جاثوم الإختبارات

في ليلة ساكنة أقلق منامها أبنتي الباكية

تقول:يا أمي الغوث فالأحلام بها خوف سيطر على خيالي وكتم أنفاسي فهذه الرياضيات معها الاجتماعيات ضربها طبول وتاريخها جسور واللغة العربية وقفت هي وحروفها الأبجدية تردد الأشعار و تحمس الأبطال يا أمي أسعفيني بعلاج يخفف ما يعتريني أو رقية بها ترقيني .

قلت لها:يا مهجتي الوردية وفراشتي الصباحية كل الأمور ميسرة والخوف سيزيدك بعثرة رتبي الحديث دون ثرثرة وابتعدي عن الولولة.

قالت : بالله يا أمي ألم تمري في يوم بما يعتريني ؟ ألم تعرفي خطورة الاختبارات ومواكبة المتفوقات ؟

قلت: بلى لكننا في زمن فيه العلم علا أما زمانكم فاللعب طغى لم نعرف الهاتف المتنقل الذي على عقولكم الآن مسيطر أمامنا الكتاب صديقنا وأول الأحباب وحديث القبيلة فلانة كسولة غبية وصديقتها نشيطة نابغة ذكية ليس هكذا ينظرون لنا فقط بل أن من تفشل هي بها إعاقة ذهنية منبوذة في مجتمع الحضارة المدنية لا تحن لها أسرتها ولا يرأف بها أحد عقابها ممنوعة من مشاهدة التلفاز التسلية الوحيدة و خروجها من البيت مستحيل فهي آفة الكل منها مستعيذ وأسباب الرسوب عدة منها المناهج المكتظة بأصول العلوم والمعارف المكتنزة و المعلمة قتلت و بشدة طموحنا بضحكة ممزوجة بسخرية بقولها : لا ينفع في عقلكن تعليم حتى لو أشعلوا بها فتيل أما في نظر الأسرة المعلمة معصومة من الخطأ و ذنبها الكبير مغتفر فكيف أفهم ما وجد في الكتاب و عقلي قد دمر بلا حساب ولا عقاب

رحلتنا في العلم رحلة خطيرة نجونا منها بفكرة عجيبة إذ صببنا ما في عقلنا على الورق ونجحنا بفضل ربنا العزيز المقتدر

فلا تقارني زماني بزمانك ففي زماننا نجدف في المحيط بعود كبريت وننجو من ما يحيط بالمركبة من مخاطر وتعثرات ومصائب أما زمانكم فآلة التجديف أزرار مزروعة في أجهزة محمولة ثم يا ابنتي الصغيرة الأسرة في زماننا لا يكفيها النجاح بل لابد أن تكون النتيجة امتياز أما الآن فالنجاح ميسر وأدوات الفهم متنوعة والمعلم موجود في التلفاز و هاتفكم المتنقل وأي معضلة يسعفكم بحلها من يسكن في شرق الأرض وغربها وفي زمانكم التجريح ممنوع والسخرية جريمة والطالب خصمه المعلم إذا في حقه تجبر وهذه الكتب احتوت صور تقرب البعيد وتروض العنيد ملئت بالمختصر المفيد كُفيتم عناء البحث والتنقيب والتحقيق و التهذيب أسلافكم كتبهم متنوعة جمعوا ويسروا لكم ما تعسر و تحجر وسلموا لكم رموز المعرفة.

صدقتي يا صغيرتي في خوفك فالأسرة ما زالت ترى العلم نور والفوز به حبور والجهل ظلام و خسارة وانعدام للتقدم للأمام لكن بعقول منيرة و نفوس رضية بما تجود به تربتكم الندية الحبال بينكم في شد وارتخاء ومجالات عملكم في اتساع

صغيرتي العزيزة في زماننا يقولون لنا
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
وأعتقد الآن يقولون:
لن تبلغ المجد حتى يلعقك الصبر

ضحكت وقالت : الحمد لله أن كتب لي الحياة في هذا الزمان كم تكبدتم من أهوال وعشتم في انكسار ولم تيأسوا من الإبحار حتى وصلتم في أمان رغم تزاحم أسباب الفشل و الإنهيار عليكم ..

وفي نهاية الحديث احتضنت كتبها بسعادة وانشرحت نفسها اللوامة
وأنتم يا سادة حكموا العقول ولا تتجبروا وتهلكوا الظهور بما لا تطيق حمله من الأمور

دمتم في تقدم ونجاح.

 

فاطمة بنت عبدالحميد المغربي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *