في رحاب (ثادق) الكرم والضيافة

اليوم الثلاثاء 1443/7/21هـ، استيقظت مبكراً وبعد صلاة الفجر جماعة في المسجد المجاور رحت في جولة رياضية حول الفندق الذي نزلت فيه بحي الياسمين، واستطلعت المعالم التنموية والحضارية حيث يقع على شارع الإمام سعود بن فيصل وأمامه مستشفى المملكة، وقريب منه مطاعم الرومانسية وكثير من المعالم والمتنزهات والأسواق الترفيهية.

ومع الظهيرة تم الاستعداد لمغادرة النزل حسب الموعد مع الدكتور عبدالله الحيدري الذي رتب لنا زيارة دارته في مركز (البير) التابع لمحافظة (ثادق) والمبيت عندهم هذه الليلة استعداداً للبرنامج الذي يبدأ غداً الأربعاء وكلف أخاه الدكتور عبدالعزيز الحيدري أن يصحبنا بسيارته إلى (البير) بعد استقبال الزميلين الدكتور سعد الرفاعي والشيخ أحمد النزاوي اللذين سيصلان الرياض قبيل العصر إن شاء الله.

وها أنذا عند بوابة الفندق جاهز لانتظار الزملاء، ولكن الزميل الدكتور سعد الرفاعي – كعادته يخلط الهزل بالجد في سويعات لا تحتمل هذا النوع من التواصل الإخواني!! حيث اتصل بي قبيل العصر من هذا اليوم الثلاثاء 1443/7/21هـ قائلاً: إنهم – (أحمد النزاوي وهو والدكتور عبدالعزيز الحيدري) – في طريقهم إلى (ثادق) –وعليَّ أن أدبر نفسي في اللحاق بهم أو الانتظار إلى صباح الأربعاء ومرافقة باقي الأدباء القادمين من جهات مختلفة!! فأسقط في يدي وأنا الصدوق ورحت أصفق كفاً بكف!! حتى أعادني إلى صوابي عندما أردف: إنهم في الطريق إلى حي الياسمين للقائي واصطحابي إلى ثادق الخير والمكرمات!!

قف يا (سعد) عن هزلٍ، فإني …… لدرب الجدِّ قد اسرجت خيلا

ولا تنكا جراحاً في فؤادي ………….. وقل خيراً .. تنل قدراً جليلا

وصل الرفاق قادمين من المطار، وبعد استضافتي لهم والاسـتراحة قليلاً في مقهى فندقنا (إيليان) تم الانطلاق والمسير نحو مركز (البير) التابع لمحافظة (ثادق) وكان قائدنا ودليلنا في هذه المحطة الدكتور عبدالعزيز الحيدري الذي عرفته منذ العام 1441هـ عبر كتابه (رحلات الحج المشرقية)،وكتبت عنه دارسة نقدية (نشرت في الجزيرة الجمعة 30 أكتوبر 2020م) وبدأ التواصل المعرفي والثقافي والأخوي منذ ذلك الحين وقد لمســت فيه أدباً وخلقاً جماً، وروحـاً تواقة للمعرفة، وإنسـانية تفيــض حياء ًونبــلاً. واليوم – وبهذه الرفقة نحو (ثادق) – تزداد المعرفة محبة وانسجاماً وتطلعاً إلى الغد بروح الألفة والبهجة والجمال!! لقد حرص دليلنا وقائدنا على أن تكون رحلتنا في الساعات المشمسة قبل الغروب حتى نتمكن من رؤية القرى والأرياف والمواضع الصحراوية والجبلية والمعالم الطبيعية في طريقنا ما بين الرياض وثادق ومن أهمها الصفَّرات والحسي حتى وصلنا إلى (البير) المركز الذي به مزرعة الحيدري وأبنائه حفظهم الله الذين قرروا الاحتفاء بنا – كأول دفعة من الأدباء الزائرين لمحافظة ثادق–حيث رتب لنا الزميل الأستاذ الدكتور عبدالله الحيدري وإخوانه الكرام استضافةً قَبَلِيّةً مساء يوم الثلاثاء وهيأوا لنا مكاناً للمبيت في دارتهم العامرة بالمزرعة المذكورة آنفا، وأولموا لنا عشاء فاخراً، وجمِّلوا ليلتنا بسهرة أدبية وتاريخية ماتعة، وعرفنا ليلتئْذ أبناء المرحوم عبدالرحمن الحيدري وأبناء العمومة الذين حضروا تلك السهرة وأحدهم المؤرخ والأديب والشاعر الأستاذ عبدالرحمن بن إبراهيم الحيدر.

ومع إطلالة الصباح الباكر ليوم الأربعاء 7/22، وبعد صلاة الفجر جماعة قمنا بجولة في أنحاء المزرعة وأطرافها حتى بلغنا الوادي الذي يفصل مزارع آل الحيدري وهو وادي (أبو فحيحيل) والبيت القديم للوالد عبدالرحمن الحيدري رحمه الله، وشاهدنا البئر التي تسقي النخيل والأشجار المتنوعة في المزرعة والبيت المعد لسكن الإخوة جميعاً ولكل منهم داره المستقلة ويتوسطها الفناء العائلي وشقة لمبيت الزوار والضيوف وفي الواجهة توجد المضافة ومجلس الاستقبال الذي يتجمعون فيه ويستقبلون ضيوفهم بالتهليل والترحيب في ظاهرة من الكرم الحاتمي والوجوه الباسمة والقلوب النظيفة والروح الإيمانية!!

وعدنا من الجولة لنجد الإفطار جاهزاً، والبشر يملأ وجوه الحاضرين من آل الحيدري فتذكرنا قول الشاعر:

أضحاك ضيفي قبل إنزال رحله ….. ويخصب عندي والمحل جديب

وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ….. ولكن وجه الكريم خصيب

لله دركم يا آل الحيدري على هذه الضيافة الباذخة واللقاء الميمون والمبيت الفندقي (4-Stars) بين النخيل والزروع وأصوات العصافير الصباحية!!

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة من هذه الرحلة الثقافية الماتعة.

الحلقة الماضية
يوم التأسيس وملتقى (عبيثران) الثقافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *