الحمد لله الذي امتن على أهل قيام الليل بفضله، وجاد عليهم بآلائه ونعمه، وأفاض عليهم حلاوة مناجاته ونسيم قربه، وساق خطاهم على مستقيم دربه، والصلاة والسلام على خير خلقه، وأكمل رسله وأنبيائه، الذي قام بين يدي ربه حتى تفطرت قدماه. فَسُئل عن ذلك، فقال: أفلا أكونَ عبداً شكورا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتدى به واستن بسنته إلى يوم الدين.
أمابعد…….
مدح الله أقواماً تجافت جنوبهم عن المضاجع؛ وعافت جفونهم الكرى، فباتوا ساهرين بين الورى، تركوا لذيذ النوم على الفُرُشِ الوطِيئَة، وهجروا المطالب الدانية والدنيئة، وجعلوا بينهم وبين خالقهم من العمل خبيئة، حين قاموا يدعونه خوفاً من عذابه، وطمعاً في جزيل ثوابه، ورغبة فيما عنده جل جلاله.
أَخْفُوا لله عملاً بالليل فأخفى الله لهم الجزاء والثواب على سبيل تشويق غيرهم لما هم فيه، واشعارهم بوفير ما اكتنزوه.
قال تعالى عنهم: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّواسُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لايَسْتَكْبِرُونَ ¤ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ¤ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[سورة السجدة: ١٥-١٧].
وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ¤ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. [الذاريات: ١٨ ، ١٧].
قيل في تفسير هذه الآية: لاتمضي عليهم ليلة إلا يصلُّون فيها لله.
وقيل: قلَّ مايرقدون حتى الصباح.
وقيل: لاينامون من الليل إلا أقلَّه.
وقال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدٗا وَقِيَٰمٗا} [ الفرقان: ٦٤]
فهذه صفاتهم في ليلهم: تارة ساجدين على جباههم لله تعالى، وتارة قائمين على أقدامهم بين يديه سبحانه.
أَثَرُ السجودِ تَرَاهُ في سِيمَاهُمُ
ما نُورُهُم للنَاظِرينَ بِخَافِي
أحْيَوْا لَيَالِيهُمْ بِطُولِ تَهَجُّدٍ
ما كَفَّنُوا أجسادَهم بِلِحَافِ
هؤلاء هم أصحابُ الهممِ العالية، والمراتب السامية، الموعودون من خالقهم بالقطوف الدانية، الذين برهنوا على قوة إيمانهم عمليًّا بقيامهم بين يدي ربهم جل في علاه، في ساعة يحلو فيها المنام، فكانوا حيثُ أرد الله، قائمين، راكعين، ساجدين، قارئين، داعين، مستغفرين.
عَلَّقُوا بهِ قُلوبَهُم، وَرَطَّبُوا بذكرهِ ألسنتَهُم، وَسَكَبُوا من خشيتهِ عبراتِهِم، وأَنْزَلُوا بهِ حَاجَاتِهِم، لم يَكِلُّوا من دعائهِ، ولم يَقنطُوا من رجائِه، ولم يَفْتُروا عن عبادتهِ، ولايئِسُوا من رحمته.
إذَا مَا الَّليلُ أظلَمَ كَابَدُوهُ
فَيَسْفِرُ عَنْهُمُ وَهُمُ رُكُوعُ
أطَارَ الخَوفُ نومَهُمُ فَقَامُوا
وَأَهْلُ الأَمْنِ فِي الدُنَيا هُجُوعُ
لَهُم تَحتَ الظَّلامِ وَهُمْ سُجُودٌ
أنِينٌ مِنهُ تَنفَرجُ الضُّلُـوعُ
اختَصَّ الله قيام الليل؛ وأهله، بمزايَا وفضَائِل هي لهم دون غيرهم، منها:
أولًا: أن الله أقامهم لمناجاته بين يديه في أحب ساعات القرب إليه:
قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبَاركَ وتعالى كُلَّ ليلَةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ، يقُولُ: مَن يَدْعُوني فأَستجيبَ لَهُ، مَن يَسأَلُني فأُعْطيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُني فأَغفرَ لَهُ) رواه البخاري ومسلم.
ثانيًا: أنَّ الله جلَّ في علاه خصهم بالمدح في مواضع كثيرة، فافاض لهم فيها الثناء، كما أجزل لهم العطاء، منها:
قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ¤ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}- [السجدة١٦- ١٧]
ثالثًا: جعل الله لهم غرفًا في الجنة ذات أوصاف فارهات:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ).[أخرجه الترمذي وحسنه الألباني].
رابعًا: هُم أهلُ شفاعةِ القُرآن:
قالَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : (الصِّيامُ والقُرآنُ يَشْفَعانِ للعَبْدِ يومَ القيامةِ، يَقُولُ الصيامُ: أيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ، فشَفِّعْنِي فيهِ، ويَقُولُ القُرآنُ: مَنَعْتُهُ النومَ بالليلِ، فشفِّعْني فيه، قالَ: فيُشَفَّعانِ).[رواه الإمام أحمد وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي].
خامسًا: أنهم أشرَفُ الناسِ:
قالَ جبريلُ عليهِ السلامُ: (يا محمَّدُ شَرَفُ المُؤْمِنِ قيامُ الليلِ، وعِزُّهُ استغنَاؤُهُ عنِ الناسِ).[رواه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبيُّ].
سادسًا: همُ المغبُوطُون:
قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لاحَسَدَ إلا في اثنتينِ: رجُلٌ آتاهُ اللهُ القرآنَ فهُوَ يَقُومُ بهِ آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللهُ مالاً فهوَ يُنْفِقُهُ آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ).[رواه مسلم].
سابعًا: نُفيتْ عنهم الغفلة، وكُتِبُوا من القانتين، والمقنطرين:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ ).[صححه الألباني في صحيح أبي داود (١٢٦٤)]
ثامنًا: أنهم مُوفقون لإجابةِ الدعاء: قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّ في الليلِ لَسَاعَةً لايُوَافِقُهَا رجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْراً منْ أَمْرِ الدنيا والآخِرَةِ إلاَّ أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ).[رواه مسلم].
تاسعًا: خصهم الله تبارك وتعالى بالقرب منه:
قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أَقْرَبُ ما يكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جَوْفِ الليلِ الآخِرِ، فإنْ استَطَعْتَ أنْ تكونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ في تِلْكَ الساعةِ فَكُنْ).[رواه الترمذيُّ وصحَّحه الألباني].
عاشرًا: أن قيامهم ينهاهم عن الذُّنوب والمعاصي وفعل المنكرات:
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ فلانًا يصلِّي بالليل فإذا أصبح سرق، قال: «سَيَنْهاه ما يقول» [رواه أحمدُ وابن حبان وصحَّحه الألبانيُّ] .
حادي عشر: أنه يطرد الداءَ من الجسد، وأولُ داء يطرده داءُ العجز والكسل: قال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل؛ فإنَّه دأبُ الصالحين قبلكم؛ فإنَّ قيامَ الليل قُرْبَةٌ إلى الله – عز وجل – وتكفيرٌ للذُّنوب ومَطْرَدَةٌ للدَّاءعن الجسد ومنهاة عن الإثم».[أخرجه التِّرمذيُّ والبيهقيُّ، وقال العراقيُّ: إسنادُه حسنٌ، وحسَّنه الألبانيُّ]
ثاني عشر: أنه معينٌ على تثبيت القرآن في الصدر:
عن ابن عمررضي الله عنهما، قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : «وإذا قام صاحبُ القرآن فقرأه باللَّيل والنهار ذكَره، وإذا لم يقُم به نسيه»
[رواه مسلم]، وقال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ الليْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ٦].
ثالث عشر: أنه سبب رحمة الله على الزوجين:
قال صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قام من الليلِ فصلَّى وأيقظَ امرأتَه، فإن أَبَتْ نضح في وجهها الماءَ، ورحم اللهُ امرأةً قامت من اللَّيل فصلَّت وأيقظت زوجَها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء»[رواه أبو داود، وقال الألبانيُّ: حسن صحيح].
رابع عشر: أنه مُكفرٌ للخطايا والسيئات، ومن الأعمال التي تدخل صاحبها الجنة، وتباعده عن النار:
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: ((لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على مَن يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتُقِيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت – ثم قال -: أَلا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتى بلغ:{جَزَاءًبِمَاكَانُوايَعْمَلُونَ} …الحديث.[رواه التِّرمذيُّ وصحَّحه الألبانيُّ]
خامس عشر: أن الله تعالى ربط به تشريف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالمقام المحمود:
قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:٧٩]، وهي الشفاعة العظمى، يوم القيامة.
سادس عشر: أنه من علامات المتَّقين:
قال تعالى في وصفهم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ¤ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ¤ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ¤ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
[الذاريات:١٥- ١٨]
سابع عشر: أنه أفضَلُ الصلاةِ بعد الفريضة:
فعن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جَوفِ الليلِ ).[رواه مسلم].
ثامن عشر: أنه سبب لعبوديَّة الشُّكر:
فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقومُ من اللَّيل حتى تَتفطَّر قدماه، فقالت عائشةُ: لِمَ تَصنعُ هذا يارسولَ اللهِ، وقد غفر اللهُ لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك وما تأخَّر؟! قال: (أفلا أحبُّ أن أكونَ عبدًا شكُورًا؟!). [أخرجه البخاري ومسلم]
تاسع عشر: أنه نجاة من الفتن، وعصمة من الهلاك:
ففي صحيح البخاري عن أُمِّ سَلَمَة – رضي الله عنها – أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – استَيْقَظ ليلةً، فقال:
(سبحان الله، ماذا أُنْزِل الليلة من الفتنة؟ ماذا أُنْزِل الليلة من الخزائن؟ مَن يُوقِظ صواحبَ الحُجُرات؟)
يعني: زوجاته؛ لِيُصَلِّين مِن اللَّيلِ، وللاستِعاذةِ ممَّا نَزَلَ؛ ليَكوننَّ أولَ مَن استعاذَ مِن فِتَنِ الدُّنيا).
عشرون: أنه سبب في صلاح الأبناء والأسرة: فعندما يراك أهلك وأولادك تقوم الليل فإن هذا السلوك سيؤثر فيهم. قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَاوَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}.[الكهف: ٨٢]
يا رجال الليل جِدُوا رُبَّ داعٍ لا يُرَدُ
ما يَقومُ الليلُ إلَّا مَنْ لَهُ عَزْمٌ وَجِدُ
ليسَ شَيءٌ كصلَاةِ الليلِ للقبرِ يُعَدُ
وفي الختام – أيها الأحبة – هذه قطوف من دوحة القائمين، وزاد المسافرين، وثغر المرابطين، ودأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وملاذ المظلومين، وعمل الفائزين رهبان الليل فرسان النهار.
نستشعر بها معاني عبادة الخفاء التي يُنَادى إليها بدون مؤذن ولامسجد.
قال -صلى الله عليه وسلم- : (إذا كان ثُلُثُ الليلِ أو شَطْرُه يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا فيقولُ هل من سائلٍ فأُعطيَه هل من داعي فأستجيبَ له هل من تائبٍ فأتوبَ عليه هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له حتى يَطْلُعَ الفجرَ). [صحيح]
وأحب العمل إلى الله ما داوم عليه، وقليل دائم خير من كثير منقطع، قال عليه الصلاة والسلام: (أحب الأعمال إلى الله: أدومها وإن قل). [أخرجه البخاري]
فأسأل الله جل في علاه أن يعيننا جميعا على القيام بين يديه، والتمتع بقربه ومناجاته، والفوز بجناته والعتق من نيرانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
حسن مهدي قاسم الريمي
مقالات سابقة للكاتب