربية السعودية هو التغير الكبير في نمط الحياة كما ذكرت سابقاً، كما أن للسمنة وتزاوج الأقارب دوراً إضافياً لارتفاع معدلات الإصابة حيث ان ارتفاع المعدلات إلى مستويات خطيرة كان خلف إرهاق الخدمات الصحية مادياً وعملياً. 

ولعل من أهم ما يجب التنبيه إليه هو العامل الوراثي وخصوصاً في مجتمع ترتفع فيه نسبة الزواج بين الأقارب والذي يرفع من معدلات انتشار المرض في المجتمع خصوصاً إذا تزامن مع عوامل خطوره أخرى كالمذكورة سابقاً. 

ماذا عن دور المراكز المتخصصة في السكري؟ وكيف تقيمون تجربة المركز السكري الجامعي كنموذج رائد في هذا المجال؟

إن دور المراكز المتخصصة لعلاج السكري يكون تقديم الخدمة المتقدمة لمرضى السكري واستقبال الحالات التي تحتاج إلى متابعة دقيقة كحالات القدم السكرية أو طرق علاجية متقدمة كحالات العلاج بالإنسولين المكثف، كما يُناط بهذه المراكز تقديم برامج التوعية الصحية والأنظمة العلاجية لهذه الفئة من المرضى، ولذلك فإنها تعنى بتقديم الخدمات الطبية المتقدمة لمرضى السكري. ومن الجدير بالذكر أن هذه الفئة لا تزيد عن 5% من مرضى السكري وتبقى الغالبية العظمى لهؤلاء المرضى تزور المراكز الصحية أو العيادات العامة في المستشفيات. 

أما عن تجربتنا بالمركز الجامعي للسكري فهى ممتدة خلال ما يزيد عن 25 سنة استكملت فيها الخدمات المتقدمة لمرضى السكري لتشمل البرامج العلاجية والتثقيفية العامة بالإضافة إلى العيادات التخصصية والوحدات المسؤولة عن الخدمات المميزة لمرضى السكري كوحدة القدم السكرية ووحدة العلاج بالإنسولين المكثف ووحدة التثقيف والتوعية ووحدة النظام الغذائي، بالإضافة إلى برامج خدمة المجتمع كبرنامج المراقبة المنزلية وبرامج الكشف المبكر وغيرها. 

كما أن للمركز ذراعاً أكاديمياً تعنى بتدريب الكوادر الطبية من أطباء وفنيين ، بالإضافة إلى الذراع البحثية التي تعنى بالدراسات المختلفة. 

هل هناك خطة وطنية لمواجهة المرض أو برامج موجهة لحل هذه المعضلة؟ ، وهل هناك مبادرات في هذا الإطار ؟

لا توجد خطة وطنية محددة المعالم لمواجهة داء السكري في المملكة الا أن هناك مبادرات متعددة تقوم بها مختلف المؤسسات الصحية في المملكة وعلى رأسها وزارة الصحة. ولوزارة الصحة نشاط ملموس في انشاء مراكز متخصصة في مناطق المملكة المختلفة والتي تعنى بعلاج المرضى والحد من انتشار المضاعفات المزمنة وأرى أن الحاجة ماسة لمكافحة داء السكري على المستوى الوطني في تقليل نسبة الاصابة التي تحتاج الى تضافر الجهود من مختلف المؤسسات والقطاعات الحكومية والأهلية.

على من يقع عاتق محاربة السكري؟

يقع عاتق محاربة داء السكري على المجتمع بمختلف مستوياته، خصوصاً ان الحد منه يمكن الوصول اليه من خلال ممارسة أنماط معيشية صحية تمتاز بزيادة النشاط البدني واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن ويبقى على عاتق المسؤولين الصحيين مسؤولية رسم خطط الوقاية المختلفة واشراك وسائل الاعلام والبرامج الاجتماعية في مكافحة داء السكري.

كم يبلغ حجم الفاتورة السنوية لعلاج مرضى السكري؟ 

تنقسم فاتورة علاج السكري الى نوعين من التكلفة ، الأولى تبلغ تسعة مليارات ريال سعودي سنوياً وهي التكلفة المباشرة التي تكون نتيجة الصرف المباشر على العناية الصحية بمرض السكري في المملكة كتكاليف الدواء والمعاينة الطبية وتكاليف الفحوصات المختلفة والتي تشكل فيها مضاعفات السكري ما يزيد عن سبعين بالمائة، حيث تتضاعف المصاريف مع حدوث تلك المضاعفات. أما التكلفة غير المباشرة التي تكون ناتجة عن حدوث الإعاقات الجسدية والبصرية وغيرها اضافة إلى الهدر المالي الناتج عن التوقف أو فقد العمل وغيرها مما يؤثر على الناتج القومي وبالتالي ارتفاع كلفة هذا المرض غير المباشرة والتي بلغت ما يزيد عن ثمانين مليار ريال سعودي سنوياً.

هل هناك كلمة أخيرة تودون توجيهها؟

داء السكري مرض يعتمد اعتماداً كلياً على المريض وأفضل وسيلة لعلاجه الوقاية منه.

image 0

الهدر المالي الناتج عن الإعاقات وفقد العمل جراء مضاعفات مرض السكري يؤثران على الناتج القومي وبالتالي ارتفاع كلفة هذا المرض لتبلغ نحو 80 مليار ريال  .

image 1

الحلويات الغنية بالسكريات تسرع الإصابة بالسكري

image 3

نحتاج إلى خطة وطنية شاملة محددة المعالم لمكافحة هذا الداء المزمن

image 2

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *