في خبر لصحيفة سبق أعادت نشره صحيفتنا الغراء (غران) مفاده أن 20 وفاة و 35 إعاقة يوميًا بسبب حوادث الطرق في المملكة العربية السعودية ، ناتجة عن 1400 حادث يوميًا ، و ذلك معناه أن هناك ما يقارب 7200 وفاة ، و 12600 إعاقة سنويًا من جراء وقوع 504000 حادث مروري كل عام .. إن الرقم مهول و مخيف ، وقد أوضح الخبر أن هناك مبادرة لدرء الحوادث المرورية قامت بها إحدى الجهات محذرين السائقين من استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة ، و التهاون في ربط حزام الأمان ، و كذلك السرعة الزائدة ، و عدم ترك مسافات آمنة بين المركبات ، و إني أرى أنها تحذيرات صائبة …
و في نفس الوقت أرى أن معظم الحوادث المرورية تكون قد حدثت قبل حصول الحادث بزمن بعيد و لأسباب معروفة ، منها سوء حالة المركبة من عدة نواحي مثل تقادم الإطارت أو نقص ضغط الهواء فيها ، خلل في مكابح المركبة ، خلل في عجلة القيادة (الدركسون) أو الموصلات الخاصة بالتوجيه (الأذرعة) ، خلل في ماصات الإهتزازات (المساعدات) أو خلل في نظام التعليق .. و ربما يكون الخلل في مكان واحد أو مجتمع في عدة أماكن ، و ربما يكون صاحب المركبة قد قام بالإصلاح المطلوب في إحدى ورش الصيانة المنتشرة في كل مكان و قام بشراء قطع الغيار المناسبة و التي من المفترض أن تكون ذات جودة عالية ، و إنما نظرًا للوضع التي عليه الورش لم تتم الصيانة أو الإصلاح كما هو مفترض ، أو أن القطع لم تكن ذات جودة عالية مما أدى إلى خلل في عمل المركبة ساعد على وقوع الحادث.
إن كانت السرعة الزائدة و عدم الإنتباه أحد أهم العوامل المؤدية إلى وقوع الحوادث ، فإن هناك متسببًا قبل ذلك كله متخفيًا و لا يظهر أثناء التحقيق في الحوادث ، ذلك المتسبب من وجهة نظري هو الأول و الحقيقي المسؤول عن وقوع معظم حوادث السيارات ، إنه ورش الصيانة و قطع الغيار و التي أغلب المتوفر منها في المحلات من النوع الرخيص المقلد ، و كذلك إن أغلب العاملين في ورش الصيانة ليسوا مؤهلين تأهيلًا كافيًا و لا أقول ممتازًا للتعامل مع أغلب أنواع السيارات و إصلاح أعطالها ، و هذا تقصير من الجهة المانحة لتراخيص ورش الصيانة ، حيث من المفترض أن لا يُصرح لأي شخص بأن يعمل في أي ورشة ما لم يمر باختبارات عملية تتم في جهة ذات خبرة و صلاحية ..
و لنفرض أنها المؤسسة العامة للتعليم الفني و التدريب المهني ، بحيث يحدد من الإختبار كفاءة العامل من الناحية الفنية العملية و يُعطى تصنيفًا مثل فني درجة أولى ، ثانية ، مبتديء و يحدد الأعمال التي يقوم بها في الورشة مثلًا .. ميكانيكي ، كهربائي ، جيربوكس ، مكابح و خلافه ، ثم يعاد له الإختبار كل سنة أو سنتين و يقيم ويعطى تصنيفًا جديدًا أو يسحب منه الترخيص ، و حبذا لو يكون صاحب الورشة من ذوي الخبرة في نفس المجال.
أما قطع الغيار فإن هناك نوعان من القطع .. ظاهري و هو ما يتعلق بجسم المركبة ما عدا الأنوار الأمامية و الخلفية ، و داخلي و هو ما يتعلق بأداء المركبة مثل المكابح ، أجهزة التوجيه و نظام التعليق و غيرها ، فأما الظاهري فليس هناك خطرًا كبيرًا من استخدامه و إنما الخطر الأكبر يكمن في القطع الداخلية ، و التي قد يشتريها صاحب المركبة إما جهلًا منه عن نوعيتها أو لرخص ثمنها كون ذلك يتناسب مع أحواله المادية وقت حاجته لها ، و في كلتا الحالتين ذلك خطأ جسيم.
حبذا لو صاحب انتقال الورش إلى مقرها الجديد في عسفان تنظيمًا للورش و العاملين فيها ، بحيث يكفل لطالبي الصيانة و أصحاب المركبات حصولهم على قطعًا ذات جودة عالية و كذلك صيانة أو إصلاح من شخص مؤهلًا تأهيلاً عاليًا ، يضمن إجراء الصيانة بطريقة فنية صحيحة ينتج عنها أداءً ممتازًا للمركبة حتى لا يُفاجأ قائد المركبة بأنها خذلته عند الحاجة لإيقافها أو تغيير إتجاهها.
لن أتحدث عن الطرق و صيانتها و مفاجأتها و كفاءة السائقين في التعامل مع مختلف الطرق و الأحوال الجوية و غيرها من المتغيرات أثناء القيادة ، فذلك موضوع آخر .. و نسأل الله السلامة لنا و لكم و لجيمع قائدي المركبات و مستخدمي الطرق .
عبدالعزيز مبروك الصحفي
مقالات سابقة للكاتب