إمام المسجد النبوي: من تفكر في عظمة الله ما عصاه

قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب بن حميد -في خطبة الجمعة-: بالتفكر يصبغ القلب بمعرفة الله، وبالذكر يستنير القلب بمحبة الله، وبمجمع الذكر والفكر والاحتقار يعرج بالعبد إلى حقائق وحدانية الله وقدرته عظمته، ومن تفكر في عظمة الله ما عصاه، ومن ذكر سيده هداه، ومن أوى إلى مولاه آواه، وبالتفكر والاعتبار والذكر والادكار ، والخضوع للواحد القهار يوحد العزيز الغفار، قال الله عز وجل: “إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار”.

وأضاف: إن الله عز وجل قد جعل الكبرياء والعز والعظمة معاقل ربوبيته، وجعل الإنعام والإحسان والإفضال والإكرام والعفو والغفران أمداد رحمته، وجعل قهره وبطشه وعدله وحكمه وجبروته وانتقامه مظاهر ملكه وربوبيته ورحمته مرجع أسمائه الحسنى، ومرد نعوته الكملى، وهي فواتح فاتحة كتابه العظيم، وأفضل ما نزل من السماء إلى الأرض من الله الكريم، قال الله عز وجل: “الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين”، وبها يتعلق أول الخلق وآخرهم، ومبدأهم ومعادهم في اليوم العظيم، “يوم يقوم الناس لرب العالمين”، فالرب هو الموجد للخلق، والإله هو المعبود بحق، والرحمن الرحيم هو الشامل لهم بالإحسان العاجل، والامتنان الآجل، ومالك يوم الدين، هو المحاسب للخلق، والمجازي بالحق، ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل وكفى بنا حاسبين.

وتابع: فهذه جميع أحوال الخلق في الدنيا والآخرة، والإلهية هي الغاية المطلوبة التي لها خلق الخلق، وبعثت الرسل وأنزلت الكتب، وهي إفراد العبادة لله وحده لا شريك له، فكما أنه ليس كمثله شيء، ولا ظهير له في الخلق، ولا شريك له في الملك، فلا يعبد غيره ولا يؤلف محبة وخشية ورجاء سواه سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين”، وربوبيته سبحانه تربيته لخلقه إيجادا وإعدادا وإمدادا، والعوالم كلها علامة وجوده، وآية جوده سبحانه، فهي الناطقة بوحدانيته، فرب العالمين هو الذي له الخلق كله، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن مما نعلمه ومما لا نعلمه، وقد تلى الله علينا من نبأ موسى وفرعون بالحق، فقال سبحانه: “قال فرعون وما رب العالمين، قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين، قال لمن حوله ألا تستمعون، قال ربكم ورب آبائكم الأولين، قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون”، فسل ما شئت ومن شئت عن رب العالمين فإن لم يجبك إخبارا أجابك اعتبارا، ولكل شيء تسبيحه وسجوده الذي يعلمه إلا الله ومن أطلعه عليه من خلقه، “تسبح له السماوات السبع والأض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *