رقى سلم قراءتي كتاب ما؟ وخفت أن يقاسم وقت أحبه قلبي، وهو ما زال حديث عهد بالقدوم، فترددت في قراءته وبين تقديم وتأخير و تردد و عزم انصفت لشغفي، وانتصفت من هذا التخبط، ففتحت الكتاب وقرأت المقدمة ولم أشعر بسفري فيه إلا حين غصصت بعبرتي وصرت مزدحمة بشعور الكاتب، ثم تنفست هذا الازدحام أدمعًا سخية تنهمر بلا أدنى تحكُّم، وكأن إرادتي وروحي صارت في ذات الكتاب!
و مضيت أحمل زادًا عظيمًا في هذا السفر المفاجئ، وها أنذا أتممت قراءة كتاب( المروءات) لمؤلفه_ محمد بن إبراهيم الحمد_ الذي أفصح وأبلغ في نثر جواهره بأسلوبٍ قصصي بديع يجذب في سرده لفظه السهل، ومعناه الذي يبلغ للقلب، فكل غيمة قصصية في سماء كتابه تُرعدُ و تُبرِق في الصدر، وتُهطِل غيثها العين على صفحات الوجه، وبعد كل هذا ستثار في النفس عدة تساؤلات عن المروءة والأخلاق والفضائل، وأصناف الناس وطباعهم، وببذرة التساؤلات ستنشق في أرض القلب زهور هذا الكتاب وثماره الطيبة.
لقد قصّ علينا قصصًا عظيمة، ما يسعك إلا أن تعيش بداخلها، وتردد على لسانك يالله!
أهولاء البشر في زماننا؟!
أهم يحملون قلوبًا مثل قلوبنا؟!
كيف هي تربيتهم؟
نفوسهم العظيمة أبكتني، جعلتني أبعثر أوراقي وأبحث عن نفسي من جديد!
بل جعلتني أراجع حساباتي وما أنا عليه، وأبدأ بتدريب نفسي على كل أمر جميل، وأقاتل الهوى وملذات النفس..!
ومن حصاد هذا الكتاب ما يلي :
_ لكل أمر مفتاح ومفتاح الكرم بشاشة الوجه وطلاقته.
_ ترفّع عن سفاف الأمور تَعِز و تُعز.
_من علو المقام السعي في حاجات الناس.
_لايجتمع في قلب المرء حظ النفس والمروءة.
_المروءة لاتبدلها الخلافات ولاتنقصها الاختلافات.
_جور الأخ يقصم الظهر،لا يقطع الرحم.
_العمل الصغير إذا مُزج بالإخلاص تنامى ونفع الله به صاحبه.
_النبته الحسنة تبقى حسنة ولو زُرعت في أرضٍ ملوثة.
_ تدريب النفس على الفضائل يسمو بك ويعلمك الصبر.
هذا الحصاد ماهو إلا سنبلة من سنابل خير هذا الكتاب القيم الثمين.
فبارك الله في علم مؤلفه وزاده فضلًا على فضل.
دولة بنت محمد الكناني
مقالات سابقة للكاتب