لله درك يا من شٓرُفْت بحمل أسمى رسالة بعد رسالة الأنبياء كيف لا و أنت من يحمل على عاتقه هم الأمة و على يديه تُبنى العقول و تتشكل العقليات ..
بك ترتقي النفوس و تُنار البصائر و تحيا القلوب ..
ألا يكفيك جزاءً أن تستغفر لك النمل في الجُحور و الحيتان في البحور و ما بين ذلك من مخلوقات الله كبيرها و صغيرها ..
ألست مُعلم الناس الخير ..؟!! عن أبي أمامة الباهليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: ذُكِرَ لرسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجُلان : أحدهما عابدٌ ، والآخر عالمٌ ، فقال رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((فضلُ العالم على العابد كفضلي علىٰ أدناكم)) ، ثمَّ قالَ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ الله وملائكته وأهل السَّموات والأرض حتَّى النَّملة في جحرها وحتَّىٰ الحوت ليصلُّون علىٰ مُعلِّم النَّاس الخير)) … وفي رواية : و فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، و إن العلماء ورثة الأنبياء ، و إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، و إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ..
و يكفيك عزاً أن بُعث نبيك صلى الله عليه وسلم معلماً ، ففي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم من بعض حجر نسائه فدخل المسجد ، فإذا هو بحلقتين ؛ إحداهما : يقرأون القرآن ويَدْعُون الله تعالى ، و الأخرى : يتعلمون و يعلمون ، فقال صلى الله عليه وسلم : كلٌّ على خير ، هؤلاء يقرأون القرآن و يدعون الله تعالى ، فإن شاء أعطاهم و إن شاء منعهم ، و هؤلاء يتعلمون ، وإنما بعثت معلماً ، فجلس معهم … فهنيئاً لك هذا التشريف و هنيئاً لك هذه المنزلة ..
و الله إني لأستحي من خالقي أن أكرمني و مٓنّٓ عليّ بهذه المهنة الجليلة حين تتذمر نفسي أو يضيق صدري أو ينتابها بعض الفتور .. ألسنا ورثة الأنبياء ..؟!! بلى و ربي و حُق لنا معشر المعلمين و المعلمات أن نُباهي بموروثنا … قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر . رواه الترمذي و غيره و صححه الألباني .
فالأنبياء لا تورث أموالهم و إنما هي صدقة ، و الذي يورث عنهم هو العلم و وارثه هم العلماء ، و قد ترجم البخاري في صحيحه قال : و إن العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم .
كيف لنا بعد هذا الفضل أن نلتفت لإنتقاص منتقص أو إهانة جاهل .. فلنستدرك و لنشحذ الهمم و نسمو لأعالي القمم ، و يجب علينا احترام مهنتنا ليحترمها الآخرون .
و لنعي حجم الأمانة التي كُلفنا بها و نرتقي بطلابنا و طالباتنا و نُحسن تعليمهم على الوجه الذي يرضي ربنا و يرقى لمكانتنا ، متجاهلين نعيق المتربصين واضعين نصب أعيننا خدمة ديننا و وطننا الذي استئمننا على أبنائه و بناته فمستقبل الأمة بين أيدينا و لنحتسب كل ثانية في التعليم لوجه الله تعالى دون أن ننتظر رد الجميل أو العوض من أحد ولا نُغفل دورنا كمُربين ومُربيات لننال فضل الدعاء .. إن أحسنّا التربية فلا ندري كم من طالب و طالبة سننعم بفضل دعائهم لنا و نحظى باثنتين بعد مماتنا ( علم ينتفع به ) و ( ولد صالح يدعو له ) و لنكن على يقين بأن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملا ..
سعدية القرني
معلمة الأحياء بثانوية أم الجرم
مقالات سابقة للكاتب