العقول الخاوية

نجد الغبار قد هاجم كل ركن من أركان المنزل وفي كل زاوية من زوايا الغرف نحاول إزالته بشتى الطرق ويعود مرة آخرى في اليوم الذي يليه وقد نغضب ونقول إلى متى؟

فعندما نمسك كتاباً قد علق به غبار وتكون عليه طبقات متراكمة ونجد بيت العنكبوت يحيط به و قد بنى له بيتًا فنحاول أن تزيله ولكن دون جدوى فهو بمثابة العقول الخاوية التي اعتلاها الغبار والتي تراكمت فيها كثيرًا من الأشياء وأهملت دون مسؤولية تامة.

أتعلمون من هم أصحاب العقول الخاوية هم من يستقبلون الأفعال والأفكار السلبية فيقل إنجازهم ونجاحهم وقد يتجهون اتجاه آخر ويخسرون أنفسهم قبل كل شيء لذا سيكون العقل مثل البيوت التي هجرت.

تذكروا أن أنفسكم مكونة من روح وعقل وجسد. وأن هناك رابط بينهما ، عقل أصابه الصدأ فتأثرت به الروح وعندما تتأثر الروح طبيعيا أن يتأثر الجسد فيمرض فيؤثر على العقل ووظيفة الجسد الرئيسية هي حمل الدماغ.

نشطوا عقولكم ستجدون أن نشاطكم سيتجدد يوماً بعد يوم فهي المحرك الأساسي الذي نستطيع من خلالها أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي قال الله تعالى : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

تمعنوا في هذا القول جيداً ، لا ينمو العقل إلا بثلاث: إدامة التفكير، ومطالعة كتب المفكرين، واليقظة لتجارب الحياة.

عقولنا خاوية، لأننا أهملنا بكل بساطة التفكير والتأمل ، وربما نجد البعض قد أعطوا عقولهم إجازة أبدية ، وفضلوا أن يعيشوا بفكر متدني وبشكل مستهلك وبطريقة تقليدية فأهم ما ينشط العقل هو البحث و القراءة والتقصي وخوض التجارب، لو بحثنا لوجدنا أنهم أصحاب عقول فتاكة مبدعة تملك العديد من الأفكار الخلابة ، حاولوا أن تزيلوا تلك الأقفال عن عقولكم التي كادت أن تقتلكم ، دولتنا الحبيبة وفرت الكثير والكثير ويسرت السبل للوصول لكل شيء بمجرد ضغطت زر.

اجعلوا عقولكم تستخدم لخدمة الدين والبشر في الخير واكتشاف ماهو مفيد وجيد يخدم مجتمعنا لأننا جزء من هذا المجتمع حاولوا أن تتصيدون كل فكرة وتدونوها ومن ثم اضيفوا عليها ماتريدون أن تستحدثونه.

استعينوا بذوي الخبرة الذين يمتلكون العقول المبدعة ، انتهزوا فرصة العطاء فهو كالنهر الجاري يقودكم نحو الإبداع الذي يجعل من عقولكم موازياً لفكركم كل فكرة تمر بكم لاتتجاهلونها ، بل اسعوا لتطويرها وتحقيقها مادامت السبل متوفرة لديكم ، تذكروا أنهانعمة اسبغها الله عز وجل علينا جميعاً.

لذا تجدون تكرار ذلك في القرآن الكريم لكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن العقل ودوره وأهميته: (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [النور: 61] (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21] (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) [الأنعام: 98].

قال أبو الطيب المتنبي :
ذُو العَقْلِ يَشْقَى فِيْ النَّعيم بِعَقْلِهِ
وأَخُو الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ

رأيٌّ تبنَّاه مؤكداً أن «العقل» هبه ونعمة ربانية قد تكون نغمة ، فتُتعبه وتُشقِيه ولا يجد لذة واستمتاع بالحياة لأنه يُفكِّر في أدق التفاصيل ويقوم بتحلليها وينظر لعواقب الامور ، لذا نحن نحتاج لصناعة العقول المبدعة الخالية من كل الشوائب.

ومن أقوال مصطفى محمود :
إذا أردنا ان نعرف ماسوف تنتهي إليه خيوط المأساة التي نغزلها فلابد أن نعرف مزيدا عن ذلك اللغز الذي اسمه العقل.

يسرى الرحيمان

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *