فعاليات اليوم الأول

يوسف العارف

وقبيل المغرب تحرك الوفد إلى مدينة (ثادق) استعداداً للمرحلة الثالثة من فعاليات اليوم الأول من هذه الزيارة الثقافية/ الأدبية/ الاجتماعية لمحافظة (ثادق) التي وصلناها مع غروب الشمس لنجدها مدينة هادئة وجميلة، بعيدة عن الصخب والضوضاء البيئية، والملوثات الجوية. ذات طبيعة ساحرة ومنبسطة بين جبال وشعاب ووديان، تجملها البساتين والمزارع والرياض الخضراء، ولذلك سموها(ريف نجد)!! كما قال لي مضيفنا في الرياض الدكتور عبداللطيف الحميد!!

كما وجدناها مدينة ناهضة عمرانياً وتنموياً، فالشوارع فسيحة، والميادين جميلة، والأرصفة ملونة،والمماشي الرياضية متوفرة، والمخططات العمرانية جاهزة، والمباني الحكومية شاهدة على التطور العمراني والحضاري. وكل ذلك في زمن قصير و راحت تنافس وتسابق جاراتها من المحافظات والمدن النجدية!!

وفي حي حديث – تقريباً – وصلنا إلى حيث النُزل/ الفندق الذي اختير ليكون مقرا لسكنانا طوال الأيام الرحلية وهي دارة للوجيه رجل الأعمال (عيسى بن عبدالعزيز العيسى) هيأها لتكون نزلاً أو وحدات سكنية مفروشة ومؤثثة، وكنا/ وفد الثقافة والأدب أول نزلائها وساكنيها طوال ثلاثة أيام الزيارة.

والجميل هنا أن مضيفنا لم يختر اسماً لهذا النُزل بعد، فاقترحنا عليه أن يسميه نزل الأدباء والمثقفين، تيمناً بهذه الزيارة الثقافية والأدبية التي أفضل فيها باستضافتنا وتسكيننا كل ثلاثة أو أربعة في شقة نظيفة مرتبة ومجهزة بكل ما يريح.. وكانت بشاشة الأخ عيسى وحسن مقابلته وضيافته الصباحية بالقهوة وملحقاتها أكبر دليل على السمو الأخلاقي والروح المعطاءة والبذل المجتمعي تعاوناً مع منظمي هذه الزيارة الأدبية والثقافية!! وقد قال مضيفنا الشاعر عبدالله الدريهم في حقه كلمات رائعات عند مدخل النُزل كنت أتمنى تسجيلها لأنها اعتراف بفضل هذا الرجل الذي لا ُينسى!!

ولكني أقول عنه:

أبا (عيسى) حباك الله نبلاً ….. وأخلاقاً لها التاريخ شاهد
سموت بنا فزدت بنا سمواً … لأنك بالسمو فتىً مجاهد

وبعد استراحة قصيرة وأداء صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا كان التوجه نحو مجلس الشيخ (محمد بن محمد العيسى) الذي استضاف الوفد في جلسة أخوية أدبية وشعرية، كانت فاتحة استعدادية للأمسية الشعرية التي ستقام بعد قليل في مكان آخر جديد وغير بعيد!!، وهو قاعة الغثبر للمؤتمرات والمناسبات التابعة لجمعية تحفيظ القرآن الكريم التي أسهمت في ضيافة الوفد بتأمين الحافلة الخاصة بالانتقالات والجولات طوال أيام الزيارة فجزاهم الله خير الجزاء.

وللعلم فإن عائلة (الغثبر) من العوائل المعروفة في محافظة (ثادق) ومن قبائل البدارين/ الدواسر، ولهم إسهامات في أعمال الخير، وقد قام أبناء الشيخ سليمان الغثبر بإنشاء هذه القاعة. وما إن أوشكت الساعة التاسعة تدق أجراسها حتى بدأت القاعة تكتظ بالحضور انتظاراً لوصول سعادة المحافظ الأستاذ علي بن عبدالله القرني الذي أقيمت على شرفه ورعايته هذه الأمسية الوطنية بمناسبة يوم التأسيس، وشارك فيها كل من صاحب هذه الورقة/ الدراسة التوثيقية (أنا) والأخوين الصالحين صالح العمري وصالح العوض، والدكتورين عبدالرحمن العتل وسعد الرفاعي والأستاذ ماجد الجهني، وأدارها باقتدار وحيوية رئيس نادي جدة الأدبي البروفيسور عبدالله عويقل السلمي [ويمكن مشاهدة الأمسية على اليوتيوب عبر صحيفة ثادق والمحمل/ تويتر]. وقد أجمل الأستاذان الدكتور عبدالله الحيدري والشاعر عبدالله الدريهم عندما أفادا الجميع بأنهما عازمان على جمع هذه القصائد (الثادقية) والوطن/ تأسيسية ونشرها في كتاب خاص بهذه المناسبة، وهي خطوة توثيقية مهمة جداً!! وفق الله الزميلين العزيزين لإخراج هذا الكتاب في الأيام القريبة القادمة!!

وانتهت الأمسية بمراسمها التقليدية والمعتادة: توزيع الدروع على المشاركين، والتقاط الصور التذكارية، وتبادل كلمات الشكر والتحفيز والإشادة بالقصائد الملقاة، والشعراء المشاركين، والمجاملات الثقافية والاجتماعية من بعض الحاضرين والضيوف والزملاء في الوفد الأدبي الثقافي!!

ومن فعاليات هذه الأمسية كانت هذه الأبيات للشاعر (أنا) كاتب هذه السطور:

زجرت الطيور إلى قادة ……………… فجاءت بأخبارها قادق
تيامنت بالساحات ضحي ………….. فثم السحايب والبارق

أنا بنت هذا الضحى فرحة …. أنا النجم والشمس والطارق
أنا منذ نشأت مدىً مورقان ….. ومنذ استويت الندى العابق

أتيتك يا صادق المكرمات ……….. وحرف الندى فاخر سامق
أتيتك يا نبض أنس طري …….. سما وتجلى وسُر به الخافق

فتيني علي العالمين رؤى ………. وقولي كفي .. إنني ثادق

ولم ينته–بعد–يومنا الأول، فما ازل هناك كرم(ثادقي) بانتظارنا في استراحة أبناء (عبدالرحمن بن ناصر الماجد) الذين احتفوا بضيوف المحافظة من الأدباء والمثقفين على مائدة العشاء العامرة وقبل موائد البطون كانت الحفاوة المعنوية والحسَّية: حسن استقبال، وعبارات ترحيبية، ومشاركة احتفائية من الأبناء والأحفاد، والمباخر تطوف علينا بكل أنواع البخور وأفضلها، التي يتاجر فيها آل الماجد للعود، عدا جمال المكان/الاستراحة/المزرعة ومساحتها الكبيرة ونخيلها وعشبها وأشجارها زاهية الجمال، تحت الإضاءات الحديثة المخملية والفوانيس التراثية!!

فيا آل (ماجد) شكراً لكم
على كرم الروح والأنفس
لقينا لديكم ندىً مورقاً
يسابق أسطورة القُدْمُس

وبعد سويعات العشاء، توجه الجميع إلى مقر السكن حيث المبيت والاستراحة استعداداً لصباح جديد وبرنامج أكيد!!

لكن رفاق الشقة الفندقية أبوا إلا بعد ممارسة رياضة المشي في ممشى قريب من السكن يطل على جزء من وادي عبيثران الممتد من الشمال إلى الجنوب وتقع (ثادق) في منتصفه تقريباً وقد شاركنا الزميل أحمد النزاوي، والدكتور ناصر الحميدي، وقابلنا في الممشى كلاً من الدكتور عبدالرحمن العتل والدكتور نايف الرشدان، ودارت بيننا ملاطفات ومحاورات ومثاقفات أضحكتنا وأبهجتنا وأسعدتنا وأفادتنا، حيث كانت من الحكاوي [خارج الصندوق] مثل قصة السفير الباكستاني الذي ُرفض في دول الخليج بسبب اسمه الغريب والمثير وإسقاطها على مواطن باكستاني قدم لمطار الرياض فرفض موظف الجوزات دخوله حتى يغير اسمه!! نقلاً عن الدكتور نايف الرشدان أضحك الله سَّنه [مع التعديل الطفيف عليها].

وفي هذا السياق (الرياضوي) كان (المشي) برنامجاً صباحياً بعد صلاة الفجر جماعة في المسجد المجاور، ومسائياً بعد العودة للسكن في آخر الفعاليات!! وفيه أَنْسَنا برفقة بعض المهتمين بهذه الرياضة من الأدباء والمثقفين.

ومن المحطات الجميلة التي تدَّون في سجل الذكريات ما حصل معنا في مقر السكن حيث أذكر أنهم وزعونا كل مجموعة في شقة مكونة من ثلاث غرف واحدة بسرير مزدوج، وغرفتين في كل منهما سريران منفصلان ويفترض أن يسكنها خمسة أشخاص!!

ولكن الشقة التي جاءت من نصيبنا (أنا وزميلاي سعد الرفاعي وأحمد النزاوي) جعلتنا نستأثر بالأِّسَّرة كلِّها ولم نقبل أن يشاركنا أحد حتى فوجئنا في آخر الليل بمجيء الزميلين الدكتور ناصر الحميدي والدكتور عبدالله الزهراني فتوزع واحد في غرفة أحمد النزاوي والثاني في غرفتي!! وكانت رفقة مباركة ميمونة أسعدانا وأضافا للجمال الأخوي جمالاً ثقافياً وأدبياً!! وأما ثالثنا سعد الرفاعي فقد ظل مهيمناً ومنفرداً بغرفته ذات السرير المزدوج!!

هناتنتهي فعاليات اليوم الأول الأربعاء7/22 وها نحن نخلد للنوم والراحة استعداداً ليوم الخميس/ الونيس!!

تعليق واحد على “فعاليات اليوم الأول

أحمد مهنا

جعلها الله لكم رحلة ماتعة ، وجلسات أدب وشعر ثرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *