دأب العرب منذ القدم على تحسين ما أستقبح من أسماء ، إما تفاؤلاً كتسمية الصحراء مفازة أو إحتشاماً كالتعريض عند ذكر النساء.
أما الثعالبي فقد أفرد كتاباً ذكر فيه محاسن ما أُجمِع على إستقباحه بين أوساط الناس ، فعلى سبيل المثال ، أورد لرذيلة الكذب بعضاً من جميل ما قيل فيه بكيفية صورته وكأنه فضيلة ، مستدلاً بأشعار وحسن آثار .
وعلى منوال الثعالبي عزفت ثعالب العصر ألحانها ، فبدأت تمارس تجميل القبيح تدليساً على الناس ، لا هاجس لها سوى تحقيق مصالحها و الوصول لمآربها ، حتى لو لزم الأمر تزييف الحقائق و تشويه الوقائع ، أضفوا على أنفسهم هالة من حب الخير وتقديم النفع للغير ، فيهم قال أحمد شوقي قصيدته التي مطلعها :
برز الثعلب يوماً ……. في شعار الواعظينا
إلى أن أنهاها بقوله :
مخطيء من ظن يوماً ……. أن للثعلب دينا
ثعالب عصر اليوم لا تفتأ جُهداً في إبتكار حيلٍ تمرر بها مشاريعها الخاصة ، بل وتعمد على تسويقها كخدمة مجتمعية سيعم نفعها أرجاء المعمورة!! ، وهذا ما نشهده حالياً ونلمسه واقعياً في حديث المجالس الإفتراضية منها والواقعية ، حيث كان الإمعان في التضليل هو الأبرز من خلال تطويع التقنية و إشراكها في الدعاية الممجوجة لمشروع لا يرى نفعه إلا المنتفعون ، أرادوا منه ذرَّ الرماد في العيون ، بيد أن الله يأبى إلا أن يُظهر الحقيقة أمام الخليقة ، فكان ذاك ، إذ إحتوى على بيانات و أرقام تبشيرية فحملها الناس على أنها تحذيرية ، وصوراً لمدينةٍ فنتازية لا نظير لها على ظهر البسيطة ، فكانت مثاراً للتهكم والسخرية.
التدافع من سنن الله الكونية بين عباده ، لذا أوصى الله عز وجل المؤمنين بأخذ الحذر فقال : “يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم”، وعملاً بهذه الوصية فوض الأهالي أمرهم لله أولاً ثم لمن حمل على عاتقه درء مفسدة الفاسدين ومن لف لفيفهم من المتخفين أصحاب المناصب راجين المكاسب – أباد الله خضراءهم – معلنين أن مايرمون له دونه خرط القتاد ، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
سامح عبدالرحيم الصحفي
مقالات سابقة للكاتب