طُلِبَ مني أن أُقَدم لكتيب “صدى المركاز“… فوجدت نفسي في حيرة شديدة… هل أكتب عن “المركاز” ذاته، أم أكتب عن مؤسسه السيد (المعلم) علي بن يحي، أو يسطر قلمي عن نجمه اللامع الأستاذ إبراهيم (أبو ليلى) أو أفرد صفحات عن مرتاديه ومحبيه وعاشقيه (أبو وائل والدكتور علي بخاري السروجي ومحمد فجاجي و درويش صيرفي وسعيد أبو حاتم ومحمود بخاري وكاظم بنون وأيمن على يحيى واحمد إبراهيم يحيى وغيرهم.
وفي نهاية المطاف، أمسكت قلمي المتواضع، لأكتب عن عملاق ثقافي أدبي، اختلطتْ كلُّ مكوناته، لتنصهر في بوتقة المحبة والشهامة والكرم، قبل أن تكَوِّن (المركاز) الذي يجمع هذه القمم السامقة في مكان، وفي موقع في البلد الغالي، مكة المكرمة.
وكما هو معروف، فإن (المركاز) هو مكان يلتقي فيه أهالي مكة المكرمة أمام منازلهم و”مركازنا” هذا هو تأصيل لذلك الإرث الحضاري لأهالي مكة المكرمة، حيث كانت (المراكيز) تنتشر في كل حي، بل في كل شارع وفي كل (زقاق)، يتجمع فيها أهالي الحي (الحارة) يتسامرون ، يتناقشون ، يتحاورون ، ينشدون ، يطرحون مشاكل الحي ، يجدون الحلول ، يساعدون ، يهبون لنجدة الملهوف ويساعدون الأرملة واليتيم والمحتاج…
أما “مركازنا / مركاز الأحبة” فقد جمع أغلب هذه الصفات فيه، بل زاد عليها، بأنه أسر قلوب وآذان محبيه وعاشقيه في جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة، بل تعداها إلى خارجها… والأسباب في ذلك كثيرة، منها سطوع ذلك الكوكب، الذي لَقَّبَ نفسَه بـــــ (أبو ليلى) وذلك لعشقه للشاعر الفارس العربي (المهلهل عدي بن ربيعة بن الحارث التغلبي، الملقب بالزير) واسم ابنته ليلى… فأصبح أستاذنا القدير، الأستاذ إبراهيم بن يحي، يُعرف ويلقب بـــ (أبو ليلى).
وكنت من أوائل من أسره هذا (المركاز)، فأخذتُ أسأل وأبحث عنه في حارات مكة، حتى وجدتني وقد انجذبتُ إليه انجذاباً، ومن الوهلة الأولى التي التقيت فيها بمؤسسيه ورواده الأوائل، حتى أصبحت فرداً من أُسْرَةِ هذا (المركاز) الذي أذهل كل من عرفه، فأخذ الناس والأدباء والشعراء والإعلاميون والصحفيون يتسابقون ليتعرفوا عليه، وينهلون من معين أداء نجمه الساطع (أبو ليلى) ويشنفون الآذان بسماع قصائد الشعر الجاهلي وشعر صدر الإسلام، وقصائد العصر الأموي والعباسي والعصر الحديث، فما تمل الأنفس من البقاء طويلاً، لتعيش ساعات مع الشعر والأدب والسيرة النبوية وتجاذب أطراف الحديث في سماع القصص وسرد الخبرات الشخصية لكل من أعضاء (المركاز) أو ضيوفه.
ولقد تعجبت من حضور شخص قال لنا أنه سمع (بالمركاز) وهو من أهالي الحد الجنوبي، وآخر جاء من الدمام ليلتقي بالمركاز وأهله، ناهيك عن الحضور من مكة وأطرافها وجدة وحاراتها والطائف وأحيائه، بل أخبرني شخص يعيش في إيطاليا بأنه يتابع (المركاز) لحظة بلحظة.
لقد وضع الله سبحانه وتعالى القبول في هذا (المركاز)، وحَبَّب الناس فيه، في فترة وجيزة من عمر الزمن، ليصبح (المركاز) معلماً ثقافياً أدبياً شهيراً من معالم مكة المكرمة، يَؤُمه كل سمع به.
إن أجمل ما في (المركاز) تلك الألفة والمحبة والأخوة التي تلتف وتنعكس من الجميع، وذلك الكرم الذي يتصف به مؤسسو (المركاز) وأعضاؤه ومحبوه.
لذا، فقد كتب الكثيرون عن المركاز، وقالوا فيه ما قالوا من جميع الصفات ورائع العبارات، حتى رأى الجميع أن تُجمع هذه الأقوال، المحبة العاشقة المنصفة، في كتيب، اتفق على أن يُطلق عليه اسم (صدى المركاز) لأنه حقيقة يعكس ما يدور في (المركاز) ويعكس حب وعشق الناس (للمركاز).
فهنيئاً للأخوين: المعلم علي بن يحي والأستاذ إبراهيم أبو ليلى، ولجميع أعضاء ورواد المركاز، الذي أصبح شمساً تسطع على عالم الأدب والشعر، ويتصف بالحب الصادق والأخوة الرائعة.
أخوكم محب المركاز وأحد أعضائه ورواده.
د. عبد العزيز بن أحمد سرحان
مقالات سابقة للكاتب