حرائق المصانع و المستودعات المستمرة بالمملكة تهدد بكارثة صحية

ما بين تحايل المصانع و عشوائية التخطيط ، تشهد بعض مناطق المملكة التي بها مصانع أو مستودعات للتخزين أو غيره حرائق متكررة في الآونة الأخيرة ، حيث سجلت هذه الحوادث ارتفاعاً ملحوظاً في مدينة جدة بالتحديد ، إذ أن من شروط السلامة و الوقاية و مكافحة الحريق في المستودعات ، أن يكون موقع مباني المستودعات على مسافة آمنة من حدود المباني المجاورة وفقاً لمتطلبات البلديات و الجهات المختصة بذلك ، مع مراعاة أن تقام المستودعات الرئيسية خارج الأحياء السكنية ، و على البلدية باعتبارها صاحبة الحق في منح الترخيص التحقق من استيفاء كافة الاشتراطات ، و موافقات الجهات المعنية قبل منح الترخيص ، و ذلك يعود إلى أن هذه الحرائق تهدد بكارثة صحية للسكان لما تخلفه من سحب دخان محملة بكافة أنواع المواد الخطرة المحترقة ، و لا سيما أن نسبة الأمراض الصدرية ما بين الحساسية و الربو زادت خلال هذه المؤثرات من جراء الحرائق.

و في العدد الصادر من صحيفة “مكة” يوم الأحد 4 جمادى الآخرة 1437 هـ تحت عنوان معامل صناعية وحرائق عبثية تلوث أجواء جدة ، أوضح الدفاع المدني بجدة مباشرته نحو 30 حريقاً شهرياً في الأحياء العشوائية بجدة ، حيث أكد مختصون في البيئة أن أجواء المحافظة و قوة تبخر المواد الضارة بها جعلها الأسوأ بين المدن السعودية . و من جهته أوضح المتحدث الرسمي للدفاع المدني العقيد سعيد سرحان ، أن تعامل الدفاع المدني مع الحرائق داخل النطاق السكاني و المواقع المكتظة يتميز بحساسية عالية من خلال سرعة التحرك و محاولة احتواء الحرائق و أثرها بالسرعة و الكفاءة المطلوبة حتى لا تؤثر على السكان ، إلا أنه أشار إلى أن الحرائق التي تحدث خارج النطاق العمراني تستهلك عمل و جهد الفرق ، خاصة إذا كانت تحوي مواد كيميائية كحرائق الإطارات و غيرها و التي تستوجب استخدام الرغاوى و المواد الملائمة لإخمادها ، مشيراً إلى أن معدلات الحرائق التي يتم التعامل معها شهرياً في تلك المواقع تصل إلى أكثر من 30 و هي حرائق يمكن أن توصف بـ “العبثية” ، و تكون عادة حرائق نفايات أو إطارات في مناطق فضاء شرق أو جنوب جدة و هي حرائق يجب التعامل معها فوراً و لا يمكن إهمالها، مشدداً على أن الدفاع المدني خاطب ملاك بعض المواقع التي شهدت حرائق نفايات أو إطارات و تم إيقاع الغرامات و العقوبات النظامية عليهم.

و في دراسة بيئية توصلت إلى أن سكان عدد من أحياء غرب و جنوب جدة يتعرضون لاستنشاق غاز الميثان بشكل أكبر من بقية الأحياء شمال المحافظة و هو الغاز الذي ينبعث بعد حدوث حرائق الإطارات و النفايات و مخلفات المواد التي تحوي على بلاستيك ، إضافة إلى ارتفاع معدلات تبخر مياه الصرف الصحي في غرب المحافظة خاصة في فصل الصيف.

و في السياق ذاته ، أوضح الخبير البيئي الدكتور علي عشقي أن بعض المصانع و الشركات تستغل الأحياء العشوائية لإنشاء معامل و فروع صناعية مصغرة لعملها ، حتى الورش المتخصصة في الصناعات المختلفة تعد خطرة بيئياً على السكان ، مشيراً إلى أنه قدم دراسة حول معدلات تلوث الهواء في جدة أثبتت فعلياً أن أجواءها تتعرض للتلوث بفعل قرب المصانع من الأحياء السكانية و الحرائق المتكررة للنفايات و الإطارات ، مشيراً إلى أن الأثر الصحي لاستنشاق الغازات السامة كغاز الميثان و غيره تعد آثار مباشرة و ضررها كبير على الصحة العامة للسكان، خاصة إذا كانت معدلات انتشاره كبيرة بالقرب من الأحياء المكتظة و الأحياء السكنية و المدارس و غيرها ، و هذا أمر حله النظام بإخراج كل المصانع و المعامل الصناعية إلى خارج مدينة جدة في مساحات مخصصة و مؤمنة بعيدة عن الإطار السكني للمحافظة و تشديد تطبيق نظام البيئة الصادر عن مجلس الوزراء لتغريم المخالفين و تقرير العقوبات على المعامل و المصانع و الشركات التي تتحايل أو ترفض الخروج من داخل النطاق العمراني أو تنشئ ورشاً أو معامل مخالفة في الأحياء العشوائية.

و بين المختص في التخطيط الحضري الدكتور هاني نقشبندي أن عشوائية تخطيط بعض الأحياء السكنية و سوء تنظيمها و صعوبة الرقابة النظامية فيها هي من تدفع الشركات و المؤسسات الخاصة أو حتى الأفراد بإنشاء معامل أو فروع أو حتى مستودعات خطرة بين السكان ، و هو أمر يتسبب في وقوع حرائق خطرة بيئياً و صحياً على السكان بفعل الغازات المنبعثة منها ، مشيراً إلى أن المطالب المتكررة لوقف مثل هذه المخالفات هو إعادة تنظيم تلك الأحياء لتتواءم مع التخطيط الحضري الملائم لمدينة بحجم محافظة جدة وتحديد مناطق تتمتع بخدمات و بنية تحتية و وسائل سلامة ملائمة لإنشاء المعامل و الخدمات الخاصة بالشركات تكون بعيدة عن الأحياء السكنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *