كنتُ أقرأ في كتبِ اللغة والأدب لأنعمَ بثراءٍ لفظيّ، وترفٍ بلاغيّ، فأرى أحـرفي تسيرُ بخطىً ملكية، ورصانةً بهيّة تكسوها الحلل البديعية ببريقها الخاص، ورونقها المميز، ومازلت على هذا الحال ألممُ جواهر الألفاظ، واقتنص الفريد منها بعين الحبّ.
وكتاب تلو كتاب حتى أخرج الأدب روحه لي وأطلعني على مكنونه وعظيم دخائله، فتعمقت في روحه حتى سمعت في نبضه مروءة العرب في الجاهلية، ورفعتهم وعزتهم في الإسلام، وفضائلهم ومدائحهم وغزلهم في البلاط الأموي، ونثرهم المتنوع والراقي في عصرهم العباسي، ورقة ألفاظهم وترفهم الوصفي وموسيقى القوافي في رياضهم الأندلسية، وسمعت في خفقاته الخمريات، والأراجيز، والموشحات….
روح الأدب ليست أشعارًا ولا نثرًا ولا ألفاظًا منمقة ومبهرجة فقط، بل تاريخ أمة يحكي أخبارها، مواقفها، فضائلها، محاسنها، حميد خصالها، فعالها…
إنما الأدب أخلاق سامية تتحلى بها، ثم تسمو في سماء كلماتك، وتزهر بها صفحاتك وإلا ستكون كمحسن بديعي يزين الألفاظ وخلوه منها لايؤثر في جوهر المعاني!.
لقد أدركت أخيرًا، أن من معاني الأدب أن تتأدب بفعلك قبل أن يبدع قلمك.
وفيما قيل في الأدب:
ثلاثة أمور تزيد المرء إجلالاً : الأدب، والعلم، والخلق الحسن.
وقيل في معنى الأدب:
الأخذُ بمكارم الأخلاق.
مقالات سابقة للكاتب