الكون كله بدا جامدًا في عين طفلٍ صَاحَبَ الأجهزة وسامرها، وتقلب في أحضانها؛ فلا شيء يثير دهشته وتساؤلاته!
حتى تفكيره بات متوقفًا عن تأمل الدنيا التي جاء إليها!
يا إلهي!
حينما كنا في سنهم نراقب أمهاتنا بعين لص كي نتسلى وننسل كالأفعى من الدار ونتسلق الأشجار، والجدار، ونجري خلف القطط، ونجلس عند عتبة المنزل أو رصيف الحي نراقب المارة، ونُحدِثُ في كل يومٍ شيء جديد..
لقد كان يومنا يبدأ بسؤال وينتهي ونحن نبحث عن إجابته ونصل إليها ولو بطرقنا الخاصة..!
حياتنا مليئة بالمواقف والأخبار، والمقالب، والمشاكسات و كنا نخفي عن الجميع مشاكلنا الصغيرة حتى نجد لها حلًا فتصبحُ من الأسرار..!
أطفال الأجهزةِ فقدوا روح الحياة فلا يتحرك من جوارحهم سوى العين والرأس!
وإن تعبوا تحركوا قليلاً!
يعيشون غيبوبة قاتلة!
حتى أحاديث أمهاتهم صار محورها واحد،
ابني لا يتحدث وغير اجتماعي؟
ابني يتعامل بالصراخ؟
ولا ينطق جملة مفيدة؟
لا يعرف كيف يتصرف ومشتت الفكر؟
وكيف لا يكون كذلك يا سيدتي؟
والجهاز اللوحي والألعاب الإلكترونية عالمه الخاص!
إن جاءوا ضيوف لديك رميتيه بين الأجهزة والإلكترونيات لتنعمي بضيافه راقية!
يعجبك قولهم (ولدك ماشاء الله مايخرب البيت والتحف عاقل!)
هو ليس عاقل هو معتقل!
رهين الأجهزة والإلكترونيات!
تريدون هدوئهم بموت عقولهم، كم من الضرر جلبتوه لهم؟!
حُصرت حياتهم في مربع أشبه بدائرة يدورون حولها ويسكنون فيها؟
كم هو محزنُ أن تُسرق طفولتهم، ونحن من مكنّا من سرقتها؟!
خريفهم بدأ مبكرًا، ويكأنني أرى الدُّمى تناديهم وتقول:
هلموا للحياة!
أطفال الأجهزة حين يكبرون ذكرياتهم جهاز وفي جهاز!
لقد هدأ كثيرًا صوت الطفولة!
مقالات سابقة للكاتب